أزمة المساكن البريطانية .. الواقع أسوأ مما تشير إليه الأرقام

أزمة المساكن البريطانية .. الواقع أسوأ مما تشير إليه الأرقام
أزمة المساكن البريطانية .. الواقع أسوأ مما تشير إليه الأرقام

بدا مصنع غاز سابق مهجور يقع بالقرب من وسط مدينة كوفنتري سريعة النمو -موطن شركة صناعة السيارات جاكوار لاند روفر- مكانا مثاليا لإعادة تطويره. من المؤكد أن أحد مفتشي التخطيط المحليين فكر في ذلك عندما وافق أخيرا على خطط لبناء 700 منزل في الموقع.
لكن القرار في أكتوبر الماضي لم يأت إلا بعد عدة أعوام من المفاوضات، ورفضين واحتجاج مجتمعي. خلال ذلك، قام المطور، شركة كومبليكس ديفيلوبمنت بروجيكتس (سي دي بي)، والمجلس بتعديل كل شيء بدءا من ارتفاع المبنى حتى أنماط الطوب - ما ترك مستشار التخطيط "في حيرة تامة" من اعتراضات السكان.
كان بعض الباحثين والمعلقين أقل دهشة. ويلقون باللوم على ما يسمى ظاهرة "النيمبية" -"ليس في فناء منزلي الخلفي"- في وقف أو تعطيل المئات من مخططات بناء المنازل في جميع أنحاء البلد في وقت يعاني فيه البلد نقص المنازل.
تعاني المملكة المتحدة الآن عجزا قدره 4.3 مليون منزل جديد، وفقا لأحد المعايير، ما أسهم في زيادات قياسية في الإيجارات، وارتفاع أسعار المنازل، وإدراج 1.2 مليون شخص في قوائم الإسكان التابعة للسلطات المحلية.
هذا النقص ليست له تكاليف بشرية كبيرة وواضحة فحسب، بل إنه يزيد أيضا من ركود اقتصاد البلد، وهو ما يتفق عليه كثيرون من مختلف ألوان الطيف السياسي.
يقول جون مايرز، مؤسس تحالف يمبي، الذي يقوم بحملات من أجل بناء مزيد من المنازل (يمبي اختصار "نعم في فناء منزلي الخلفي"): "من الصعب للغاية تحقيق النمو الاقتصادي ما لم تكن هناك منازل احتياطية للعمال الذين ترغب الشركات المتنامية ذات الأجور المرتفعة في توظيفهم".
أخبر اللورد سيمون ولفسون، الرئيس التنفيذي لشركة نكست وأحد المحافظين، حلقة نقاش في ديسمبر أن نظام التخطيط يضع كثيرا من السلطة "في أيدي الأشخاص الذين يملكون بالفعل" وأنه "يبطئ، ويمنع ويزيد تكلفة بناء منازل جديدة".
وكلاهما من بين عدد متزايد من الأشخاص الذين يشيرون بأصابع الاتهام إلى نظام التخطيط الذي يجعل بناء المنازل وغيرها من مرافق البنية التحتية الحيوية أمرا بالغ الصعوبة والبطء والتكلفة، في المناطق التي تشهد نموا اقتصاديا قويا حيث تشتد الحاجة إليها.
قبل الانتخابات المحتملة في عام 2024، يعد كل من حزبي العمال والمحافظين بإصلاح التخطيط رغم فشلهما في تحقيقه في الماضي.
قام زعيم حزب العمال السير كير ستارمر -الذي يعد نفسه أحد المؤمنين بشعار "يمبي"- بإجراء تغييرات شاملة على كيفية بناء إنجلترا للمنازل كموضوع رئيس في خطابه في مؤتمر حزبه في أكتوبر في عام 2023. (تم نقل التخطيط إلى حكومات ويلز، واسكتلندا وأيرلندا الشمالية).
ويقول ستارمر، الذي يتمتع حزبه بتقدم كبير في استطلاعات الرأي: إنه سـ"يتخطى" عقبات التخطيط الروتيني، ليس فقط لتحقيق الهدف، بل لتجاوزه -وهو الذي حدده المحافظون في عام 2019 لكن تم التخلي عنه في عام 2022 بعد تمرد في المقاعد الخلفية- بناء 300 ألف منزل جديد في إنجلترا سنويا. وفي الوقت نفسه، وضع الديمقراطيون الليبراليون هدفا أكثر طموحا وهو 380 ألف منزل.
