الشمول الاقتصادي والحد من الفقر

في الوقت الذي يواجه فيه العالم مخاوف معقدة، مثل الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ في جميع أرجائه، غالباً ما تكون المجتمعات الأكثر فقراً هي الأكثر تضرراً والأكثر صعوبة في مساندتها.
ومن أجل التصدي لهذه المشكلات الملحة، وضعت مجموعة البنك الدولي أهدافاً طموحة لتوفير تدابير الحماية الاجتماعية لما لا يقل عن 500 مليون نسمة بحلول عام 2030، منهم 250 مليون امرأة.
وبينما نعمل على تحقيق هذه الأهداف، فإن برامج الشمول الاقتصادي، التي تساعد على زيادة الدخل والأصول لدى الفئات الأشد فقراً حول العالم، ستكون في غاية الأهمية نظراً لكونها مسارات مثبتة الجدوى في تحسين فرص العمل وتوفير الحياة الكريمة. وتعمل هذه الجهود على دفع عجلة التغيير من خلال وضع بعض الحلول، مثل التحويلات النقدية الرقمية، والتدريب على المهارات، وتوفير رأس المال للشركات، والتوجيه، وكذلك النفاذ إلى الأسواق، ما يسهم في كسر حلقة الفقر وبناء القدرة على الصمود.
وعلى الصعيد العالمي، ووفقاً لتقرير حالة الشمول الاقتصادي الجديد لعام 2024 الصادر عن الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي التي يستضيفها البنك الدولي، فإن مبادرات الشمول الاقتصادي في زيادة مستمرة، حيث باتت برامجها تغطي حالياً 15 مليون أسرة، ويستفيد منها أكثر من 70 مليون شخص موزعين على 88 بلداً حول العالم. وغالباً ما تكون البرامج التي تقودها الحكومة في صدارة هذه الجهود، حيث وصلت إلى ما يقرب من 75% من هذه الأسر، غير أن المنظمات غير الحكومية تقدم مساندة إضافية، وتسهم في توسيع مظلة تغطية هذه البرامج.
والكفاح من أجل الحد من الفقر المدقع لم ينته بعد، حيث لا يزال ما يقرب من 700 مليون نسمة يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم، ويواجه كثير منهم انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويستند التقرير الأخير إلى النتائج التي تم التوصل إليها في عام 2021، ويعرض الإمكانات الهائلة لتوسيع نطاق برامج الشمول الاقتصادي في الوقت الذي نعمل فيه على القضاء على الفقر.
يتمثل أحد الآثار الرئيسية لبرامج الشمول الاقتصادي في قدرتها على توفير عمل مدفوع الأجر للنساء والشباب، غير أنه لا يزال هناك كثير مما يمكن عمله. وتستهدف 90% من هذه البرامج فئة النساء، لكن ثلثها فقط يركز بوضوح على تمكين المرأة اقتصادياً. ويمكن لبعض التغييرات في تصميمها لمعالجة قضايا مثل الأعراف الاجتماعية وأعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر والعقبات القانونية والتنظيمية أن تزيد على تأثير هذه الجهود.
وتمثل بطالة الشباب أولويةً أخرى، ولا سيما في المناطق التي تتزايد فيها أعدادهم. ويستهدف ما يقرب من ثلثي برامج الشمول الاقتصادي فئة الشباب، حيث تشجع العمل الحر بشكل رئيسي في المناطق الريفية. وفي المناطق الحضرية، يمكن للبرامج التي تساعد على توسيع نطاق العمل بأجر من خلال التدريب على المهارات، والتلمذة المهنية، والشراكات مع جهات التشغيل وأرباب العمل أن توفر فرصاً اقتصادية أكثر تنوعاً واستدامة للشباب.
يتطلب توسيع نطاق تغطية برامج الشمول الاقتصادي للوصول إلى مزيد من الأشخاص قدراً أكبر من الكفاءة والجودة في تنفيذها. ويمكن لأنظمة التنفيذ التي تقودها الحكومات، التي تدعمها التكنولوجيات الرقمية، وتدخل في شراكات مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية والقطاع الخاص أن توسع نطاق تغطية برامج الشمول الاقتصادي بشكل كبير.
وهذا النهج المرن، الذي يكيف البرامج مع الاحتياجات والنواتج المحلية حتى تتمكن من النجاح في توسيع نطاق تغطيتها، يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من أنظمة الحماية الاجتماعية الوطنية. ويعد النموذج المتكامل لتوفير فرص العمل للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً من السكان، المدعوم بأنظمة الحماية في أوقات الأزمات، خياراً استثمارياً ذكياً، لأي حكومة تلتزم بمكافحة الفقر ومنح جميع مواطنيها مجال عمل متكافئا للارتقاء على سلم الفرص.
.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي