ابن منيع : لماذا نستخدم التقويم الفلكي في صلاتنا ولا نستخدمه في صيامنا؟!
أكد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء أن التردد في استخدام الحساب الفلكي في تحديد الصيام ليس له مبرر مبينا أننا اليوم نستخدم الحساب الفلكي في الصلاة يوميا حسب تقويم أم القرى، وذكر أن علم الفلك من أشرف العلوم لأنه يساعد الناس على التفكر في خلق الله، وقال إن سبب سقوط الاقتصاد الأمريكي اعتماده على بيوع الربا والجهالة وبيوع الـ option المبنية على الغرر، موضحا أن هذه المصارفات بالأثمان ليس لها وجود في الواقع، ولا تتعلق بإنتاج حقيقي ولذلك فقد تسببت في هذا السقوط الكبير.
وحين سئل في اللقاء المفتوح في سبتية الجاسر عن اهتمامه بعلم الفلك، رد الشيخ ابن منيع بأنه علم من أشرف العلوم لأنه يتعلق بالتفكر في مخلوقات الله، ولا شك أن هذه نتيجة أن الله يقول في العلماء (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ، وقالها سبحانه بعد آيات التفكر لتدل على أن العلم ليس محصورا في العلم الشرعي، وإن كان هو أشرفها بلا شك، وما زلت أتذكر أنا كنا نقرأ ونحن صغار كتاب "العلم يدعو للإيمان" لما تحدث عن الشمس لو نزلت مترا أو صعدت مترا والكواكب ونظامها الشمسي، والتكوين البشري، ولو تأملت الإنسان لعلمت والله أنه عالم صغير، بتكوينه وخصائص وجوده، ومعامل تكرير الماء الذي يشربه، فيخرج ماء للعين وماء الأنف والخلايا المنوية والأكل الذي نأكله كيف ينتج عنه فوائد للدماغ والدم ، ونحن ننظر إلى العلوم وهذه المراكب الفضائية، أليست هذه العلوم بمنتهى الدقة والله يقول: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) في أي علم من العلوم.
وعلق بأن ترددنا في استخدام الحساب الفلكي في الصيام عند الاحتجاج بميلاد الهلال ليس له مبرر وقال : (لماذا لا نستخدمه فيما يتعلق بعباداتنا ونحن أصلا نعرف أوقات الصلاة بالتقويم الفلكي، واللجنة التابعة لتقويم أم القرى تأخذ به، ولو سألت المفتي نفسه أنك صليت قبل الوقت حسب تقويم أم القرى، لقال لك صلاة صليتها قبل وقتها ومن شروط الصلاة دخول الوقت فأعد صلاتك، فهل عرفنا وقت الصلاة برؤية هلال في السماء أم بعلم الفلك؟! وفيما يتعلق برؤية الهلال أمامنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إننا أمة أمية) الذي احتج به البعض وقال إن هذا فخر للأمة، وهو في حقيقة الأمر إعلام بواقعها لا افتخار بالجهل والأمية، والله لا يكلف نفسا إلا ما آتاها، نكتب ونحسب علماء فلك طاقة ذرة وطب، إذا قال علم الفلك إن الهلال لم يولد بمعنى أنه أمام، لا يمكن أن نقول إن علم الفلك ما عنده إلا "الدجة" ونقدح فيه، ولذلك نبني عليه ونستفيد من هذا العلم).
وسئل عن رأيه في السبب الرئيس لسقوط الاقتصاد في أمريكا والدول الغربية، فقال إن من الأسباب أننا عندما ننظر إلى التعاملات المالية في الغرب نجد أن 70 في المائة أو 80 في المائة تتعامل بمصارفات الأثمان، وتعقد مئات الصفقات المصرفية بمبالغ تصل إلى مليارات، ولكن هذه الأموال محجوبة عن وسائل الإنتاج وعن الزراعة والصناعة، فينكمش الإنتاج ويؤدي إلى بطالة من شأنها أن تكون سببا من أسباب انتشار الجرائم، وطبيعي أن الإنسان يأكل ويشرب ويبحث عن أي طريق لإشباع حاجته، لا شك أنه يعمل مع الشيطان، وانتشار تجارة المخدرات، والمتاجرة بالأعراض ووسائل الإعلام من الرواسب التي أوجدتها هذه الأشياء في المجتمعات الغربية.
أما البقية من النشاط الاقتصادي 20 في المائة فهو شقيق للمصارفة، وهو ما يتعلق ببيوع الخيارات الـ option وهو في الواقع يبيع ما لا يملك ويشتري ممن لا يملك، وكلها مبنية على الوهم والصوريات وليس فيها حقائق، وإذا وجدت الحقائق فلا تخلو من غرر أو غبن أو جهالة أو ربا أو قمار، مبينا أن المذهب الاقتصادي الرأسمالي الذي يعتمد على هذه الأمور مرشح بلا شك لأن يسقط ويأتي مذهب بديل، وأرجو أن يكون الاقتصاد الإسلامي بديلا.
