التطوير النفسي للمهارات الشخصية في مجال العمل
إن التعليم عنصر مهم من العناصر التي تصقل قدرات الفرد وتعزز إمكاناته ولا شك في أن الارتقاء بالتعليم يدعم العديد من الجوانب الإيجابية في شخصية الفرد ويطورها ولكن يجب أن نعلم أنه في الحقيقة لا يصنعها ولقد انتشرت في السنوات الأخيرة العديد من الكتب المترجمة التي تتحدث عن موضوعات عدة منها ما يتعلق بـ ''كيف تكون رجل أعمال ناجحا'' ''كيف تكون مديرا ناجحا'' وما شابه ذلك من الكتب التي وجدت إقبالا كبيرا من الأفراد على مستوى العالم وفق كثير من الإحصائيات التي نشرت ولكن السؤال هنا هو.. لماذا يفشل بعض الأفراد في تحقيق دور ما على الرغم من أنهم وصلوا إلى تحقيق شهادات عليا في ذلك المجال؟ فمثلا.. نجد أن الأب يدير شركته الكبرى على الرغم من أن تعليمه غاية في التواضع بينما يفشل ابنه الذي أحضر الدكتوراه من الخارج تخصص إدارة في أن يدير الشركة ذاتها وهذا يعني أن التعليم وحده لا يكفي لتحقيق النجاح في الدور الذي يريد الفرد إنجازه وبذلك نجد واقعيا أن الجوانب النفسية التي يمتلكها الفرد هي المحرك الأول للنجاح وبذلك فإن الفرد يحتاج لكي ينجح إلى محاولات متعددة لما يسمى ''التطوير النفسي للمهارة'' وبلا مبالغة فإن كل جوانب العمل تحتاج إلى هذا النوع من التعليم كما تحتاج أيضا إلى التدريب على تفعيل ذلك التطوير في المجال الميداني تحديدا، ولنأخذ الإدارة مثالا فهي من المجالات الأكثر حيوية وديناميكية في مجال الأعمال وفيها يحتاج المدير إلى تطوير المهارات النفسية لديه من خلال تعلم تلك المهارات وبالتالي تفعيلها في ميدان العمل وهذا يشير إلى أهمية الإنتاج في العمل ولكن الأهم تحقيق الإنتاج مقترنا بتحقيق الراحة النفسية للموظفين ولا يأتي ذلك إلا من خلال ترسيخ مفاهيم التطوير النفسي للمهارة تجريبيا عبر التفاهم وعدم النظر للموظفين من برج عاجي وفتح منابر الحوار والتفاهم وتحقيق الرضا الوظيفي من خلال تقديم التقدير والاحترام والإطراء والمبادرة بالمكافأة والتعزيز وإشعار الموظف بقيمته المعنوية حتى يستطيع فعلا أن يقدم ويعطي ولكن كل تلك الخطوات تحتاج من المدير إلى الفهم العميق لكيفية إدراك تلك الجوانب النفسية لذاته وبالتالي استخدامها كقنوات لتطوير مجال العمل، فمهما كان الفرد كبيرا في السن أو قديما في المهنة ولكن كلمة التقدير والتدعيم تغير الكثير في نفسيته وتعطيه دافعا كبيرا للعمل والعطاء، وفي المقابل فإن تجاهل مثل تلك العناصر في العمل إنما يترك للموظف أو العامل مسارات متعددة للغش والفرار من المسؤولية والتخاذل والغياب وهذا يعني أن احتواء الموظف ومشكلاته واستيعاب أخطائه أمر غاية في الأهمية على الأقل لتحقيق جزء من عنصر الأمانة لدى الموظف وإيجاد الولاء للمؤسسة التي يعمل فيها .. كل تلك المعطيات تحتاج إلى شخصية مميزة خصبة لاستقبال تلك المفاهيم والمكونات النفسية المهمة.