وأكد مايكل جوف وزير الإسكان المحافظ، خططا في ديسمبر من شأنها تجريد السلطات المحلية من صلاحيات التخطيط إذا فشلت في تقديم خطط تطوير محدثة. لكنه لم يصل إلى حد جعل الأهداف الحكومية لبناء المنازل إلزامية، ما دفع المنتقدين إلى التأكيد على أن كثيرا من السلطات ستخفف الخطط وتوافق على عدد من المنازل يقل عما تفوق الحاجة إليه.
بدأت الموافقات في الانخفاض بالفعل بعد سلسلة من ارتفاعات أسعار الفائدة، حيث اقترب عدد المنازل الحاصلة على إذن التخطيط في العام المنتهي في سبتمبر 2023 من انخفاض بمقدار الربع مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، عندما كانت أسعار الفائدة أقل بكثير. ومع موافقة ثلثي الناخبين على أن قضايا الإسكان تفاقمت في عهد المحافظين، فلدى حزب العمال دافع واضح لشن حملة بشأن هذه القضية.
تظهر تجارب البلدان الأخرى أن إصلاحات التخطيط المدروسة يمكن أن تحدث فرقا حقيقيا. حيث كان إصلاح التخطيط في فرنسا في مطلع الألفية له الفضل في تعزيز المعروض من المساكن بأسعار معقولة، بينما عنى تخفيف قواعد التنمية في اليابان أنه في بعض الأعوام بعد الأزمة المالية، بدأت طوكيو وحدها في بناء منازل أكثر من إنجلترا بأكملها. وأضاف كل من البلدين، وغيرهما، عددا من المساكن للفرد أكبر بكثير من المملكة المتحدة والبلدان التي لديها أنظمة تخطيط مشابهة، مثل أيرلندا.
لكن السؤال في المملكة المتحدة هو ما إذا كان السياسيون من أي من الحزبين قادرين على التوصل إلى شيء جريء بما فيه الكفاية لتسريع بناء المنازل إلى مستوى لم نشهده منذ السبعينيات دون استعداء أولئك الذين يحتاجون إلى أصواتهم لوضعهم أو إبقائهم في مناصبهم.
وكان الإسكان أيضا قضية ملحة قبل 70 عاما. لقد تم تدمير آلاف المنازل خلال الحرب العالمية الثانية، التي توقفت خلالها جميع أعمال البناء السكنية تقريبا. وكان الطلب المكبوت كبيرا.
لكن طفرة البناء غير المنظمة إلى حد كبير قبل الحرب زرعت بذور انتقاد لاذع ضد الضواحي مترامية الأطراف. وكانت النتيجة قانون تخطيط المدن والريف، الذي صدر عام 1947، الذي أنشأ الحزام الأخضر حول لندن وما زال يشكل التخطيط حتى اليوم. وبدلا من الانتشار غير المنضبط على طول الطرق والسكك الحديدية، كان من المقرر التخطيط للتطوير بعناية في مدن جديدة مثل سلاو، وهارلو وهيميل هيمبستيد.
في البداية نجح، وبين عامي 1951 و1955، تم بناء 1.5 مليون منزل. لكن سرعان ما اشتدت المعارضة ضد مزيد من البناء. وتم إدخال الأحزمة الخضراء خارج العاصمة واقتصر التطوير في إنجلترا على المناطق المفصلة في "الخطط المحلية" التي وضعتها سلطات التخطيط، وهو النظام الذي لا يزال قائما حتى اليوم.
ومع عجزهم عن زيادة المعروض من المواقع غير المطورة بشكل ملموس، لجأ السياسيون في النهاية إلى المطالبة بإعانات الدعم مثل الإعفاء الضريبي على فوائد الرهن العقاري أو زيادة كثافة الإسكان في المدن. لم تتمكن أي من الاستراتيجيتين من توفير منازل كافية لمواكبة الطلب.
يقول المخططون إنهم بذلوا قصارى جهدهم ضمن حدود النظام الذي ورثوه.
ويشيرون إلى أن أغلبية طلبات بناء المنازل عبر إنجلترا كلها ناجحة، حيث تمت الموافقة على نحو ثلاثة أرباع جميع الطلبات السكنية وأربعة أخماس مشاريع تطوير عشرة منازل أو أكثر في العام الماضي، مع حدوث تغيير طفيف على مدى العقد الماضي.
ويقول مايكل كيلي، رئيس جمعية مسؤولي التخطيط، وهي هيئة مهنية: "لا يمكن للمخططين بناء المنازل. لقد قمنا بعملنا، تم قبول عدد كبير من الطلبات".
لكن هذا لا يغير حقيقة أن المعروض من الأراضي المخصصة للتنمية ليس كافيا، وأن هناك حوافز قليلة للمجتمعات القائمة لدعم مزيد من التنمية في مناطقها.
تميل المناطق ذات أسعار المنازل المرتفعة -التي تشير إلى ارتفاع الطلب على الإسكان والسكان الأكثر ثراء عموما- إلى الموافقة على نسبة أقل من طلبات بناء المنازل.
قد يكون الواقع أسوأ مما تشير إليه الأرقام الرئيسة، حيث يسعى المطورون بشكل متزايد إلى الحصول على تعليقات المجتمع وملاحظاته في أثناء وضع خططهم الأولية لموقع ما، ونتيجة لذلك يتم وضع كثير من المخططات المقترحة على الرف، حتى قبل تقديم طلبات التخطيط الرسمية.
يقول ستيوارت بيلي، رئيس قسم التخطيط في شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية: "أنا على علم بعملائي الذين لا ينظرون في الوقت الحالي إلى مناطق معينة لأن سياسات تلك المنطقة تجعل من الصعب للغاية تنفيذ المشروع".
ويعتقد بيلي أن هذا في الأغلب ما يكون واضحا في لجان التخطيط، التي تبت في الطلبات الأكثر تعقيدا وتكون "عرضة بشكل خاص للمصلحة المحلية وممارسة الضغط". "قد تكون أنواع الأسئلة التي تطرح في اللجنة في بعض الأحيان غير ذات صلة على الإطلاق بعملية التخطيط".
ويقول البعض: إن عدم اليقين ينشأ عن النظام المجزأ للخطط المحلية، الذي بموجبه تختلف القواعد والتوقعات بشكل كبير حتى بين المناطق المجاورة.
يصف أنتوني بريتش، من مركز المدن البحثي، الخطط المحلية بأنها "رسائل إلى سانتا"، ولا تعدو كونها مجرد قوائم أمنيات مثالية. ويضيف: "يكاد يكون من المستحيل أن يستوفي مشروع تطويري جميع المعايير. حتى إذا اتبعت القواعد، فلا يزال من الممكن أن يتم رفض منحك تصريح التخطيط".
ووجدت دراسة حديثة أن مشاريع التطوير الكبيرة يمكن أن تتطلب ما يصل إلى 79 وثيقة داعمة، بدءا من تقييمات جودة الهواء حتى مراجعات تأثير الجريمة. وفي الوقت نفسه، فإن نحو نصف سلطات التخطيط ليست لديها خطة محلية حديثة على الإطلاق.
ويرى آخرون أن إلقاء اللوم على ظاهرة نيمبي ومسؤولي التخطيط يتيح لمطوري القطاع الخاص الإفلات من مأزق نموذج الأعمال الذي يعطي الأولوية للربح على الحجم ويؤدي إلى منازل باهظة الثمن ومنخفضة الجودة.
تقول اليزابيث بوندريد وودوارد، مسؤولة التخطيط والسياسة في "سي بي آر إي"، مؤسسة خيرية تقوم بحملات لحماية الريف: "أسباب الرفض لا تشمل اعتراضات السكان".
وتضيف: "الديمقراطية المحلية مهمة حقا وينبغي أن تكون القرارات العامة شفافة. إن نظام التخطيط موجود لتوفير الضوابط والتوازنات بشأن كيفية استخدام الأراضي، وينبغي رفض بعض مشاريع التطوير".
وتعتقد أن معظم الوتيرة البطيئة لبناء المنازل ترجع إلى أن المطورين لا يريدون خفض الأسعار، وأرباحهم، عن طريق إغراق السوق بمنازل جديدة.
وتعهد ستارمر بتضييق الخناق على ما يسمى بتملك الأراضي وإبقائها دون تطوير، حيث تحتفظ شركة البناء بالأراضي التي اشترتها بغية تطويرها على أمل أن ترتفع قيمتها. وعلى مدى العقد الماضي، لم يتم البناء على 1.1 مليون قطعة أرض حاصلة على تصاريح تخطيط، حسبما تقول جمعية الحكم المحلي. وتجري هيئة المنافسة والأسواق بالفعل تحقيقا في هذه الممارسة، ومن المقرر أن تعلن نتائجها في فبراير 2024.
من المؤكد أن شركات بناء المنازل الثمانية الكبرى التي تهيمن على الصناعة، وجميعها أعضاء في مؤشر فتسي 350، تمتلك قطعا من الأراضي أكبر بكثير مما كانت تمتلكه قبل عقد من الزمن.
لكن ستيف تيرنر، مدير الاتصالات في اتحاد بناة المنازل، الذي يمثل مطوري القطاع الخاص، يقول: إن الاحتفاظ بالأراضي دون تطويرها هو استجابة منطقية لعملية لا يمكن التنبؤ بها.
ويقول: "نظرا لأن (التخطيط) أصبح بيروقراطيا ويتأخر كثيرا، يجب أن يكون لديك المزيد من الأراضي حتى تتمكن من البدء بالبناء في أي وقت".
ويضيف تيرنر أن حالة عدم اليقين "أضرت بشكل خاص" شركات بناء المنازل الصغيرة، التي لا يمكنها الاحتفاظ بإمدادات ثابتة من الأراضي. ونتيجة لذلك، انهار عدد المساكن التي سلمتها الشركات الصغيرة والمتوسطة وشركات البناء الذاتي في العقود الأخيرة، خاصة منذ الأزمة المالية.
وثبت أن إصلاح كل هذه الأمور شيء بالغ الصعوبة بالنسبة للمحافظين، الذين يتعين عليهم أن يوازنوا بين مخاوف أنصارهم من أصحاب المساكن في المقاطعات الرئيسة وبين الخوف من أن حصتهم من الأصوات بين الشباب ستختفي تماما إذا لم يعملوا على زيادة المعروض من المساكن.
في عام 2015، قامت الحكومة بتوسيع حقوق التطوير المسموح بها لتسهيل تحويل المباني التجارية الشاغرة إلى استخدام سكني. لكن تحرير حقوق التطوير المسموح بها أضاف ما يزيد قليلا عن 80 ألف منزل جديد منذ عام 2015 أو 6 في المائة من إجمالي المعروض، وتبين أن كثيرا من تلك المنازل ذات نوعية رديئة للغاية.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك أن سياسته التخطيطية ستركز على "المناطق التي سبق استغلالها لأغراض صناعية وغير ذلك"، متعهدا بحماية أراضي الحزام الأخضر "الثمينة".
من الناحية النظرية، سيؤدي هذا إلى جعل إعادة التطوير أكثر قبولا عن طريق إبعادها عن المناطق الخضراء. وتقول شركة "سي بي آر إي"، إنه يمكن بناء 1.2 مليون منزل على مثل هذه الأراضي، 45 في المائة منها لديها بالفعل تصريح تخطيط.
لكن حتى لو تم بناء كل هذه المنازل، فإنها ستلبي أقل من ثلث احتياجات الإسكان في إنجلترا على مدى الأعوام الـ15 المقبلة، وفقا لتقرير صدر عام 2022 من قبل شركة ليتشفيلدز الاستشارية للتخطيط والتطوير. ومن غير المؤكد أنه سيتم بناؤها، فمعظم الأراضي إما ملوثة، أو تفتقر إلى البنية التحتية المحلية، أو ليست في الأماكن التي يرغب الناس العيش فيها.
كما يريد حزب العمال الاستفادة من المواقع التي تم استغلالها لأغراض صناعية وما شابه، لكنه قال إضافة إلى ذلك إنه سيسمح بالبناء على ما يسمى الحزام الرمادي (الأراضي البيضاء المحمية المحيطة بالمناطق الحضرية لمنع الزحف العمراني) ـ مواقع النفايات على الحزام الأخضر. ويوافق آلان مايس، المحاضر في التخطيط في كلية لندن للاقتصاد، على أن هذا منطقي.
ويقول: "الأرض قريبة من المدن القائمة، لذا فهي المكان الذي ترغب في البناء فيه"، مضيفا أن الجمهور يميل إلى التفكير في المساحة المحمية على أنها خضراء بالكامل، وهو ليس كذلك. سيكون هذا الاقتراح "وسيلة مثيرة للاهتمام لإعادة صياغة (الأحزمة الخضراء) بحيث تصبح أقل قدسية، وتوفير مزيد من الأراضي لبناء المساكن".
واقترح ستارمر أيضا إنشاء عدة مدن جديدة على الأراضي التي تم شراؤها بموجب أوامر الشراء الإلزامية. لكن هذا يتطلب تعديل قانون عام 1961 الذي يلزم المشتري بدفع سعر يعكس قيمة الأرض مع ضمان الحصول على إذن التخطيط، وليس قيمتها السوقية دون هذه الموافقة. وقد تبلغ هذه "القيمة المأمولة" في المتوسط 275 ضعف قيمتها الزراعية.
ويقول مايس: إن بناء مدن جديدة سيظل "مكلفا للغاية" حتى لو كان من الممكن شراء الأرض بسعر أرخص بكثير. ويضيف: "عليك فتح طرق جديدة وشبكات صرف صحي وكهرباء في أماكن نائية".
كما أن هذه العملية بطيئة للغاية، إذ أعلن المستشار السابق جورج أوزبورن أول مدينة حدائق في المملكة المتحدة منذ قرن، في إبسفليت، في كينت، في عام 2014، لكنها لن تكتمل حتى عام 2035.
كما يشير الحماس للبلدات الجديدة التي تقام لأغراض خاصة إلى نية ستارمر في اتخاذ قرارات أكثر مركزية حول المكان الذي يجب أن تبنى فيه المنازل، وهو عكس النهج المحلي للحكومة الحالية.
لكنه يحتاج أولا إلى الفوز في الانتخابات. فالمستأجرون من القطاع الخاص، الذين يعانون النقص الحاد في المساكن، هم أكثر احتمالا من المجموعات الأخرى بكثير للقول إن سياسات الإسكان ستؤثر في تصويتهم، وفقا لاستطلاع لرأي أجرته مؤسسة شيلتر الخيرية للإسكان. لكن في المتوسط، فإن خمس الأسر فقط في الدوائر الانتخابية التي يستهدفها حزب العمال مستأجرة من القطاع الخاص.
ويشغل المالكون ثلثي المساكن، ما يعني أن حزب العمال قد يواجه التحديات نفسها التي يواجهها المحافظون عندما يتعلق الأمر بتعزيز المعروض من المساكن.
هذا ويقول إدوارد كلارك، المشرف على البحث في مركز ليتشفيلدز للأبحاث: "السياسة المحلية المتعلقة بكيفية المضي قدما من تحديد الإعلان الكبير إلى كيفية تنفيذه فعليا في السياسة هي أمر صعب للغاية".
"قد يكون النواب المحليون قلقين بشأن دعم شيء يشعرون أنه يفرض على المناطق التي لا تريد في الواقع بناء أعداد هائلة من المساكن".
إن منح رؤساء البلديات الإقليميين مزيدا من التأثير على التخطيط، وهي إحدى أفكار حزب العمال الأخرى، قد يساعد على سد الفجوة بين ما سيقبله السكان المحليون وبين احتياجات الإسكان على مستوى البلاد، من خلال إجبار السلطات المحلية على العمل معا.
لكن هناك عديدا من الطرق التي يمكن لصناع السياسات أن يصبحوا من خلالها أكثر جرأة.
فقد أبقت فيينا تكاليف الإسكان منخفضة من خلال إتاحة المنازل المدعومة من الحكومة للإيجار على نطاق واسع. لكن حزب الديمقراطيين الأحرار هو الحزب الرئيس الوحيد في إنجلترا الذي حدد هدفا وطنيا لبناء المساكن الاجتماعية.
وخلافا لعديد من الدول الأوروبية، تفتقر المملكة المتحدة إلى تقسيم المناطق على أساس القوانين، وهو النظام الذي يوافق مسبقا على أنواع البناء المختلفة داخل مناطق معينة إلى جانب البنية التحتية اللازمة لدعمها. ويتم تلقائيا إعطاء الضوء الأخضر لمشاريع تطوير المساكن التي ينطبق عليها كل الشروط.
ويقول بريتش: "هذه ليست أفكارا مجنونة. إنها ببساطة أشياء تمتلكها معظم الدول المتقدمة الأخرى".
هذا وقد أثبت تقسيم المناطق نجاحه في بلدان أخرى، حيث واجهت أوكلاند في نيوزيلندا تحديات إسكان مشابهة لتلك التي واجهتها إنجلترا قبل أن تجبر المجالس على السماح ببناء منازل أكثر كثافة في عام 2021. ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أعداد تصاريح المنازل خمسة أضعاف واستقرت الإيجارات.
ويضيف بريتش: "إن الأشياء التي اقترحها حزب العمال جيدة عموما، لكنها كلها حلول قصيرة المدى. قد يمنحنا ذلك فسحة من الوقت، لكن على المدى الطويل نحتاج إلى التفكير في تغييرات أكبر من شأنها أن تجعل بريطانيا بلدا طبيعيا أكثر من حيث معقولية أثمان المساكن".

الأكثر قراءة