لا أنسى علقة ساخنة تلقيتها من والدي أنقذتني من الدلع
كان الحوار مع الشيخ مسعود الغامدي الداعية المعروف والإعلامي الذي قضى بضع سنوات عبر عدة قنوات ماتعا، ولاسيما وهو يروي لنا التفاصيل في حياة بريئة بدأت من القرية وانتقلت إلى صخب المدينة، ومراحل محطات العمل المختلفة, لن أسترسل في الحديث فإلى التفاصيل:
حبذا لو تحدثنا عن سيرتكم الذاتية وحياتكم العلمية والعملية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد، بداية أشكر جريدة "الاقتصادية" على استضافتي، وعسى أن يكون فيما أقول ما يفيد فأنا نشأت كمعظم الناس في عصري، وأكثرهم كانوا يريدون المدن لكن حياتهم تبدأ في ضواحي المدن والقرى، فقد نشأت في إحدى قرى منطقة الباحة، في مدينة بلجرشي، ودرست في المدارس الابتدائية ثم انتقلت بعد الخامسة ابتدائي إلى الدمام، ودرست سنتين ثم انتقلت إلى جدة وأكملت المتوسطة في مدرسة متوسطة تجارية، أربع سنوات متوسطة وليس ثلاث سنوات، ثم بعدها التحقت بالقوات الجوية، الملكية السعودية، ثم ابتعثت مع مجموعة من زملائي إلى باكستان ودرست هناك سبع سنوات بعد الكفاءة، ثم عدنا بعدها وابتعثنا بعدها إلى أمريكا ودرسنا سنتين تقريبا، ثم رجعنا وبدأنا العمل، وبعد أن استقررت في الطائف درست الثانوية نظام سنة واحدة (ثلاث سنوات في سنة واحدة)، والحمد لله يسر الله لي وحصلت عليها، ثم بعد ذلك أنشأت القوات المسلحة (الدفاع) جهازا اسمه جهاز الشؤون الدينية، واختارت من حملة الثانوية من منسوبي القوات المسلحة من يرغب، نجحنا والحمد لله وابتعثنا لدراسة العلوم الشرعية وقد درست في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم تخرجت عام 1400هـ و لله الحمد وحصلت على البكالوريوس في أصول الدين، وبدأنا العمل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في قطاع القوات المسلحة بمسمى ضابط شؤون دينية، وبدأت مسيرة الدعوة بفضل الله بالتعاون مع جهاز الدعوة الذي كانت تشرف عليه الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء إضافة إلى عملنا في الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ في القوات المسلحة، وأيضا نشأت علاقة دينية مع الأجهزة الإعلامية سواء المجلات وبعض الصحف وكذلك مع بعض الإذاعات والتلفزيون السعودي وتلفزيون بي بي سي في بداياته، ثم أيضا درست الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكذلك حصلت على الدكتوراة ـ ولله الحمد الله عز وجل ـ ومعظم الجهد حاليا بعد التقاعد من العمل العسكري مع القنوات الإسلامية، والإعلام الإسلامية.
هل طلبتم العلم على يد بعض المشايخ؟
أنا لست تلميذا تقليديا، ما أذكر أن درست على شيخ واحد، كنت أتنقل بين الدروس التي تقام لبعض المشايخ كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ والشيخ بن جبرين والشيخ بن قعود ـ رحمه الله ـ وغيرهم من العلماء.
مراتع الصبا
ما أبرز المحطات التي مرت بكم؟
والله يمكن هناك ثلاث أو أربع محطات رئيسة، المحطة الأولى محطة معيشتي ودراستي وطفولتي في مراتع الصبا، في حياة القرية، في حياة الريف بكل معانيها، هذه كانت مرحلة، واستمررت إلى أن تخرجت من الخامسة الابتدائي، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مرحلة التنقل بين جدة والدمام في مرحلة ما بعد الابتدائية، ومعها مرحلة الدراسة خارج المملكة، عندما ابتعثت إلى باكستان وأمريكا، وهذه تعد نقلة، ثم بعد ذلك من المراحل التي أحمد الله عليها، والتي أعتبرها مرحلة تحول حقيقية، تحول إيجابي في حياتي هي مرحلة طلب العلم الشرعي، تحولت من عملي كفني في طائرات القوات الجوية إلى طالب علم شرعي في الجامعة في كلية أصول الدين في جامعة الإمام، واستمرت هذه المرحلة أربع سنوات على مقاعد العلم، وهذه أعتبرها نقلة كبيرة، لأني تحولت إلى طالب علم شرعي، بعد ذلك الحياة العملية وهي طبعا عبارة عن الجانب الدعوي، وتلك مهمة طالب العلم أينما كان وأيا كان، وكذلك إلى جانب العمل الرسمي كضابط شؤون دينية، وكان فيها كثير من التجارب والعطاءات والتمكن ـ ولله الحمد ـ من خدمة للدعوة في قطاع وزارة الدفاع في القوات المسلحة بفضل الله الواحد الأحد، وهذه أعتبرها مرحلة، ثم جاءت آخر المراحل التي أعيشها وهي مرحلة ما بعد التقاعد والتي أصبحت عندي فيها حرية العطاء للدعوة أوسع، خاصة عبر وسائل الإعلام، أنا لي، بفضل الله تعالي، برامج مع عدد كبير من القنوات الفضائية، وأيضا التلفزيون السعودي في وقت من الأوقات، قناة الرسالة، قناة اقرأ، قناة الناس، وقناة الخليجية وقنوات أخرى كثيرة، لي فيها برامج بعضها متقطع وبعضها دائم وإلى الآن قائمة، وأنا أعتبرها الآن من النقلات في حياتي، تخرج أنت من الدعوة المحصورة في نطاق معين، إلى مرحلة الدعوة المفتوحة على مستوى العالم الإسلامي والعالم كله، وأسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يرزقني الإخلاص وهذا فضل من الله نحمده عليه ونسأله أن يرزقنا معه.
عفوية وغير مرتبة
كيف كانت بداية اتجاهك للإعلام والانطلاقة فيه؟
أنا أعتقد أنها كانت عفوية وغير مرتبة، فبعد تخرجي في الجامعة وعملي في الشؤون الدينية في القوات المسلحة، كان جزء من نشاطنا إصدار مجلة وكان هناك برنامج للشؤون الدينية للقوات المسلحة في الإذاعة، وكلفت بهذا، فهذا أعطاني مدخلا للإعلام بمعناه الحرفي، بعد ذلك الحقيقة طلب مني التلفزيون السعودي أن أقدم فقرات في برنامج المملكة هذا الصباح، برنامج منبر الجمعة، يعني برامج صغيرة بعضها خمس دقائق، بعضها عشر دقائق، بعضها ربع ساعة، كنت أسجل عشرات الحلقات للتلفزيون ثم بعدها يبثونها مسجلة، ثم بعد ذلك كان لي أيضا عدد كبير من الحلقات في قناةبي بي سي في وقتها منذ أكثر من 20 أو 25 سنة، ثم بعد ذلك وجدت أن هذا المجال مجال عطاء كبير، لأنك تخرج بالدعوة من المحلية إلى العالمية، ودعيت من قبل قناة اقرأ منذ أكثر من عشر سنوات أن أكون معهم في برنامج الفتاوى، ومنذ ذلك الوقت وأنا مع القناة أقدم هذا البرنامج، ثم بعد ذلك تتابعت العطاءات ولله الحمد، كنت أدعى لبرامج من حين لآخر، وأحيانا جهات تنتج برامج مثل وزارة الشؤون الاجتماعية، وبعض القنوات تنتج لنفسها مثل قناة الرسالة، وكنت أدعى لها للمشاركة في هذه البرامج للتقديم والإعداد، وهكذا كانت الانطلاقة والبدايات.
خطوة خطوة
هل واجهت صعوبة في هذا المجال؟
أنا بفضل الله تعالى لا أذكر أبدا أن واجهت صعوبة في هذه المسيرة، مسيرتي مع الإعلام، لأنه يبدو أن الله سبحانه وتعالى ييسر لخلقه بشكل سلس، جاءت خطوة خطوة، وكنت أرتقي من مستوى إلى مستوى ومن مرحلة إلى مرحلة، ولا أذكر أبدا أن واجهت صعوبة أو حرجا أو مشكلة ولله الحمد خلال مسيرة أكثر من ربع قرن مع الإعلام، لا صعوبة مهنية ولا صعوبة رسمية ولا صعوبة من الناحية الشخصية، ولله الحمد.
قبل عشر سنوات
هل يمكن أن تذكروا لنا بعض المواقف الحرجة التي حصلت لكم أثناء ممارسة عملكم الدعوي والإعلامي؟
الحياة من ذلك وبالذات في العمل الإعلامي وخاصة برامج الهواء فهي تخلو من المواقف، لا بد، وأذكر قبل عشر سنوات وأنا أقدم أحد البرامج على الهواء وكنت أصادف فيها أحيانا بعض الناس يمتعضون وأنا أتكلم معهم على الهواء، وأحيانا بعض المتصلين يقولون كلاما غير منضبط، يسبون الناس ويذكرون بعض الناس بالاسم، وبعضهم يرمي بسؤال محرج ويقول فيه كلاما غير لائق، فلا بد أن تمتص هذه الأمور وتكييفها للخروج من هذه المواقف،، أذكر مرة أن حصل موقف وحتى نشر في الإنترنت مع الشيخ صالح السدلان في قناة اقرأ منذ سنوات، اتصلت واحدة وقالت كلام غير لائق، والكلام على الهواء فلا مجال للمونتاج، وهي انفعلت وغضب الشيخ من تصرفها، فحاولت أن أهدئ الشيخ وأقول له إن هذه ابنتك وتحتاج إلى توجيه، لأنه فعلا كلامها يزعل وأيضا هو رد عليها بانفعال وقوة وبعد ذلك أردت أن أسيطر على الموقف ما استطعت، فطلبت فاصلا من المخرج حتى نخرج من هذا الحرج. فهذه من المواقف وهناك الكثير، وأحيانا يوجد أناس يتصلون على البرامج خاصة من منطقة المغرب، من الجزائر، ومن المغرب ومن تونس خاصة كبار السن كلامهم غير مفهوم، ولكني أصبحت أفهمه مع مرور الوقت. ومن هذه المواقف أننا انقطعنا مرة في أحد البرامج لمدة دقيقتين لم نكن على الهواء وأخبرنا المخرج، فعندما رجعنا كان المخرج يريد أن يوجهني ماذا أفعل، فرجع الهواء لأنها شغلة فنية لا يسيطر عليها أحد، فقلت بهدوء الآن نحن على الهواء، فقلت بكل هدوء وكان البرنامج قد انقطع لمدة دقيقتين لأسباب فنية, والكلام الذي قلناه يا إخوان، الله يخلف عليكم، نحن نبدأ من الآن نحن أولاد هذه اللحظة فانبسط المخرج وقال لقد أخرجتني من هذا الحرج، والمواقف لا تعد ولا تحصى.
واختم بهذا الموقف، حيث حصل في إحدى المرات بعدما جلست أنا في برنامج الفتاوى في قناة اقرأ، فالشيخ تأخر إلى آخر لحظة فقال المخرج كيف نعمل هل نعيد حلقة مسجلة؟ فالشيخ كلمه وقال له أنا على البوابة، فقررنا أنها تكون حلقة هواء، وقلت للمخرج اتركني مع الجمهور، فقلت لهم شيخنا تأخر يبدو أنه عنده عذر وأنا اسمحوا لي أن أغطي نيابة عنه ما استطعت حتى يحضر، وبدأ الناس يسألون وأنا أجاوب إلى أن جاء الشيخ، وقلت لهم أستأذنكم لنذهب إلى فاصل ونضع الشيخ أمامكم ونرجع لكم. (سؤال: من هو الشيخ) لا أتذكر الشيخ، لأن الكلام هذا من سنوات، وفعلا أخذنا فاصلا ودخل الشيخ وبدأنا الحلقة، وهكذا. وطبعا مع الزمن يصبح الإنسان لديه الخبرة في مثل هذه المواقف.
#2#
لها دورات لا حصر لها
شيخ مسعود كيف تصف تجربتكم في القطاع العسكري وتقييّمك لهذه المرحلة؟
أقول إنها كانت مرحلة إيجابية في حياتي تعلمت منها الكثير واستفدت منها كثيرا على الصعيد المهني، حصلت على دورات، ومع مرور الوقت تكون عند الإنسان معرفة من خلال دورات لا حصر لها، كذلك أيضا من الناحية النظامية، وكذلك على المستوى الشخصي اكتسبت القدرة على التحمل والقدرة على الصبر ومواجهة الظروف، لأن العسكرية صعبة وخاصة في بداياتها عندما كنا طلابا مررنا بظروف صعبة جدا، وشدة غير عادية استفدت منها على الصعيد الشخصي الآن، فهي تكسبك القدرة على الصبر والقدرة على المواجهة، أيضا الشؤون الدينية في القوات المسلحة جهاز قوي جدا، الحقيقة يحظى بدعم لا حدود له من قبل الأمير سلطان ـ جزاه الله كل خير ـ، أنا عشت في هذا الجهاز من بداياته في إدارة الشؤون الدينية، وعشت ثورة التوسع وتنظيم الدعوة وتعلمت من هذا الكثير، الدعوة ليست مجرد كلام أو خطبة تلقى، الدعوة شيء أعمق من هذا بكثير، وتعلمنا استراتيجية الدعوة، وبالتالي أزعم أن التجربة كانت ثرية جدا في القوات المسلحة.
هل أحد من أبنائك سار على نهجك بالاتجاه إلى العمل العسكري؟
الحقيقة حاولت أن أدفع أبنائي ولكنه دفع من بعيد وليس ضغطا وكنت أتمنى أن يكون أحد أبنائي يسير في المسار نفسه، لكنهم ـ سبحان الله ـ لا أحد سار في هذا الطريق، وأنا من النوع الذي يتعامل مع أبنائه تعامل أخوة وتعامل مشورة وتعامل مؤازرة.
نفهم من ذلك أنك لا تتدخل في اختياراتهم وتضغط عليهم؟
دون ضغط وليس من أسلوبي ولا أنصح الآباء أن يضغطوا على الأبناء في تحديد مسار حياتهم، لكن ينصح ويوجه، إذا كان في اتجاه معين ينصح نصيحة له، أما القرار فللأبناء فبعد تخرجه في الثانوية أصبح رجلا ناضا دعه هو يحدد مساره ويتحمل مسؤولية قراراته وأنت تقف بجانبه وتؤازره.
كيف ترى تربية الوالدين لكم واستفادتكم منهما ؟
والله بفضل الله تعالى لهما دور كبير فمثلا الوالد أزعم أنه نموذج للمربي، كان ـ يرحمه الله ـ رجلا متدينا، صاحب دين وصاحب رؤية، فربانا على هذا، وأذكر أن الوالد ـ رحمه الله ـ عندما كان يذهب إلى صلاة الفجر كان يوقظنا للصلاة في الصيف أو في الشتاء، كان يحب الإصلاح الاجتماعي على قدر استطاعته فنحن تعلمنا منه، أنا أتكلم عن نفسي كان له أثر كبير في حبي للأعمال الخيرية قبل أن أبلغ، وكان والدي ـ يرحمه الله ـ، يسعى لإصلاح شؤون الناس، وكان متدينا وكان أيضا مربي في نواحي الحياة الأخرى، وصاحب بعد نظر في كل شيء، في تعامله مع الناس كان مدرسة، كان ولله الحمد بين الحين والآخر في ومضات تمر عليّ في مواقف في حياتي لكني أستفيد منه كثيرا، وأزعم أنني استفدت حتى الصف الخامس الابتدائي فقط وبعدها سافرت ودرست ورجعت من هناك موظفا، جنديا في الدولة، ومع هذا اعتبر أنه كان مدرسة استفدت منها ـ يرحمه الله ـ، وبالنسبة للوالدة فهي إنسانة جادة جدا وتأخذنا بجدية وتوجهنا.
