مواطنون يفترشون خياما بالية هربا من ارتفاع أسعار حملات الحج

حين تسير في طرقات مكة، تلفت نظرك الخيام المنتشرة على جنبات الطريق، وهو ما يخيل إليك أن حدود المشاعر المقدسة قد امتدت لتصل إلى مواقع تلك الخيام التي يقطنها مواطنون برفقة نسائهم وأطفالهم، وجميعهم قد ارتدوا الإحرام استعدادا لأداء الحج، وهو ما ينذر بحالات افتراش مبكرة خلال أداء مناسك الحج.
قاطنوا تلك الخيام، هم مواطنون عمدوا إلى التسلل إلى مكة المكرمة قبل إقرار إقفال المنافذ، لينصبوا خيامهم على أطراف المشاعر المقدسة استعدادا للحج هربا من موجة الغلاء التي اجتاحت أسعار حملات الحج بصورة مبالغة فيها على حد قولهم في ظل محدودية دخلهم، التي تجعلهم في حالة تضاد بين رغبتهم في الحج وإمكاناتهم المادية التي تأتي دون أسعار تلك الحملات.
فيما لجأ بعضهم إلى مزاولة البيع قرب خيامهم لسد حاجتهم طوال فترة إقامتهم في خيامهم المنصوبة في مكة المكرمة، فمنهم من لجأ إلى صنع الشاي وبيعه، في حين عمد آخرون إلى بيع الماء والعصائر الباردة، وفئة ثالثة بسطت ملابس وألعاب الأطفال، على أمل أن تساعدهم الأرباح الضئيلة التي يجنونها على سد حاجتهم خلال فترة تسللهم، معرضين حياتهم وحياة ذويهم لخطر الإصابة بالأمراض، جراء مكوثهم في خيام بالية لا تقيهم حرارة القيظ أو البرد القارس، خصوصا مع الموجة الباردة التي تشهدها أجواء العاصمة المقدسة في الوقت الراهن، وهو ما قد يجعلهم عرضة للإصابة بالحمى على أقل تقدير، كما أن موقع خيامهم يجعل أطفالهم الذين ينامون في الهواء الطلق على ضجيج أبواق السيارات ودخان عوادم السيارات، فرصة مواتية للإصابة بالأمراض الصدرية، إلى جانب احتمالية حصول حادث مروري قد يفقد السائق سيطرته على مركبته لتستقر داخل تلك الخيام لتزورهم في مضاجعهم القريبة من الطرق.
منظر تلك الخيام والأطفال لم يكن الأول، حيث استمرت ظاهرة الافتراش في الظهور خلال موسم الحج، الأمر الذي جعلته الأجهزة المعنية نصب أعينها لمحاربته، وهو ما تحقق لهم من خلال الإحصاءات والأرقام التي كشفت عن تضاؤل الظاهرة خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنها ما زالت تواصل في الظهور بشكل أو بآخر، الأمر الذي من شأنه أن يجد تحركا أكثر لمواجهتها وبحث أسبابها بتحديد أسعار الحملات، وإعلان العقوبات الرادعة لمن يفترش الطرقات، ضاربا بالأنظمة عرض الحائط، ومتسببا في إرباك خطة الحج التي وضعتها الأجهزة العاملة في شتى مجالات الحج.