قد يتراجع النفط كثيرا.. لكنه سيتعافى
يقول محللون وخبراء إن أسعار النفط العالمية يمكن أن تنخفض بسهولة إلى أقل من 50 دولارا للبرميل, بل قد تتجه إلى 40 أو 35 دولارا للبرميل لكنها ستتعافى وربما سريعا جدا.
وتراجعت عقود الخام الأمريكي القياسية إلى أدنى مستوى في 22 شهرا لتنزل عن 55 دولارا للبرميل في تعاملات الجمعة وسط تزايد الدلائل على أن الركود المتفاقم سيؤثر بشدة في الطلب ويقلص استهلاك الصناعات والأفراد على السواء للنفط.
وانخفض النفط الآن أكثر من 60 في المائة عن مستواه القياسي الذي بلغ 147.27 دولار للبرميل في تموز (يوليو) وهو يقترب مما يعد على نطاق واسع متوسط تكلفة التشغيل لدى كبرى الشركات العالمية حول 50 دولارا للبرميل.
ويعتقد كثير من المحللين أن من المرجح أن تواصل السوق الانخفاض مخترقة الحاجز النفسي عند 50 دولارا للبرميل قبل أن تبدأ في التعافي.
ويقول كيفن نوريش المحلل لدى "باركليز كابيتال" في لندن "لا يمكن تحديد إلى أي مدى ستنخفض الأسعار .. 50 دولارا .. 40 دولارا .. 30 دولارا.. يمكن أن يكون أيا من تلك الأرقام. ما يمكننا قوله هو إنه كلما زاد الانخفاض زاد اتجاه السوق نحو الاختلال"
ويتوقع الآن أن يبلغ الطلب على النفط في العالم 86.2 مليون برميل يوميا في 2008 ترتفع قليلا إلى 86.5 مليون برميل يوميا في 2009.
وقادت توقعات انخفاض الطلب إلى افتراضات واسعة من جانب المتعاملين في النفط بأن العرض سيفوق الطلب.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد اتفقت الشهر الماضي على خفض إنتاجها 1.5 مليون برميل يوميا من أول تشرين الثاني (نوفمبر), ويعتقد كثير من المحللين أنها ستقدم على مزيد من الخفض.
وقال روب لوخلين المحلل لدى "إم. إف جلوبال" إن السوق قد تبدأ في الصعود إذا خفضت "أوبك", التي تضخ نحو 40 في المائة من الإمدادات العالمية الإنتاج. وقال "بعض أعضاء (أوبك) يواجهون صعوبات بالفعل في تحقيق مكاسب في ظل تلك الأسعار. انظر إلى إيران وفنزويلا حيث التكاليف مرتفة نسبيا. تلك الدول تتألم بشدة".
وتقول مؤسسة برنشتاين البحثية ومقرها لندن إن الأسعار بالفعل أقل من متوسط التكلفة لأكثر المشاريع الجديدة تكلفة والتي تبلغ من 75 إلى 80 دولارا للبرميل.
ويقول ديفيد داجديل محلل الطاقة المقيم في لندن لدى "إم. إف. سي جلوبال" لإدارة الاستثمار, إن انتاج النفط في المستقبل قد يكون محدودا إذا واصلت الأسعار الهبوط إلى ما دون 50 دولارا للبرميل نظرا لأن كثيرا من الحقول, ولاسيما البحرية منها مثل حقول بحر الشمال, ترتفع فيها تكاليف الاستغلال.
وقال "اذا انحفضت الأسعار إلى 50 دولارا أو اقل فسينعكس ذلك على الإمدادات.. وسترى بعض التراجع في الإنفاق".
لكنه أضاف "إن التأثير في المعروض سيستغرق وقتا حتى يصبح محسوسا, فمثلا خفض الإنتاج من جانب (أوبك) الشهر الماضي قد يستغرق شهرين أو ثلاثة لكي يصبح ملموسا في السوق".
ويشبه المحللون تحركات أسعار النفط بثقل فوق قطعة من شريط مطاطي, حيث يتحرك الثقل معظم الوقت في نطاقات ضيقة جدا استجابة لمؤشرات العرض والطلب وأخبار أخرى لكن بين الحين والآخر تدفعه الهزات العنيفة للتأرجح في نطاقات شديدة الاتساع.
وقال داجديل "مثلما ذهبنا بعيدا في التحرك الصعودي نتحرك أيضا بعيدا في الاتجاه النزولي".
وتوقع أغلب المحللين في استطلاع أجرته (رويترز) وشمل 34 محللا الأسبوع الماضي, أن تتعافى الأسعار سريعا جدا خلال الشهور القليلة المقبلة.
وجاء متوسط التوقعات لسعر الخام الأمريكي في عام 2009 عند 81.30 دولار للبرميل وفي 2010 عند نحو 90 دولارا. ويتوقع "باركليز كابيتال" صعود الخام الأمريكي إلى نحو 78 دولارا للبرميل في الربع الأخير من العام الحالي و105 دولارات في 2009.
وقال نوريش "مهما بلغ الانخفاض لن يظل السعر عنده لفترة طويلة".