بيان واشنطن: لا للرأسمالية " المنفلتة"
أبدت مجموعة العشرين أمس "تصميمها على تعزيز تعاونها" لإعادة إطلاق النمو العالمي وإصلاح النظام المالي، وذلك في بيان رسمي صدر إثر القمة التي عقدتها في واشنطن. وأكدت المجموعة على تبني خطة تحركات "ملموسة" و"محددة" لاستعادة الثقة بالأسواق، على أن تطبق هذه الخطة في كل دولة على حدة وفق أنظمتها ووفق ما يتناسب مع أسواقها. وقال بيان في هذا الصدد إن القادة تبنوا خطة عمل وسلسلة تدابير "ذات أولوية قصوى ينبغي إنجازها قبل 31 آذار(مارس) 2009" بهدف استعادة الثقة بالنظام المالي. واتفق الزعماء أيضا على إعطاء وزن أكبر لتمثيل الدول النامية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وقال البيان "بالتشاور مع اقتصاديات أخرى ومنظمات واستنادا إلى توصيات الخبراء نطلب من وزراء المال صياغة مقترحات في خمسة مجالات". وطلبت المجموعة من وزراء المال المعنيين تقديم مقترحات حول "تأمين الانسجام بين معايير المحاسبة" و"تعزيز أسواق المنتجات المشتقة وخفض مخاطرها" و"مراجعة الممارسات في مجال المكافأة".
كذلك، طلبوا "مراجعة تفويض وإدارة المؤسسات المالية الدولية للموارد".
وجرى تحديد موعد نهائي ينتهي في 31 آذار (مارس) المقبل لوزراء المالية في مجموعة العشرين من أجل صياغة التفاصيل في 50 من المناطق المختلفة، على أن يستتبع ذلك عقد قمة أخرى لزعماء دول المجموعة، يرجح أن تكون في نيسان (أبريل) 2009.
وأعلن رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين أنهم توافقوا على الاجتماع مجددا قبل 30 نيسان (أبريل) 2009 "بهدف التحقق من تطبيق المبادئ والقرارات" التي اتفقوا حولها أمس وتوصل زعماء دول مجموعة العشرين التي تمثل أكبر اقتصادات في العالم إلى اتفاق أمس على تنظيم أفضل لأسواق المال العالمية واتخاذ خطوات لوقف التراجع الذي يشهده الاقتصاد العالمي.
#2#
ووعد القادة في أول قمة على الإطلاق لدول مجموعة العشرين بسد جميع الثغرات في النظام المالي العالمي. ويتضمن ذلك تنظيم صناديق التحوط وزيادة الشفافية لبعض السندات المعقدة المرتبطة بالرهونات العقارية والتي تصدرها الشركات المالية ، والتي قد وجه إليها اللوم لأنها هي التي فجرت الأزمة المالية العالمية الراهنة.
من جانبه ، رحب الرئيس الأمريكي جورج بوش بقادة أكبر 20 اقتصادات في العالم معربا عن سعادته بالنتائج المبكرة للقمة بعدما عقد القادة المجتمعون عشاء عمل في البيت الأبيض الليلة الماضية. لكن بوش، الذي يستضيف القمة، حذر مجددا من قيام الدول بفرض قيود على الأسواق الحرة والتجارة كنتيجة للأزمة المالية.
وأشاد الرئيس الأمريكي بالقمة الاقتصادية العالمية بوصفها ناجحة وقال إن الزعماء وافقوا على مواصلة السياسات المؤيدة للتنمية ولكن أصر على أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل في التعامل مع الأزمة المالية. وقال بوش عقب انتهاء قمة واشنطن "هناك تفاهم مشترك من جانب الجميع بأن علينا تبني سياسات اقتصادية مؤيدة للتنمية". وأضاف "من المنطقي أن نخرج من هنا بخطة تحرك محكمة لدينا ومن المنطقي أيضا أن نقول للناس إن هناك المزيد من العمل الذي يتعين إنجازه وسيكون هناك المزيد من الاجتماعات".
وكان بوش قد قال أثناء ترحيبه بالقادة في مبني المتحف الوطني في واشنطن "يسعدني أننا نبحث وسيلة للتقدم باتجاه ضمان عدم حدوث مثل هذه الأزمة مرة أخرى. ويسعدني أن القادة أعادوا التأكيد على أهمية مبادئ الأسواق المفتوحة والتجارة الحرة ".
من جهتها،
#3#
قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن قمة مجموعة العشرين تسجل "بداية جديدة" للتعاون الدولي وسوف تضمن أن "المشاركين كافة في السوق والمنتجات كافة وكل الاسواق سوف تخضع للمراقبة والتنظيم على نحو حقيقي". وتأتي خطوة فرض مراقبة أفضل على أسواق المال العالمية في أعقاب جولة من الأزمات في البورصات والتراجع الحاد في الاقتصاد العالمي. وتوقع صندوق النقد الدولي حدوث ركود عالمي عام 2009.
وقال رئيس الوزراء الإسباني خوسيه رودريجيث ثاباتيرو "إن أساسيات
الاقتصاد غير سيئة، ونحن نستطيع ويجب أن نخرج من هذا الوضع ولكننا نريد أفعالا منسقة من أجل ذلك". وفي عشاء البيت الأبيض ناقش زعماء العالم الحاجة إلى حزمة من المحفزات المالية على المستوى العالمي التي يجب تنسيقها من قبل الدول الصناعية وفقا لما ذكره أعضاء الوفد الإسباني البارحة الأولى.
واقترح رئيس الوزراء الإسباني أن تمهل نفسها عاما واحدا لـ "إنجاز القوانين الجديدة للنظام المالي"، وفق مصادر داخل الوفد الإسباني. وأضافت هذه المصادر استنادا إلى مقتطفات من خطاب ثاباتيرو خلال قمة مجموعة العشرين، انه بالنظر إلى المخاوف الناشئة من الأزمة الراهنة، "يجب التزام إنجاز قانون جديد للنظام المالي في مهلة عام".
وعلى غرار رؤساء دول وحكومات آخرين في القمة، طالب ثاباتيرو بـ "عمل منسق" بين الدول على صعيد النهوض المالي. وأضاف رئيس الوزراء الاسباني أن "الرئاسات المقبلة لمجموعة العشرين ستكون مهمتها السهر على هذا التنسيق". واعتبر أن على الدول المعنية أن "تتفادى الحلول مكان الأسواق أو الحد من الحرية الاقتصادية لتلك الأسواق"، مؤكدا أن تحرير الأسواق أسهم في نمو الاقتصاد العالمي خلال العقد الأخير.
في الوقت ذاته، اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن تعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في لندن، مع تولي بريطانيا رئاسة مجموعة الدول الصناعية والناشئة الكبرى.
على صعيد ثان، التزمت القمة بمحاولة إعادة إطلاق المفاوضات داخل منظمة التجارة العالمية قبل نهاية هذا العام، وفق ما أعلن المفاوض البرازيلي سيلسو اموريم. وأوضح اموريم في مؤتمر صحافي إثر لقائه مع نظيرته الأمريكية سوزان شواب، أن رؤساء الدول والحكومات في مجموعة العشرين سيزودون وزراء التجارة بتعليمات بالتوصل إلى اتفاق داخل منظمة التجارة قبل نهاية 2008. وفي تموز(يوليو) الماضي أخفق اجتماع وزاري في مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف جراء خلاف بين الدول الغنية والنامية في موضوع الزراعة.