السعودية الخضراء .. الغاية والأثر

السعودية تعيش نهضة نوعية واستثنائية في شتى المجالات، وتسابق الزمن لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي حمل لوائها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز. الأنموذج السعودي في اعتقادي هو الأجدى والأكثر موضوعية في التعاطي مع معادلة أمن الطاقة العالمي والتغير المناخي الذي أوصفه بحق أريد به باطل في "كثير من الأحيان" من قبل جهات تسيس هذه القضية لخدمة أجنداتها. تستشرف السعودية مستقبل الطاقة بموضوعية، وتعي تماما أهمية تنويع مصادر الطاقة، ولذلك تتحرك السعودية بخطوات متسارعة نحو تحقيق الحياد الصفري في عام 2060 عبر تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون.
تستثمر السعودية أموالا طائلة في هذا القطاع، حيث تتعاطى السعودية مع هذا الملف بواقعية، فهي تعي يقينا أن النفط سيظل متربعا على عرش مصادر الطاقة إلى عقود طويلة، إضافة إلى منتجاته وتطبيقاته الكثيرة جدا التي يحتاج إليها العالم ولا يستطيع الاستغناء عنها. تنويع مصادر الطاقة يحافظ على ثروة الوقود الأحفوري الناضب، ويضيف شرايين جديدة للطاقة العالمية تسهم إسهاما فاعلا في مواكبة النمو السكاني والصناعي العالمي، وأن مزيج الطاقة هو ضرورة ملحة للحفاظ على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته الكارثية.
لم تتجاهل السعودية الجانب البيئي ولم تغفل عنه، بل سبقت الدول بعمل كل ما يلزم لحماية البيئة، والمبادرات على أرض الواقع تشهد بذلك، والمؤشرات تعكس جدية السعودية لتحقيق ذلك، وليست شعارات رنانة لن تمد العالم بالطاقة عند الحاجة إليها، ولن تحمي البيئة عند وقوع الأزمات.
في يوم 27 مارس 2021 أطلقت السعودية مبادرة "السعودية الخضراء"  وإنشاء المحميات الملكية التي تهدف إلى زيادة الغطاء النباتي في السعودية وحديقة الملك سلمان العالمية، لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية لمواجهة تحدي التغير المناخي. تسعى السعودية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، وزراعة عشرة مليارات شجرة في جميع أنحاء السعودية، وزيادة نسبة المناطق المحمية في السعودية إلى أكثر من 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية. مخرجات هذا العمل الجاد تجلت بلغة الأرقام، فقد تقدمت السعودية في مؤشر المستقبل الأخضر لعام 2022، الصادر من مجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" التابعة لمعهد ماساشوستس للتقنية، أحد أفضل الجامعات في العالم، عشرة مراكز مقارنة بعام 2021، حيث قفزت 27 مرتبة فيما يخص انبعاث الكربون محققة المركز 19 عالميا. 
الجدير بالذكر أن السعودية أعلنت مضاعفة أهدافها طوعيا بتخفيض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويا، بحلول 2030، وهو ما يعادل أكثر من ضعف ما سبق إعلانه في 2015 الذي بلغ 133 مليون طن سنويا. فيما يخص تحول الطاقة، تحسن ترتيب السعودية 12 مرتبة، وصولا للمركز الـ12، في الوقت الذي حققت المرتبة الأولى في المؤشر الفرعي الخاص بنمو إنتاج الطاقة المتجددة، كما تقدمت السعودية 13 مرتبة في محور سياسات المناخ في المؤشر بتأسيس منصة الرياض ومجمع مشاريع احتجاز إعادة استخدام الكربون.
غاية السعودية هو أن تستمر قائدة لقطاع الطاقة العالمي وذلك بالتعاطي مع هذا الملف بحكمة وموضوعية والريادة في ملف تحول الطاقة العالمي دون إخلال بمنظومة الطاقة، وفي ذات الوقت ببذل كل ما يمكن بذله لحماية البيئة بجميع الأدوات المتاحة، وأثر ذلك سيمتد إلى العالم أجمع كأنموذج عملي حيث أن الشعارات الرنانة لن تمد العالم بالطاقة، ولن تغطي الكرة الأرضية بالمسطحات الخضراء، ولن تقنن تبعات التغير المناخي والاحتباس الحراري!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي