رسالة سلام من الحج.. الهند وباكستان فرقتهما السياسة وجمعتهما "منى"
كيف بدت العلاقة بين الهند وباكستان قبل الحج، خصوصاً بعد أحداث "مومباي" الهندية؟. ما عجزت عنه المنظمات الدولية، حققته مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، بعدما جمعت حجاج باكستان والهند في مخيم واحد. هنا كان الوضع مختلفاً إذ التحم العلمان ووجها رسالة إلى كل المنظمات مفادها أن العبرة الدينية الحل الوحيد التي ستمكن الدولتين من الاجتماع والترابط.
شعبا الدولتين وجها كذلك رسالة إلى حكوماتهم، أن يحكِّموا العقل ولا يلتفتوا إلى من يسعى في ذر المشكلات بينهم ليحققوا هدفهم في دخول الدولتين في معترك الحروب والدمار. في يوم العيد، وفي أرض مشعر منى المقدس، التحم العلمان الباكستاني والهندي، في صورة لن تتكرر في أي مكان آخر، ولكن روابط الدين، وطلب المغفرة والأجر من الله كانا السبب في هذا الالتحام.
رضا حكيم الرحمن باكستاني الجنسية، نسي كل المشكلات القائمة بين بلاده منذ أن وطأت قدماه أرض المشاعر المقدسة، حيث لم تلهه تلك الاضطرابات السياسية عن التركيز في أداء شعيرة الحج، مشيرا إلى أنهم في هذا المخيم يتعايشون مع إخوتهم الهنود بسلام واطمئنان، موضحا أنه في بعض الأحيان يغلب على أحاديثهم ذكر تلك الاضطرابات السياسية، إلا أن لغة العقل هي اللغة السائدة، دون وجود للبغضاء والحقائد.
ضياء الحق خان هندي الجنسية يقول: "المشكلات بين الدولتين أزلي، لكنها تطورت في الآونة الأخيرة، ونحن منذ سنوات ونحن نجتمع في مخيم واحد، وقد كونا بيننا صداقات عميقة، وإن لم نلتق في بلداننا فإننا نلتقي هنا لنتذكر الماضي الجميل بيننا، خاصة أن جميع وجباتنا اليومية تجمعنا على مائدة واحدة دون أي تفريق، وفي الليل نتسامر معا، ونساعد بعضنا بعضا في النهار عند تأديتنا لمناسك الحج".
من جهته، ذكر عدنان كاتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة جنوب آسيا للطوافة، أن المؤسسة عقدت ومنذ فترة جلسات واجتماعات مع رؤساء البعثات لدى البلدين، وتم التنسيق على اجتماعهم في هذا المكان الموحد، منوهين أن روابط الإسلام أكبر وأعظم من أي روابط أخرى، مشيرا إلى أنه كان هناك قبول مجمع بين الطرفين، مستشعرا منهم أن كل ما يهمهم في هذا الجانب هو كيفية أداء مناسك الحج، بغض النظر عن أي خلافات أو ترسبات سياسية أخرى بينهم.
ويزدحم تاريخ العلاقات الهندية الباكستانية بكثير من التوتر، كما اندلعت ثلاث حروب بين البلدين، وشهدت سنوات العلاقة العديد من المحادثات واجتماعات القمة التي يعتبر خط وقف إطلاق النار أهم نتائجها على الإطلاق، ومرت الأوضاع الداخلية لكلا البلدين بمنعطفات عديدة راح ضحيتها الكثير من بينهم مجموعة من زعماء البلدين السياسيين.
واستمرت تلك العلاقة بين البلدين ترتفع وتيرتها تارة وتنخفض تارة أخرى، إلى أن أتت أحداث مومباي الأخيرة، التي هاجم فيها عدد من الإرهابيين عدة فنادق، راح ضحيتها المئات من الأبرياء، ووجهت الهند اتهاما إلى باكستان بضلوعها في العمل كون الإرهابيين انطلقوا من ديارها.