طريق الملك عبد العزيز.. حلقة وصل عمرها 50 عاما
يعطي إشارة ضمنية لامتداد الرياض، يرسم توجهها، ويمنحها فضاء واسعا يقودها نحو المستقبل، بدأت معالمه تتضح مع بداية النهضة والتطور العمراني على يد الملك سعود رحمه الله وذلك في نهاية السبعينيات الهجرية حينما انتقلت وزارات الدولة من جدة إلى الرياض وأخذت مواقعها على الطريق لتشكل منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين. نصف قرن أو يزيد هو العمر الزمني لشارع المطار القديم الذي تحول مسماه إلى شارع الوزارات ومن ثم أصبح حاليا طريق الملك عبد العزيز. استقطب الشارع كثيرا من الوزارات والدوائر الحكومية، التي تركزت على جهته الغربية مثل الصحة، التجارة والصناعة، التربية والتعليم، الزراعة وكذلك وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والطيران فيما كانت الجهة الشرقية تمتلئ بالمباني التجارية والمنشآت السكنية، إضافة إلى المباني الحكومية كمستشفى الأمير طلال بن عبد العزيز، الملك عبد العزيز حاليا، وفندق زهرة الشرق و فندق اليمامة، اللذين يعدان من أوائل الفنادق في الرياض، يبدأ الطريق من ميدان سميراميس في نهاية البطحاء حتى يتوقف أمام مطار الرياض، القاعدة الجوية حاليا. كان الشارع في وقت مضى هو الطريق و البوابة الرسمية للرياض حيث يقع المطار كما كان حلقة الوصل والرابط بين وسط البلد والمطار. تتغير الملامح بعد أن تقترب الشمس من المغيب فتقل الحركة وتسكن أصوات سيارات الموظفين والمراجعين بعد نهار مملوء بالحركة.
#2#
#3#
#4#
توسع ضمن الحدود
تبرز الحكمة في التخطيط واختيار المساحات فالشارع مازال يستوعب الحركة المرورية الكثيفة ومباني الوزارات لم تتضجر من الكثافة العددية التي تتزايد باستمرار، فالمنشآت كأنها حديثة التصميم تكبر مع الزمن وتتوسع تبعا للحاجة وهي مازالت ضمن حدودها المرسومة لها منذ أكثر من 50 عاما وكأنها أنشئت قبل وقت غير بعيد، في أروقتها كانت وما زالت تصنع القرارات و توضع خطط التطوير، التي تعيشها الرياض بشكل مستمر. يؤكد سامي عبد العزيز، محاسب في أحد المكاتب التي تطل على الشارع الذي أمضى قرابة 40 عاما في الرياض درس فيها وتخرج وعمل أن الشارع لم يحدث فيه تغييرات تذكر سوى تحسينات في الفترة الأخيرة وذلك لإعطاء مساحة أوسع للحركة المرورية.
مشاهد من الذاكرة
يعد عصام الحمصي قرابة ثلاث آبار كانت موجودة في طريق الملك عبد العزيز تمد السكان بالمياه واثنتان في المكان المقام عليه فندق اليمامة حاليا وآخرى مكان وزارة التجارة فيما مازالت ذاكرة سامي عبد العزيز تحتفظ بمشاهد طلاب المدارس الذين يقفون على جانبي الشارع حينما يخرجون لاستقبال أحد الوفود التي تزور المملكة ترحيبا بمقدم تلك الشخصية. مهندس الطيران هيثم الرفيعي الذي عاد لمهنة آبائه وأجداده التي تعمل في العراق في مهنة السجاد الشرقي يعمل تعود به ذاكرته إلى ما قبل قرابة 19 عاما أثناء حرب الخليج الثانية حينما كان الأجانب يقفون أمام المحل بأعداد كبيرة في انتظار موعد فتح المحل لتتمكن من شراء قطع السجاد المميزة، ويعلل الرفيعي سبب إقبال الأجانب على هذه النوعية من السجاد لمعرفتهم بقيمتها والمستوى الفني الذي تتميز به. ويشير إلى أن المحال في الشارع بدأت تتناقص بسبب توسع الرياض وصعوبة الوصول إلى هذا المكان، إضافة إلى صعوبة الحصول على موقف. وفي موقع آخر من الشارع حيث يوجد أقدم مركز تجاري في الرياض سوق الشعلة الذي اكتسب مكانة لدى الأجانب كما يذكر ذلك أيوب الذي يتولى إدارة محل عطور خلفا لأبيه ويؤكد أيوب أن الإقبال على هذا المركز لم يتأثر بالتطور العمراني الذي تشهده الرياض بسبب تركز الأجانب في هذه المنطقة.
الطريق الآن
يواصل طريق الملك عبد العزيز قيادته للرياض متجها إلى الشمال حيث تتبعه المدينة وكأنهما عاشقان يسير كل واحد منهما خلف الآخر، يمتد ليصل لأبعد من العمران ينتظر القادمين ويدعوهم للحاق به، يمر بعدد من الأحياء ويضيف لها بعدا جماليا ومركزا تجاريا ومكانة على خريطة اقتصاد المدينة، تعيش أجزاؤه الشمالية تغيرات وتعديلات لتجعله يتناسب والمستوى الحضاري الذي تتطلع إليه.
#5#
#6#
مفارقات في الطريق
يعيش الطريق مفارقات عديدة فالأقدام الشابة تطأه وتتحرك فيه بسرعة تنتقل من مبنى لآخر عندما كانت الوزارات تعرض وظائفها للخريجين فيأتي الخريج باحثا عن المكان الأنسب والأفضل، يصف مبارك الدوسري الذي قابلناه أمام إحدى الوزارات ذلك المشهد الذي يتكرر مع كثيرين فتجد الخريج يتنقل من وزارة إلى وزارة أخرى يدخل هذه ويتجاوز تلك حسب ما يسمع ممن سبقوه حتى يستقر به المقام في واحدة منها، ويترك المكان بعد أن يحقق هدفه ويبتعد كثيرا حتى قد ينسى بعض ملامح الطريق ويعود إليه مرة أخرى وقد تقاربت الخطى تبحث عمن ينهي إجراءات التقاعد أو وجود حل لبعض الإجراءات الإدارية، التي تتطلب مراجعات قد تكثر.ويقارن الدوسري ذلك المشهد بما يراه الآن من كثرة المراجعين الذين يبحثون عن وظائف إلا أن ذلك لن يتحقق بسهولة. ويلمح الدوسري إلى بوابة وزارة التربية والتعليم التي تشهد بشكل مستمر أحداثا ومواقف عديدة من الخريجين الراغبين في الحصول على وظيفة. وفي جانب آخر يتردد الصحافيون على تلك الأبواب أملا في رؤية مشهد معين يمكن أن يتحول إلى خبر فالجميع يترقب ما يحدث في أروقة الوزارات، كما يبحثون عن تصريح من أحد المسؤولين.