ودعا الشيخ عبد الله المنيع المسؤولين في العالم الإسلامي لاستثمار هذه الفرصة، ودعوة العالم إلى المصرفية الإسلامية، وهذا من شأنه أن يقوي من المصرفية الإسلامية، ولا سيما أن العالم الغربي أكد أهمية مشاركة دول إسلامية، وإذا كان هناك قوة مناداة بالمصرفية الإسلامية فإن ذلك سيغير العالم حقا.
وطرح في السبتية سؤال حول الملاحظات التي تكون على المصارف واللجان الشرعية فتجيز بعض العاملات الشرعية ثم يكون التطبيق بخلاف ما حددته اللجنة الشرعية لعدم وجود لجان لمتابعة التطبيق.
فأجاب الشيخ عبد الله بن منيع بأن الادعاء أن الهيئات الشرعية تصدر ما تصدر من توجيهات وقرارات وفتاوى ولا يكون لها تطبيق يحتاج من السائل مزيدا من التأمل، لأن كل هيئة شرعية يتبعها فريق للمتابعة يقدم تقريره بين كل جلستين للهيئة الشرعية، يأتي هذا التقرير وتوجه هذه الملاحظات إلى من صدرت منه، والغالب والحمد لله أن جميع ما يصدر من الهيئات هو محل تنفيذ وتطبيق، ولا يخلو أن يكون هناك موظف في فرع يكون عنده سوء فهم أو تطبيق أو تساهل لكن الغالب هو الاتجاه السليم ، وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل من السماء، وجد المحاربون محاربة إفساد، ووجد العاصون وهذا يعني أن المصرفية الإسلامية تحتمل أن يكون فيها أخطاء في التنفيذ، لكن فرق المراقبة عليها مسؤوليات كبيرة.
وذكر المنيع أن العمل الرقابي في اللجان الشرعية تطور كثيرا عن السابق، ولو قارنا بين وقتنا الحالي والسابق لوجدنا فرقا كبيرا بين الوعي حينذاك والوعي الآن، وبالطبع يحتمل أن يكون هناك أخطاء، ونتمنى دائما من عملاء البنوك تقديم الملاحظات والأخطاء، لكننا وللأسف حينما نبحث ونحقق في كثير من الملاحظات المقدمة للهيئات الشرعية نجد أن الملاحظة مبنية على سوء فهم وتصبح المسألة في النهاية تأسفا من الملاحظ على سوء فهمه.
وحول الفرق بين مفهوم المصارف الإسلامية وغيرها قال الشيخ المنيع إن المصرفية العامة هي العمل على إيجاد صندوق تمويلي يغطي حاجة التجارة أو الإنتاج، ولا يفترض من المصرف أن يفتح مصانع أو مزارع ، لكنه يوفر من النقد ما تحتاج إليه المصانع والمزارع، وأي مصرف عام غرضه أن يكون لديه نقد لتغطية الحاجة في السوق، وتختلف المصرفية الإسلامية عن المصرفية التقليدية، في نقطة أساسية هي الربا، ولو نظرنا إلى الموبقات من قتل النفس والسحر وقذف المحصنات وشرب الخمر وكل هذه الأفعال وعقوباتها، وننظر إلى عظم عقوبة أن يكون هناك حرب بين المجرم ورب العالمين سبحانه كما في قوله تعالى (فأذنوا بحرب من الله)، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : "درهم ربا شر من 36 زنية "، وهؤلاء في المصارف التقليدية جميع الصيغ التي تغطى بها الحاجة عندهم ربا، ولو أنها تبدو أقل عائدا أو أنها واضحة الزيادة لكن النتيجة أن الله يمحق بركة ذلك المال.
أما الصيغة الإسلامية عن طريق البيع والشراء والاستصناع والبعد عن الغبن والصوريات وهذه الإجراءات التي لو تأملتها لرأيت أن الصيغة الربوية أسهل ولكن تجنبه شيء أمرنا الله به وهو خالقنا، فعلينا وجوب الاستجابة.
وصف عقوبة الجلد بأنها ليست الأفضل خاصة مع القادرين الأغنياء، موضحا أن العقوبات المالية أكثر فاعلية وأقرب للسنة، ولا يوجد نص من كتاب الله أو سنة رسوله يحصر العقوبة في جلد أو حبس، ثم إن الحبس والجلد لا ينفعان صاحب الحق مثل العقوبة المالية، التي لها تطبيق مشابه في السنة حيث إن من سرق من غير حرز يعيد ما سرق ومثله معه، فإذا سرق ألفا مثلا يعيدها ويعيد ألفا مثلها معها ، والرسول صلى لما تحدث عن مانعي الزكاة قال : ( نأخذ زكاتنا وشطر ماله)، ولذلك فأنا أرى أننا نأخذ بالعقوبة المالية لحفظ الحقوق وأنا أدعو ولي الأمر الذي له الكثير من المبادرات، أن يقرر إجراءات لصاحب الحق بأن يوقف معه، ولا يمنعنا من الوقوف معه أنه غني فهو صاحب حق ولو كان عنده ما عند قارون.