أسباب تدعوك إلى التفاؤل .. رغم كل شيء

أسباب تدعوك إلى التفاؤل .. رغم كل شيء

هل أنت متفائل بـ2024؟ يبدو أن الإجابة من المنتدى الاقتصادي العالمي هي "لا، بالطبع".
في كل عام، يطلب المنتدى الاقتصادي العالمي من 1,500 "من مجتمعه" - نخبة من قادة الأعمال، والأكاديميين، والسياسيين وغيرهم - ذكر المخاطر الرئيسة، ثم يناقش ذلك مع شركة مارش ماكلينان ومجموعة زيورخ للتأمين. وقد تجعل القراءة الأخيرة، التي صدرت قبل الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الشهر، حتى بوليانا - شخصية خيالية تحاول دائما إيجاد الجانب المشرق في أي موقف سيئ - تبكي.
من الواضح أن أعضاء دافوس لديهم "نظرة مستقبلية سلبية في الغالب للعالم على مدى العامين المقبلين، من المتوقع أن تتفاقم خلال العقد المقبل"، مع استعداد 54 في المائة منهم "لبعض عدم الاستقرار وخطر معتدل لحدوث كوارث عالمية" في المدى القصير، و30 في المائة يتوقعون حدوث اضطرابات شديدة.
وعلى المدى الطويل، يرى 91 في المائة "ارتفاع مخاطر الكوارث العالمية"، أو ما هو أسوأ، مع هيمنة القضايا البيئية على قائمة القلق، إلى جانب الصراع الاجتماعي، والحروب، والتهديدات الإلكترونية و"المعلومات المضللة". وقد تكون حتى هذه القراءة متفائلة للغاية لأن الاستطلاع أجري في سبتمبر، أي قبل الصراع الأخير في الشرق الأوسط.
حتى الآن، قراءة محبطة للغاية. لكن هناك أمرا غريبا: هذه الكآبة، التي تبدو حتى أسوأ مما كانت عليه أثناء الأزمة المالية في 2008، نشأت وسط اقتصاد عالمي ليس كارثيا إلى هذا الحد. على العكس من ذلك، تشير التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى نمو 2.9 في المائة في 2024، أي أقل من الأعوام السابقة، لكن ليس كسادا.
يبدو إذن أن نخبة المنتدى الاقتصادي العالمي ــ مثل المستهلكين الأمريكيين - تعاني حاليا انحيازا نفسيا عميقا نحو التشاؤم.
لماذا؟ أحد التفسيرات المحتملة هو أن قادة الأعمال غير مجهزين للتعامل مع المخاطر الحالية: فقد قامت درجاتهم في ماجستير إدارة الأعمال بتدريبهم على وضع نماذج للقضايا الاقتصادية، وليس على تحليل مشكلات مثل الحرب.
وثمة عامل آخر ذو صلة، وهو أنه بينما اعتاد الحاضرون في دافوس على افتراض أن التاريخ يسير في خط مستقيم نحو مزيد من العولمة، ورأسمالية السوق الحرة، والابتكار والديمقراطية، فإن كل هذه الأشياء تتعرض الآن للهجوم. يبدو العالم مشابها إلى حد غريب لذلك الذي وصفه جون ماينارد كينز قبل قرن من الزمن في كتابه "العواقب الاقتصادية للسلام"، يبدو أن "التقدم" والتاريخ يسيران في الاتجاه المعاكس.
وأخيرا، هناك تحيز للاهتمام: فالأخبار السيئة تباع بشكل أفضل من الأخبار الطيبة، وعادة ما تسأل استطلاعات الرأي مثل استطلاع المنتدى الاقتصادي العالمي عن المخاطر السلبية، وليس الإيجابية. وقد ظهرت مبادرات عبر الإنترنت في الأعوام الأخيرة لمواجهة هذا الأمر، لكن لم يكن لها تأثير يذكر في عصر يمكن للأخبار السيئة أن تنتشر فيه بشكل أسرع وتنتشر على نطاق أوسع من أي وقت مضى.
لذا أعتقد أنه يتعين علينا جميعا في بعض الأحيان أن نقلب سؤال المنتدى الاقتصادي العالمي ونسأل: ما أهم عشرة احتمالات إيجابية في الوقت الحالي، الأشياء التي قد تسير في الاتجاه الصحيح بدلا من أن تسير على نحو خاطئ؟ إليكم إجابتي عن هذا التمرين الفكري.
أولا، يحقق العلم اكتشافات في مجال الطاقة المتجددة قد تحقق قفزة تغير قواعد اللعبة في مجال التكنولوجيا الخضراء، خاصة أنه تم استثمار نحو 1.8 تريليون دولار في الطاقة الخضراء في 2023 وحده.
ثانيا، تتسارع وتيرة البحث في علوم الحياة، ويتم تعزيزها مع نشر أدوات الذكاء الاصطناعي. وقد يؤدي هذا إلى مزيد من الاكتشافات الطبية قريبا، بمساعدة تجربة كوفيد - 19، التي علمت العلماء التعاون عبر الحدود والمؤسسات على نطاق لم يسبق له مثيل.
ثالثا، مع توقع أن يكون لدى العالم 18 مليار هاتف محمول في 2025، أصبح الآن بمقدور ملايين من الناس الوصول إلى المعلومات لأول مرة. وتظهر "حزمة التكنولوجيا" في الهند الجانب الإيجابي من هذا فيما يتعلق بالشمول المالي والتعليم.
رابعا، يؤدي القلق "المبرر" بشأن مخاطر الذكاء الاصطناعي إلى التشجيع المتأخر على المناقشة حول الأطر التنظيمية. من بين التطورات الأخيرة التي لم تحظ بالقدر الكافي من الاهتمام هو أن الولايات المتحدة والصين دعمتا مبادرة مشتركة للأمم المتحدة في هذا الشأن.
خامسا، قد تنفذ البنوك المركزية تشديدا كميا من دون إثارة أزمة مالية شاملة هذا العام. لقد كان تأثير التيسير الكمي أفضل مما توقعه كثير من الناس "وأنا منهم"، وكانت الصدمات مثل انهيار بنك وادي السيليكون قصيرة الأجل.
سادسا، رغم أن مستويات الديون مثيرة للقلق، إلا أن هذا لم يتسبب في إشعال شرارة أزمة ديون سيادية في العالم المتقدم "حتى الآن"، وقد لا يحدث ذلك في الأمدين القريب إلى المتوسط.
سابعا، قد يستمر التضخم في الانخفاض مع تخفيف صدمات سلسلة التوريد "أو، بشكل أكثر دقة، تتكيف الشركات مع عالم تحتاج فيه إلى إدارتها بشكل أفضل".
ثامنا، قد تدفع المخاوف بشأن المخاطر الاقتصادية للحمائية بكين وواشنطن إلى تعزيز العلاقات التجارية. نعم، تراجعت مستويات التجارة العالمية في العام الماضي، لكنها تظل قريبة من مستويات قياسية، حتى بين الولايات المتحدة والصين.
تاسعا وأخيرا، الطغاة الذين يزرعون الخراب اليوم لن يدوموا إلى الأبد.
فهل هذه القائمة غير واقعية؟ أنا صحافية وتدربت على التشاؤم، والمخاطر التي حددها المنتدى الاقتصادي العالمي حقيقية. لكن سواء أكان الأمر مثل الشخصية الشبيهة ببوليانا أم لا، فأود أن أحثها على إضافة قسم "المخاطر الإيجابية" إلى المسح الذي تجريه في العام المقبل. قد لا يحتل عناوين الأخبار، لكن قد يجده المستثمرون أكثر إثارة للاهتمام.

الأكثر قراءة