وقت قياسي للجرد السنوي والميزانية

في القديم منذ عقود زمنية مضت على استخدام الحاسب الآلي، وابتكار الحلول المحاسبية عبر نظم برمجية مختلفة في حينها، كانت العبارات الشهيرة "مغلق للجرد السنوي"، أو "مغلق لحسابات الميزانية" تصادفنا نهاية كل عام. وكان من المسلمات ومن الأمور المحسومة أن نظل أياما ننتظر انتهاء عمليات الجرد واستكمال إنهاء إجراءات الميزانية، التي عادة تواجهنا في قطاعات كثيرة، مثل: البنوك، والشركات الكبرى، وبعض المؤسسات التجارية ومحال قطاع التجزئة.
إن التعيس هو من يصادف توقيت إنهاء مصلحته المهمة والملحة أيام الجرد السنوي أو قفل الميزانية، مما يعني أن عليه الانتظار لعدة أيام حتى تنتهي تلك الجهات أو القطاعات من عمليات الجرد. ومن ثم يبدأ في مباشرة موضوعه والسعي لإنجازه تحت ظروف عمل قاسية، وتراكم الأعمال من جراء الأعداد الكبيرة من المراجعين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر بدء العمل لتخليص معاملاتهم خلال عمليات الجرد تلك، مع تكدس المعاملات السابقة، التي تركت تتراكم بسبب الانصراف عنها للتفرغ لإنهاء إجراءات قفل حسابات الميزانية، ويستمر ضغط العمل بعد أول يوم عمل لفترة تمتد لأسابيع. يحرم خلالها الموظفون الذين يباشرون مهام الجرد السنوي من الإجازة إلا لظروف صعبة وقاسية، إلى أن تعود مجريات العمل لوضعها الطبيعي.
هكذا حال القطاعات الأهلية في عهد الثمانينات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي. بل كانت بعض القطاعات الحكومية، وبالتحديد وزارة المالية، في وضع استنفار وتأهب إلى أقصى الحدود، وعمل مكثف من جميع الموظفين إلى قفل الميزانية السنوية وإقرار الميزانية السنوية الجديدة. ولكن مع تقدم الحلول البرمجية والنظم المحاسبية المتطورة، وفقاً لأحدث التقنيات العصرية، وتوافر الاتصالات عن بعد بواسطة شبكة الإنترنت الخاصة للمنشأة، أصبحت إمكانية الوصول إلى النتائج في غضون ثوان معدودة، وهذا يعود إلى ثمرة جهود متواصلة عملت طوال العام بفضل البرامج الحاسوبية المتطورة.
اتجهت العديد من القطاعات إلى الاستعانة بالبرامج الحاسوبية المتطورة المتخصصة في الجرد والإجرءات المحاسبية الخاصة بالميزانية من مستويات الربع والنصف سنوية إلى إجمالي عام كامل. وساهم ذلك في تحسين أداء تلك الجهات في إنجاز مهامها والعمل المناط بها، حتى أنه استفادت بشكل مباشر قطاعات الأعمال المتوسطة والصغيرة، وكذلك الجمعيات الخيرية والمنظمات والهيئات المحلية. وحتى على نطاق المدارس، حيث قامت بعض الإدارات المدرسية وباجتهادات فردية، من الاستعانة ببرامج بسيطة في إتمام إجراءات ميزانية المدرسة من الحسابات المالية وعمليات الجرد، وما يتعلق بالطلاب كالبوفيهات المدرسية. كل ذلك بواسطة أدوات برمجية من نظام التشغيل للكمبيوتر نفسه، كبرنامج الإكسل.
وأصبحت أدوات الجرد متوافرة وبسيطة وغير مكلفة، إذ بالإمكان استخدام أجهزة الجرد الآلي مثل: قارئة وطابعة الباركود، وموازين الباركود الإلكترونية. وهي متوفرة بأسعار اقتصادية غير مكلفة حتى على مستوى الأفراد، حيث يمكن للفرد اختيار النوع الذي يناسب احتياجاته, من باركود يدوي أو مسطح في السوق المحلية, ومعظم الأنوع المتوافرة ذات دقة وسرعة عالية. وعادة ما تشمل هذه الأدوات برامج خاصة تحدد التنسيق والتصنيف المناسب لجميع الممتلكات بمختلف أنواعها وفئاتها، وجردها حسب الأصول المحاسبية.
والآن بعد توافر هذه الحلول المبتكرة لم نعد بحاجة إلى إغلاق الأبواب أمام مصالح الناس بحجة الجرد أو الحسابات السنوية، مع عدم منع موظفي القطاع من التمتع بإجازاتهم أو صعوبة الاستئذان لظرف خاص، وكل ذلك يعود بفضل الله إلى هذه التقنيات الحديثة. ومن هذا المنطلق - أجدها فرصة سانحة بالقول - إنه يمكن للقطاعات والأفراد أن يؤمنوا برامج خاصة، بحيث يمكن إجراء الجرد السنوي للممتلكات وقفل الميزانيات، وتحديد المصاريف المتوقعة للعام الجديد. وهذا يمكنهم من تحديد المصاريف وترشيد النفقات وتحاشي التبذير، ومن ثم إيجاد الأساليب المناسبة للتوفير من البنود المختلفة، من أجل مستقبل أفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي