حان الوقت لإصدار قانون الأحوال الشخصية
تلوح في الأفق بوادر على الموافقة المبدئية لإقرار قانون الأحوال الشخصية. لن أخوض في شرح عمق التحديات التي واجهتها الجهات التشريعية والتنفيذية لإقرار هذا القانون المهم، ولكني سأسعى لتبسيط الخلفية التاريخية التي أدت أخيراً للموافقة على إصداره.
في عام 1996 اعتمد مجلس التعاون الخليجي وثيقة مسقط لنظام الأحوال الشخصية، ثم جرى تمديد العمل بها أربع سنوات أخرى بقرار المجلس الأعلى في كانون الأول (ديسمبر) 2000. وفي عام 2004 قرر المجلس الأعلى تمديد العمل بهذه الوثيقة بصفة استرشادية لمدة أربع سنوات أخرى.
وفي عام 2005 صدر توجيه في المملكة بتشكيل لجنة عليا لصياغة قانون الأحوال الشخصية. أحيلت هذه المهمة إلى هيئة الخبراء في مجلس الوزراء للبت في كيفية تشكيل اللجنة التي ستصوغ القانون.
من الواجب هنا التنويه إلى أن الباحثة في الشؤون الصحية الدكتورة هالة الدوسري، بذلت جهوداً تشكر عليها مع مجموعة من المهتمين والمهتمات بالشأن العام بدراسة "وثيقة مسقط" وإضافة بعض التفاصيل عليها.
تم تمديد العمل بالوثيقة عام 2010 كنظام استرشادي في دول مجلس التعاون لمدة أربع سنوات، تتجدّد تلقائياً حال عدم ورود ملاحظات عليها من الدول الأعضاء.
المشروع مكون من 282 مادة، تضمنت أحكاماً متعلقة بالأسرة من زواج وطلاق وإرث وما إلى ذلك من قضايا تخص الأسرة مستقاة من الشريعة الإسلامية.
في نهاية عام 2010 أشارت تقارير لقيام وزارة العدل بإنشاء ثماني محاكم أحوال شخصية تُعنى بالقضايا الزوجية وما يتعلق بالشأن الأسري في ثماني مناطق تشتمل على أقسام نسائية. في تلك الفترة، قرأنا تقارير تشير إلى توسع وزارة العدل بافتتاح مكاتب إصلاح ذات البين داخل المحاكم وتطوير عملها ودعمها بعديد من الكوادر المؤهلة بعد أن أثبتت التجربة نجاحها في حل كثير من الخلافات الزوجية وقضايا الأحوال الشخصية.
ولكن في يناير 2011 رمى المتحدث الرسمي في وزارة العدل الشيخ منصور القفاري الكرة في ملعب هيئة كِبار العلماء ومجلس الشورى؛ لأن وزارة العدل حسب رأيه "جهة تنفيذية وليست جهة تنظيمية، فلا تملك إصدار أنظمة مثل مدونة أحكام الأسرة".
أما آخر التطورات، فهو نفي المتحدث الرسمي لوزارة العدل فهد بن عبد الله البكران هذا الأسبوع، أنه ليس ثمة قانون للأحوال الشخصية تعرف عنه الوزارة.
حان الوقت لإقرار قانون الأحوال الشخصية بصيغته النهائية. حان الوقت ليكون لدينا قانون ينظم العلاقات بين أفراد الأسرة فيما بينها، ويوضح حقوق المرأة والطفل والغائب والمجهول. حان الوقت ليصبح لدينا قانون معتمد وموثق يحكم في قضايا مقدمات الزواج من الخطبة والمهر والنكاح وأركانه وشروطه وواجباته. حان الوقت ليصبح لدينا قانون يحكم بالعدل والإحسان في قضايا الإرث بجميع أنواعه والهبات وحقوق الأبناء وقضايا النفقة والحضانة وحق النسب.
الأسرة هي الخلية الأساسية لبناء المجتمع ولها الحق في التمتع بحماية المجتمع والدولة.