مفتي المملكة: سبب الانهيارات الاقتصادية يعود إلى إخلال الناس بأصول الشريعة

مفتي المملكة: سبب الانهيارات الاقتصادية يعود إلى إخلال الناس بأصول الشريعة

أكد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، أن سبب الانهيارات الاقتصادية التي يشهدها العالم هذه الأيام هو إخلال الناس بأصول الشريعة, لافتا إلى تحريم الله تعالى الربا وأخبر أنه يمحق الربا, داعيا المسلمين إلى أن يعودوا إلى شرع الله, وأن يقيموا اقتصادهم على دين الله ليحفظ لهم دينهم وأموالهم واقتصادهم.
جاء ذلك خلال خطبة يوم عرفة, التي احتشد جموع من حجاج بيت الله الحرام داخل وحول جنبات مسجد نمرة في مشعر عرفة, يتقدمهم الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة.
وتحدث الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن الأمن وما يمثله من مطلب مهم في الحياة وهو ضروري لكل البشرية وأساس التسامح للمجتمعات البشرية بكل ما أوتي من إمكانات مادية أو فطرية. مؤكدا أن طلب الأمن مقدم على طلب الرزق والكساء وأن طلب الأمن مقدم على طلب الرزق والغذاء، مشيرا إلى أنه لن يهنأ لنا منام ولا أمن في أوطان ولا رغد للعيش إذا اختل الأمن والعياذ بالله.
وأبان مفتي عام المملكة، أن من أسباب تحقيق الأمن طاعة ولي الأمر واجتماع الكلمة, مؤكدا أن عواقب اختلال الأمن وخيمة ونتائجه سيئة فإن اختل الأمن والعياذ بالله تغيرت الحال وسفكت الدماء البريئة وأوذيت الناس والأطفال وسلبت الأموال والممتلكات وانتهكت الأعراض وشاع الظلم وحل الخوف محل الأمن والفقر محل رغد العيش أعاذنا الله وإياكم من حال السوء , مشيرا إلى التحذيرات الشديدة من الله سبحانه وتعالى ومن أجهزة هذه الدولة لكل من يحاول إعاقة الأمن ونشر الفساد والعدوان.
وأوضح أن مفهوم الأمن في الشريعة الإسلامية لا يقتصر على متابعة المجرمين بل عام في كل ما يحتاج إليه المسلمون والبشرية في دينها ودنياها, أمن عام في كل تحتاج إليه البشرية في الأمور المادية والمعنوية لكل فرد أو جماعة مسلم أو غير مسلم.
وأبان مفتي عام المملكة، أن من أنواع الأمن في الشريعة الأمن العقدي في المحافظة على العقيدة الإسلامية الغراء مما يخدشها أو يزعزعها وينقضها بالدعوة إلى توحيد الله وإخلاص الدين له والبعد عن المخالفات الشرعية, ومنها أمن نفسي فالإسلام يسعى إلى إصلاح النفس وإزالة القلق والخوف عنها من إيمان بالله والرضي بحكمه واتباع شريعته والإنابة إليه, والمسلم يسعى في طريقه إلى الله يمده إيمانه بالعمل والرجاء إلى الله وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا وأن أعماله محفوظة له وسيجازى بها يوم القيامة، ومنها الأمن الأخلاقي بتربية المجتمع على الأخلاق والقيم الإسلامية السامية وعلى الطهارة والعفة والحشمة والحياء والبعد عن الأخلاق الرذيلة الهابطة التي لا خير فيها.
ولفت سماحة المفتي العام النظر إلى الأمن الأسري والاجتماعي ويكون ذلك بتأسيس الأسرة السعيدة القائمة على قواعد الأخلاق والضوابط المشروعة الطاهرة مع العناية بها من التفكك والضياع والاعتناء بها والمحافظة على بر الوالدين وصلة الأرحام وإكرام الجار والضيف والإحسان إلى الأيتام والمساكين وتحقيق التكافل الاجتماعي .
وأبان أن حقيقة الأمن السياسي تكمن في المحافظة على وحدة الأمة وجمع كلمتها وتوحيد صفها والوقوف سدا منيعا أمام من يخل بأمنها واستقرارها, مما يؤكد حقيقة التزام الأمة بالالتفاف حول قيادتها والحذر من مكائد أعدائها، داعيا القيادة الحكيمة إلى النظر الدقيق والبعيد والانتباه لأن هذه الأمة مستهدفة من قبل أعدائها يسعون إلى إضعاف شأنها من خلال إيجاد نزاعات مختلطة وإشعال فتيل النزاعات.
وأشار إلى الأمن الاقتصادي الذي وضع له الإسلام أسسا عادلة لقيام اقتصاد قوي متين بعيد عن الربا والظلم، ومن ميزاته أنه مرتبط بالإسلام عقيدة وشريعة وذلك بالنظر إلى أن الشريعة أباحت التملك وأعطت الحرية المقيدة بغرض الزكاة المفروضة والنفقات الواجبة, ودعت إلى عظيم الخير وحرمت البيوع المشتملة على الربا والضرر والظلم والميسر وأكل أموال الناس بالباطل ومنعت من كل بيع لا يعرف عينه ولا ثمنه ولا أجله وبيع ما لا يملك وما لا يستطيع الإنسان سداد ثمنه حماية للمجتمع ان يأكل بعضه بعضا.
وتحدث المفتي العام في خطبته عن الأمن البيئي والأمن الصحي مشيرا إلى أن الأمن البيئي في الإسلام يدعو إلى الاهتمام بالبيئة وسلامتها ونظافتها وحماية مكوناتها وحماية المرافق العامة ومصادر المياه من التلوث فالإسلام حمى ذلك وكل ذلك حماية للمجتمع لعدم تلوث البيئة .
وأوضح أن الإسلام دعا إلى سلامة المجتمع ومنع من أسباب الوقوع في الأمراض فنهى عن الاختلاط بالأمراض المعدية والفرار منها ونهى عن الدخول في الأماكن الموبوءة كل ذلك حماية للصحة وحرصا على العلاج بعد وقوع الأمراض وما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء .
وعما يحدث في بعض الدول الإسلامية مثل الصومال وباكستان وأفغانستان, وجه سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ سؤالا إلى الصوماليين المسلمين عن التمزق والاختلاف الذي يمزق الصومال " ألا يوجد فيكم رجل رشيد .. دمرتم بلادكم ومزقتم شملكم فاتقوا الله في أنفسكم".
وفيما يتصل بباكستان وأفغانستان قال مفتي عام المملكة " يا إخواني في باكستان وأفغانستان وغيرهما من دول الإسلام ليحرص المسلمون على حماية دينهم وأوطانهم واجتماع الكلمة ومنع كل ضرر يلحق بالأمة الأذى".
ودعا سماحة المفتي العام للمملكة صانعي القرار في العالم الإسلامي إلى أن تكون قراراتهم معبرة عن آمال الأمة الإسلامية وهمومها وسبب لازدهار حياتها وارتباطها بعقيدتها أحرصوا على وحدة الأمة وجنبوها كل بلاء وشر واحرصوا على موارد الأمة تنمية وإصلاحا وعدم الصرف فيما لا ينفع.

الأكثر قراءة