تزايد المنافسة أمام صادرات السعودية النفطية في 2014
ارتفع إجمالي الإيرادات الحكومية إلى مستويات قياسية في عام 2012م، وذلك بسبب النمو الكبير في الإيرادات النفطية التي سجلت مستوى قياسيا هي الأخرى. وعكس ارتفاع الإيرادات النفطية في ذلك العام ارتفاعاً قياسياً في متوسطات الأسعار السنوية وأحجام الصادرات النفطية، إلا أن التراجع المحدود في أسعار النفط خلال عام 2013م تسبب في تراجع محدود في الإيرادات النفطية في عام 2013م والتي تشكل أكثر من 90 في المائة من الإيرادات الحكومية. وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في الإيرادات غير النفطية إلا أن إجمالي الإيرادات الحكومية تراجع في عام 2013م. ويرى معظم المراقبون لأسواق النفط العالمية ارتفاع فرص فرضية حدوث ضعف في أسعار النفط وضغوط على حجم الإنتاج المحلي وأحجام الصادرات خلال عام 2014م. وستتراجع أحجام الصادرات النفطية بسبب النمو المتواصل في الطلب المحلي وزيادة عروض المنتجين الآخرين بمستويات تفوق النمو في الطلب العالمي على النفط الخام.
وتشير معظم التوقعات إلى تحسن طفيف في معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2014م من مستويات العامين الحالي والماضي، واقترابه من نسبة 3 في المائة في عام 2014م ما لم تحدث هزات سلبية غير متوقعة في الاقتصادات الرئيسة. وسيدعم هذا النمو مستويات الطلب العالمي على النفط، وسيخفف من آثار توسع إنتاج بعض الدول الأعضاء في أوبك أو خارجها. وسيأتي معظم النمو الاقتصادي والطلب على النفط من الاقتصادات الناشئة والنامية والتي ستنمو بنحو ضعف نمو الدول المتقدمة، وسيتركز معظم النمو في آسيا، خصوصاً في الصين وباقي نمور آسيا.
وستزداد المنافسة أمام صادرات المملكة النفطية - التي توفر معظم الإيرادات العامة - وذلك من خلال الزيادة المتوقعة في إنتاج الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك، وخصوصاً الولايات المتحدة التي سيرتفع إنتاج النفط الخام فيها إذا ظلت الأسعار قريبة من مستوياتها الحالية. وتشير توقعات إدارة الطاقة الأمريكية إلى احتمال تراجع واردات الولايات المتحدة بنحو مليون برميل يومياً خلال عام 2014م. وهذا التراجع سيكون أقل من بقليل من مستويات النمو في حجم الطلب المدفوع بالنمو الاقتصادي العالمي. وسيغطي نمو إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بشكل تقريبي الزيادة في الطلب العالمي على النفط العام القادم. وهذا يولد ضغوطاً على أعضاء أوبك للحفاظ على الحصص الحالية ورفع مستويات التنسيق فيما بينها. من جهةٍ أخرى، فإن هناك احتمالا لبروز ضغوط من داخل المنظمة لزيادة إجمالي إنتاج أعضائها. وتأتي هذه الضغوط نتيجةً للعودة المتوقعة لإنتاج بعض أعضائها إلى مستويات سابقة، فقد تراجع إنتاج إيران والعراق وليبيا خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الظروف السياسية والأمنية. وقادت العقوبات المفروضة على إيران إلى فقدها أكثر من مليون برميل من إنتاجها وصادراتها. وستحاول إيران خلال العام القادم رفع الصادرات النفطية إلى مستوياتها السابقة لدعم اقتصادها وقطاعها الخارجي الذي يعتمد على الصادرات النفطية. وقد أدى تخفيف العقوبات الاقتصادية إلى رفع صادرات إيران من النفط من نحو 715 ألف برميل في شهر أكتوبر 2013م إلى نحو مليون برميل في شهر نوفمبر من العام نفسه. وستحاول إيران زيادة صادراتها النفطية خلال العام القادم وذلك لتحسين الأحوال المعيشية للشعب الإيراني. وتسعى جارتها العراق إلى زيادة إنتاجها خلال العام القادم والاستمرار في رفع صادراتها المتزايدة خلال السنوات القليلة الماضية. وارتفع إنتاج العراق النفطي بنحو نصف مليون برميل يومياً خلال العامين الماضيين. وتملك العراق احتياطيات ضخمة من النفط ولكن الأوضاع السياسية غير المستقرة تحد من قدرتها على التوسع بالسرعة التي ترغبها. وتعاني ليبيا عدم استقرار في إنتاجها النفطي، بسبب حالة التجاذب السياسي والفوضى الأمنية في حقول وموانئ تصدير النفط، مما خفض إنتاجها بنحو مليون برميل عند نهاية عام 2013م من مستوياته في العام السابق.
إن تحسن الظروف السياسية والبيئة الأمنية في كل من إيران والعراق وليبيا سيضيف بعض الإنتاج النفطي خلال العام القادم ويضخ ما بين مليون ومليوني برميل من النفط إلى الأسواق خلال العام القادم، وستؤدي هذه الزيادة أما للضغط على أسعار النفط أو الضغط على حصص الدول الأخرى في منظمة أوبك. ولهذا فإن حدوث تحسن كبير في البيئة الأمنية والسياسية المؤثرة في إنتاج النفط في هذه الدول قد يجبر الدول الأخرى على خفض إنتاجها لوقف أي تراجع كبير في الأسعار. ونتيجةً لهذه المعطيات لا يتوقع معظم المختصين أن تحافظ أسعار النفط ولا كميات الإنتاج على مستوياتها المرتفعة خلال العام القادم مما سيقود إلى الضغط على إيرادات المملكة النفطية ودفعها للتراجع خلال عام 2014م. وسيتوقف التراجع على مستويات تحسن إنتاج النفط في أربع دول هي الولايات المتحدة وليبيا والعراق وإيران وعلى معدلات نمو الاقتصاد العالمي.