ندوة الحج فرصة لالتقاء التوجهات الفكرية الإسلامية على طاولة واحدة

ندوة الحج فرصة لالتقاء التوجهات الفكرية الإسلامية على طاولة واحدة

يعد موسم الحج في كل عام فرصة ثمينة لتلاقي جميع التوجهات والاختلافات الدينية على طاولة واحدة تجمعهم وزارة الحج في ندوة تعدها في كل عام وفي مثل هذه الأيام, ليكشفوا من خلال حواراتهم الفكرية الكثير من المعتقدات الدينية التي يطرحوها ليتم مناقشتها والوصول إلى توصيات تهم الأمة الإسلامية.
ندوة هذا العام التي حملت عنوان " الاستطاعة في الحج في ضوء المقاصد الشرعية والواقع المعاصر"، والتي تقام بين الثالث والخامس من شهر ذي الحجة في العاصمة المقدسة، استحضر عدد من العلماء والفقهاء الإسلاميين الأحكام الشرعية وفق ما استحدث من أنظمة وتشريعات تفرضها السعودية لتنظيم سير الحج.
وتهدف الندوة إلى إبراز مبادئ السماحة والتيسير التي اتسمت بها أحكام الشريعة الإسلامية بعامة وأحكام الحج بخاصة، وإظهار البعد الإنساني والاجتماعي في الإسلام من خلال ما شرع فيه من أحكام الحج التي ترفع الحرج عن النساء والصبيان والمرضى وذوي الظروف أو الاحتياجات الخاصة, والتأكيد على ضرورة اهتمام الحاج عند أداء نسكه بتحقيق مقاصد الشريعة المتعددة في الحج.
واستعرض الدكتور عبد الرحيم بن إبراهيم السيد هاشم أستاذ الفقه المشارك في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء في بحثه العلمي حول أحكام وآثار أفعال من يقدمون للحج ممن صرح لهم به، ولكنهم يقومون أثناء مناسكهم وصلواتهم بأمور فوق استطاعتهم, فيظلمون أنفسهم ويؤذون غيرهم، وذلك كمخالفة الأنظمة الأمنية والصحية في المشاعر ونحوها, مثل الافتراش في المشاعر والطرقات، واستخدام القوة في تقبيل الحجر الأسود, واستلام الركن اليماني, ومزاحمة النساء للرجال وملاصقتهن لهم في الصلاة في المسجد الحرام.
وتناول الدكتور عبد الرحيم السيد هاشم في بحثه أيضا تنقل بعض الحجاج أيام منى ولياليها بين مكة ومنى طلبا للرفاهية في الفنادق وغيرها، والتعجل في السفر قبل إنهاء شعائر الحج، وتكرار الطواف والعمرة أيام الحج, كل هذا عده الدكتور من المحظورات أثناء الحج والتي تغيب عن الكثير من المسلمين, حيث يتسبب من فعل ذلك في الاختناقات في الطرقات وفي المسجد الحرام على الطائفين والمصلين وعند الرمي.
وعرج الدكتور عبد الرحيم إلى حكم وأثر التبرع بتكلفة الحج عن الغير سواء بالصدقة أم بالهدية أم بالوصية كما يفعله بعض الأثرياء وجمعيات البر, وحكم الحج عن الغير, وقبول نفقة الحج ممن يبذلها, وطلبها من الغير.
من جهته تناول الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء في بحثه والذي حمل عنوان "المسعى والمشعر والسوق , تاريخ وتشريع" والذي فيه سرد تاريخ للمسعى والمتغيرات التي استحدثت فيه ما جعل الأقاويل والفتاوى تختلف فيه, وأورد فيه إجماع الفقهاء وتأييدهم لما سنته السعودية من توسعة بدأت منذ العام الماضي.
وفي نهاية البحث أوصى الدكتور عبد الوهاب بأنه كل ما كان بين امتداد جبل الصفا وجبل المروة فإنه داخل في المسعى، كما هو ظاهر في النصوص من الكتاب والسنة, وكما هو ظاهر فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم, وكذلك أنه لم يرد في الكتاب والسنة وكلام الفقهاء نص يحدد عرض المسعى, حيث يحد المسعى عرضا وطولا بحدود طبيعية هي امتداد الجبلين عرضا والمسافة طولا مثلها مثل بقية المشاعر المقدسة.
ومن أهم ما توصل إليه بحث الدكتور عبد الوهاب أن التوسعة السعودية الحالية للمسعى لم تستنفد كافة المساحة العرضية لجبلي الصفا والمروة، ما يجعل الساعي بينهما في حكم الصحيح وأن سعيه صحيح لا لبس فيه.
وأوصى عضو هيئة كبار العلماء بضرورة إيجاد هيئة علمية شرعية محلية دائمة لتوثيق المشاعر المقدسة, وما يجد عليها من إحداثات، بما معناه هيئة علمية تجمع الجغرافيين، والمؤرخين، ومهندسين، مع شرعيين،لتوثيق ما يتم على أرض المشاعر, لتكون مرجعية لدى إيجاد أي تطوير أو تغيير في معالمها تنير المعالم للأجيال مستقبلا.
وتستكمل بقية محاضرات الندوة الكبرى اليوم وغدا بحضور كبار العلماء والفقهاء الإسلاميين للتطرق إلى الأحكام الشرعية في الاستطاعة في الحج في ضوء المقاصد الشرعية والواقع المعاصر.

الأكثر قراءة