أيهما أصح .. صناعة أم قطاع؟
قد يعتقد البعض أن مصطلحي "صناعة" و"قطاع" مصطلحان متشابهان لوصف أحد جوانب الاقتصاد، حيث تتناقل وسائل الإعلام المختلفة أو متحدثو الوزارات والمنظمات الرسميون إطلاق صناعة أو قطاع على الأعمال والمهام التي تشرف عليها أو تقوم بها تلك المنظمات. فهل نقول قطاع الطاقة أم صناعة الطاقة؟ قطاع التعدين أم صناعة التعدين؟ وهكذا مع بقية البرامج ودوائر العمل الاقتصادية لكل منظمة، وسنرى أن مصطلحي "صناعة" و"قطاع" مختلفان ولكل منهما مفاهيم متباينة ومعان مختلفة.
تشير الصناعة إلى مجموعة محددة من الشركات التي تعمل في مجالات أعمال وأنشطة تجارية متماثلة، ويتم إنشاء الصناعات عن طريق تقسيم القطاعات إلى مجموعات أكثر تحديدا. وتشمل أمثلة الصناعات البنوك وإدارة الأصول والتأمين، وتقدم الشركات التي تندرج في الصناعة نفسها منتجات أو خدمات مماثلة وتتنافس على العملاء الذين يحتاجون إليها.
وبالتالي، ستتنافس البنوك مع بعضها بعضا على العملاء الذين يحتاجون إلى حسابات جارية وحسابات توفير، بينما تتنافس شركات إدارة الأصول على عملاء الاستثمار. ويمكن تصنيف الصناعات إلى مجموعات أو صناعات مفصلة أكثر تحديدا، على سبيل المثال، يمكن تقسيم صناعة التأمين إلى أقسام مختصة مختلفة مثل التأمين على المساكن والسيارات والحياة والتأمين على الشركات.
من جانب آخر، نرى أن القطاع جزء عام من الاقتصاد الوطني حيث يحتوي على صناعات متعددة، ويمكن تقسيم الاقتصاد إلى قطاعات عدة يمكن أن تصف كل نشاط تجاري. على سبيل المثال، يشمل قطاع الطاقة في الاقتصاد الشركات التي تتعامل مع الغاز الطبيعي والكهرباء والبترول والفحم والطاقة المتجددة والنووية، ومراحل إيصال الطاقة إلى السوق، بدءا من الاستخراج حتى نقل المنتج النهائي والتسويق. ويشمل قطاع النقل صناعة السيارات والقطارات والنقل بالشاحنات والطيران. وقد قسم الاقتصاد الأمريكي القطاعات إلى أربعة مستويات مختلفة حسب طبيعة القطاع: الابتدائية والثانوية والثالثة والرباعية، بحسب ما جاء في معيار تصنيف الصناعة العالمي، الذي طور من قبل مؤشرات MSCI وS&P Dow Jones لمساعدة المستثمرين على فهم الأنشطة التجارية الرئيسة للشركات في جميع أنحاء العالم. وقد أشار البعض إلى ضم مفهوم القطاع لكل من الوزارة ومنظم الخدمات ومقدمي الخدمة والعملاء أو كامل نطاق المتسلسلة، بينما تقع الصناعة في محيط مقدمي الخدمة فقط، لكن لا يوجد في الأدبيات ما يدعم هذا التعريف.
إن مفهوم "الصناعة" مهم عند الاستثمار، لأن المستثمر يستطيع مقارنة شركات مختلفة داخل الصناعة نفسها لاشتراكها في المواصفات نفسها تقريبا أو عمليات الإنتاج أو نوع العميل أو التقارير المالية أو الاستجابة للمتغيرات المختلفة.
علاوة على ذلك، تشهد أسهم الشركات في الصناعة نفسها عادة تحركات الأسعار في الاتجاه نفسها لأنها تتأثر بالعوامل نفسها ومتغيرات السوق. ويمكن للمستثمرين استخدام القطاعات كوسيلة لتصنيف الأسهم التي يستثمرون فيها، مثل الطاقة والاتصالات والنقل والرعاية الصحية والمالية، لأن كل قطاع له خصائصه وأخطاره الخاصة المرتبطة به. ومن الضروري تقييم الشركات الموجودة داخل الصناعة أكثر من تلك الموجودة في القطاع بأكمله لأن كل قطاع يحتوي على عديد من الصناعات المختلفة. قد يستخدم مصطلحا صناعة وقطاع معا في بعض الأحايين، ولكن لكل منهما معاني مختلفة تهم المستثمرين والمحللين، ويقوم القطاع بتجميع الصناعات بناء على قواسمها المتماثلة المشتركة ووفقا لنوع القطاع الذي تتناسب فيه ممارساتها التجارية. إن تجميع الشركات في فئات محددة أو صناعات معينة يبرز أوجه التشابه بينها ويسمح برؤية ومقارنة أكثر فاعلية لوظائفها وأنشطتها التشغيلية ونتائج أعمالها، وبالتالي يمكن إدارة الاقتصاد وقياس الأداء ورفع التنافسية بشكل أمثل وصورة أفضل.