ليس كثير الضرب
هل تتذكر لهما بعض المواقف؟
كثيرا هي المواقف، الوالد ـ الله يرحمه ـ عندما يخطئ أحد منا، فهو ليس كثير الضرب والتكلم بصوت عال، ولكنه إذا أدّب لا ننسى ما يقوم به ويوجهنا بصدر رحب، أذكر مرة كان في القرية أيام الصيف حصاد القمح فيأتون الناس من البيوت في شكل حزم ويدهس ويدري ويصفي القمح، فكان أهل القرية يتعاونون فليس هناك دلع، وغير أن في تلك المرة زاد الدلع فما كان من الوالد إلا أن أخذ السوط وضربني ضربا لن أنساه، ولا أحد اقترب منا، ولكن بصراحة هو درس لا ينسى، الدلع لم يمر عليّ بعد ذلك، أما المواقف التربوية والمؤازرة والتوجيه فكان لا يتركنا ويجلس معنا أوقاتا كثيرة بالساعات ليعلمنا ويوسع صدره لنا ويكافئنا، وبعد ذلك يختبرنا، رغم أنني خرجت في الخامس الابتدائي وكان عمري وقتها 11 سنة بالكثير، ما خرجت إلا وكنت أعرف أحرث وأسوق وأخرج الماء من الآبار للبقر, ورعيت الغنم والبقر وسقيت الزرع، كل أعمال الفلاحة التي كان يقوم بها الرجال، علمنا إياها والدي، كنا في مرحلة زراعة الخريف (زراعة الذرة) نخرج من البيت في الثالثة فجرا قبل صلاة الفجر ونجلس نعمل إلى وقت صلاة الفجر ثم نصلي صلاة الفجر، ونقوم ببعض العمل معه ثم نذهب إلى المدرسة، نكون قد استفدنا بجزء من الليل، وهذه دروس تعلمناها من الوالد ـ الله يرحمه ـ كثيرا، فذكريات تلك المرحلة لا تنتهي مع أنها ذكريات طفل لكنها كثيرة، ـ الله يرحمه.
حكمة الوالد
وهل سرت على نهج الوالد نفسه في التربية؟
والله أنا أجتهد أن أقتبس من حكمة الوالد ـ الله يرحمه ـ ولكن ما بلغت بعض ما بلغه الوالد في هذا الشأن، لأن التربية علم وقدرات وتوفيق رباني وعبادة، كان يجمع بينهم جميعا، فأنا من الأشياء المؤثرة فيّ أسلوب الوالد في تربيتنا، ـ الله يرحمه ـ، وأزعم ـ إن شاء الله ـ أني إلى حد ما وفقت في هذا، ولهذا أنا وأبنائي أصدقاء، يحترمونني ويقدرونني ويقبلون رأسي ويسمعون كلامي، لكنهم لا يهابونني مهابة الخوف، مهابة الاحترام، فبيني وبينهم المجال مفتوح، وأنا سعيد بهذا.
كيف كانت ممارستك الدعوة في الداخل والخارج؟
والله الدعوة في الداخل، الله يسر لي، دعوت بالكلمة عبر شاشات التلفزيون وعبر الراديو وعبر المنابر لسنين طويلة ومازلت إلى الآن أمارس الدعوة في بعض المحافظات كلما تيسر لي ذلك، سواء كان عن طريق الوسائل المختلفة، وفي الكليات العسكرية والسجون وأحيانا محاضرات عامة ادعى من بعض المناطق وبعض الأماكن. ومارست الدعوة أيضا من خلال المشاركة في الأعمال الإغاثية والأعمال الدعوية الجماعية عبر الجمعيات والهيئات والندوة العالمية للإغاثة في الداخل والخارج، حضرت اجتماعات في منتديات وفي الدعوة إلى ـ الله عز وجل ـ في الخارج في أوروبا وفي أمريكا وبريطانيا، فالحمد لله يسر الله هذا. وأبذل الجهد ما استطعت.
هناك من يتهم العمل الإعلامي الإسلامي بالعشوائية خصوصا في القنوات الفضائية؟
القنوات الإسلامية عمرها قصير فبعضها عمرها سنة وسنتان وأربع وخمس وأكثرها عمرها عشر سنوات، وهي تحتاج إلى شيء من باب التنظيم ويكون بينها نوع من تنسيق بين هذه القنوات حتى تخدم قضايا الأمة بشكل مؤثر وحتى لا يحدث تكرار أو حشو وليس فيه إهمال لقضايا على حساب قضايا أخرى، هذا الذي أتمناه بنظرة راقية لأن العمل الدعوي في حاجة إلى ذلك. وبشكل عام أتمنى أن يكون مستوى التنسيق والعمل في المؤسسات الدعوية أكثر، ومن ثمار التنسيق والتنظيم أن تكون الخدمة أعمق وأفضل، أنا بدل من أصدر مشروع دعوي كمؤسسة دعوية أو كداعية أو مؤسسة.. جهدها لمؤسسات أخرى لخدمة هذه القضية تصبح أطلق وأفضل، وهذا التنسيق الذي نتمنى أن يكون العمل الدعوي أكثر تنظيما، ولا يكون غير منسق أما القول أنه عشوائي، فأرى أن الدعوى فيها ظلم