من واجب اللجان العمالية نشر ثقافة السلامة المهنية
يرى بعض الكتَّاب أن الاهتمام بالسلامة المهنية بدأ مع الثورة الصناعية في أوروبا، إلا أن نظرة فاحصة ترينا أن الإسلام سبق الثورة الصناعية في دعوته إلى السلامة المهنية ومعالجته لهذه المسألة من خلال نظرة أشمل وأعم من النظرة المادية.. قال تعالى: ''وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ''، وفي الحديث الشريف: ''لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ'' (البخاري)، وغير ذلك من الدعوات الصريحة، الموجهة إلى كل إنسان، ربّ عمل كان، أو عامل، بهدف الحرص على السلامة العامة، وقبل كل ذلك شعور العامل بالمسؤولية تجاه الأمانة التي بين يديه، وبالتالي وجوب اتباع أصول السلامة في كل أعماله وتصرفاته.
يمكن القول إن الكتب التي عالجت هذه المسألة اتفقت في غالبيتها على تعريف ''السلامة المهنية'' على أنها: اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الإنسان العامل والممتلكات من المخاطر، وتدخل في مجالات العمل كافة، خاصة القطاع الصناعي، للتقليل من حوادث العمل التي قد تطرأ في موقع العمل، كإصابات العمل نتيجة مسببات خارجية مرتبطة بأداء عمل مدفوع الأجر، وكذلك الأمراض التي قد تصيب العامل داخل بيئة العمل. فمن المسؤول عن تحقيق السلامة المهنية والإحصاءات تقول إن أكثر من 65 ألف إصابة عمل قامت التأمينات الاجتماعية بمعالجتها خلال عام 2010؟ هذه المسؤولية يمكن تقسيمها إلى قسمين:
مسؤولية عامة: يتحملها كل عامل ومسؤول في المنشأة، حيث إن الخطر لا يفرق بين الفرد ومكانته.
مسؤولية إدارية: وهي مسؤولية المشرف المسؤول عن تحقيق السلامة باتباع شروط السلامة وتدريب العاملين عليها والتأكد من توافر أدوات وعوامل السلامة.
فعلى العامل الالتزام باتباع التعليمات والإرشادات وعدم مخالفتها، وأخذ الحيطة عند القيام بعمله كالالتزام بارتداء وسائل الحماية، ثم إبلاغ المشرف بمكامن الخطر لتلافي وقوعها، وعلى المسؤول التأكد من خلو مكان العمل من المخاطر، وتدريب العمال على تجنب الحوادث، والتفتيش الدوري على حقول وميادين العمل.
ومن أهم المواضيع التي يجب على كل القطاعات أخذها في عين الاعتبار، والتي تساعد على تدارك ما لم يكن في الحسان:
1 - دراسة الأخطار المحدقة بمكان العمل من خلال المسح الشامل.
2 - وضع تاريخ للحوادث السابقة لعدم تكرارها، وهذا يساعد على بروز معدلات يمكن استعمالها لاحقا كمؤشرات ومنها: معدل تكرار الإصابات ومعدل شدة هذه الإصابات.
3 - التركيز على تفادي أشد الأخطار أولاً ومن ثم معالجة الأخطار الأخرى.
4 - التفتيش الدوري، والمتابعة والتصحيح والمراقبة الدقيقة، ومن ثم العمل على تطوير الحلول المؤدية إلى السلامة المهنية العالية.
وإذا كان نظام التأمينات في السعودية قد حرص على وجوب الأخذ بأساليب وتقنيات السلامة المهنية حماية للعاملين من خلال النظم الملزمة لأرباب العمل، وحدد لائحة قواعد وإجراءات تطبيق هذه السلامة، كما نص على عقوبات للمخالفين لهذه الأنظمة، فمن واجب اللجان العمالية المشكلة في السعودية أن تقوم بدور فاعل على هذا المستوى من خلال مشاركة الأقسام المعنية في الشركات والمؤسسات لنشر ثقافة السلامة المهنية بين العمال الممثلة لهم، ووضع الاستبيانات التي تساعد القطاعات على رؤية مدى الالتزام بتطبيق قواعد السلامة المهنية، ومن ثم المشاركة في وضع الدراسات والاستراتيجيات المؤدية إلى بروز الوعي بالسلامة المهنية بما يسهم في الحفاظ على العناصر المادية والبشرية، وبالتالي يؤدي إلى الحفاظ على مكاسب العمال وأرباب العمل وزيادة الإنتاجية.