الشمس والبترول .. في المعادلة الجديدة
الشمس التي يشتكي الجميع من حرارتها هذه الأيام لها فوائد عديدة فهي ليست فقط مصدرا للدفء الطبيعي وتعويض فيتامين "د" لكنها ستدخل منافسا قويا في المعادلة الجديدة للطاقة والمعروفة باسم (مزيج الطاقة) ضمن البرنامج الوطني للطاقة المتجددة وهو من أهم برامج رؤية 2030 .. وتضم المعادلة الجديدة التوازن بين إنتاج النفط الذي تعد السعودية من أكبر المنتجين والمصدرين له عالميا وطالما تحملت النقد من بعض الدول الغربية بالذات بدعوى أنها لا تهتم بالاشتراطات الخاصة بحماية البيئة -على الرغم من تشكي هذه الدول في حال خفض إنتاج البترول-.. ولا ترغب باعتماد الطاقة النظيفة والمتجددة ..
وهدف هذه الدول أن تتخلى الدولة المنتجة عن إعادة تصنيع مشتقات البترول وتصدره لهم بأرخص الأسعار وجاء الرد الآن مع الإدارة السعودية القوية بأننا لن نتخلى عن البترول وإنما سنعتمد معادلة جديدة تضم مزيجا من الطاقة التقليدية والمتجددة .. خاصة وأن بلادنا غنية بالموارد الطبيعية والشمس والرياح أما البترول فسيدعم التصنيع لدينا مع تصدير ما يفيض عن الحاجة بسعر السوق العالمي الذي يتم التوافق عليه بين الشركاء في المنظومات ذات العلاقة ..
وعودة إلى الطاقة المتجددة أشير إلى حدث مهم في الأسبوع الماضي وهو إطلاق مشروع المسح الجغرافي لمشاريع الطاقة المتجددة في السعودية حيث اسندت عقود تنفيذ المشروع إلى شركات وطنية لتركيب 1300 محطة لرصد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع مناطق السعودية ..
وفي تصريح لوزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان خبير الطاقة العالمي الذي لا يتحدث إلا بأدق التفاصيل لمواكبته رحلة إنتاج الطاقة في بلادنا أن المشروع يعد الأول من نوعه عالميا من حيث التغطية الجغرافية لجميع مناطق السعودية وذلك من خلال مسح 850 ألف كيلو متر مربع بعد استثناء المناطق المأهولة بالسكان ومناطق الكثبان الرملية وقيود المجال الجوي وهي مساحة تعادل مساحات دول بأكملها حيث إنها على سبيل المثال تعادل تقريبا مساحة بريطانيا وفرنسا معا أو ألمانيا وإسبانيا مشيرا سموه أنه لم يسبق لأي دولة في العالم أن قامت بمسح جغرافي من هذا النوع على مثل هذه المساحة .. وقال إن المشروع سيسهم في تحديد أفضل المواقع لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة في مناطق السعودية من حيث حجم موارد الطاقة وأولوية تطوير مشاريعها.
وأخيرا: أهمية الطاقة الشمسية والمائية والرياح أنها لا تتسبب بأي انبعاثات ضارة بالبيئة مثل الطاقة الناتجة عن النفط والغاز والفحم ولذا فإن هدف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة هو رفع إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل إلى 60 جيجاواط بحلول 2030 منها 40 جيجاوط من الطاقة الشمسية و20 من طاقة الرياح ومصادر أخرى كما يتكامل عمل وزارة الطاقة مع صندوق الاستثمارات العامة ضمن البرنامج بهدف توطين صناعة الطاقة المتجددة عبر أولويات تتضمن تحديد سعر منافس لتوليد الطاقة وجذب استثمارات القطاع الخاص وتشجيع الابتكار عن طريق المنافسة وتطوير مشاريع طاقة متجددة عملاقة مع تصدير منتجاتها وفق رؤية أن تكون السعودية بلدا مصدرا للطاقة بجميع أنواعها وليس النفط فقط، مع الحفاظ على البيئة بالحد من الانبعاثات الضارة خلال مرحلة إنتاج البترول أو من خلال مبادرات تعزيز الغطاء النباتي في مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر.