حميدان التركي .. المدان البريء!!
قضت محكمة الاستئناف بولاية كلورادو الأمريكية منذ أيام برفض الاستئناف المرفوع في قضية المبتعث السعودي البريء حميدان التركي، المحكوم عليه بالسجن لمدة 28 عاماً بتهمة التحرش بخادمته الإندونيسية في محاولة لإنهاء هذه المأساة التي مازال يعانيها هذا الرجل الأبي والتي بدأت منذ ثلاث سنوات عانى خلالها المتهم وأسرته من فصول جلسات هذه المحاكمة على أمل أن تكون النهاية إيجابية، إلاّ أن القضاء الأمريكي كان له رأي آخر وقال كلمته كما يقولون!! ونحن نعرف ماذا يعني رأي هذه المحاكم؟؟ التي يقولون إنها لا تخضع لأي تدخل خارجي!!
ورغم هذا ذكر أن هيئة القضاة في محكمة الاستئناف قد حددت في جلسة الاستماع النهائية، التي عقدت في السادس من هذا الشهر الميلادي موعداً لإصدار الحكم من 4 إلى 6 أسابيع ولكن فوجئ محامو المبتعث حميدان التركي بإبلاغهم من المحكمة بتسلم الحكم ذلك اليوم أي منذ أيام في فترة لم تتجاوز أسبوعين، مما يثير الشبهات حول هذا التوقيت والاستعجال في إصدار الحكم بحسب محامي الاستئناف هال هادن. أين المصداقية هنا؟؟ ولماذا هذا التناقض بين الموعدين؟؟ وترى لو كانت هذه التهم في حق أجنبي في مجتمعاتنا العربية وتعاملنا معها بهذا الأسلوب القاسي غير العادل, ترى كيف ستكون ردود الأفعال تجاه تصرفاتنا؟؟ أكاد أرى جحافل حقوق الإنسان العالمية قادمة إلى مجتمعاتنا كي تعيد الأمور إلى نصابها وتحقيق العدالة لهذا المواطن الأجنبي!! كما هي عدالة الأمم المتحدة الآن في التعامل مع إجرام الصهاينة في حق إخوتنا في غزة!!
حميدان التركي فك الله أسره واعتقاله, فأنا ومعي كثيرون لا نعتبره متهما وإنما هو بريء تم اعتقاله ولفقت له التهم والجميع يعرفها فقد كتب الأغلبية العقلاء عن هذه التهم الملفقة بل بثت إحدى القنوات تقريرا عن هذه القضية ومن خلال الحوارات مع جميع أطراف الاتهام كان واضحا أنها تهمة ملفقة, وفي رأيي أن هذه العقوبة كان يستحق أسوأ منها الجنود الأمريكيون في العراق الذين اغتصبوا الطفلة العراقية ثم قتلوها وأهلها وحرقوهم!! ترى هل تتذكرون ما العقوبة لأولئك المجرمين حينها؟؟ لاشيء مقارنة بالجرائم المتعددة التي ارتكبت بحق تلك البريئة, سوى سجن لأحدهم لمدة شهور!!
ومن المستغرب أن ما أحيط بهذه التهمة ضد هذا البريء منذ بداياتها توضح أن هناك تحيزا في حيثياتها ومنها ما نشر أخيرا على لسان فهد النصار أن جلسة الاستماع النهائية قد شهدت نقاطا ساخنة. وتركزت نقاط الاعتراض من قبل هيئة الدفاع خلال الجلسة على خمس نقاط أساسية أثرت في إجراءات المحاكمة وترتبت عليها الإدانة والحكم على المتهم، وقام ممثل هيئة الدفاع عن حميدان التركي المحامي المعروف - هال هادن - باستعراض أبرز الاعتراضات أمام المحكمة ففي جانب ما يتعلق باختيار المحلفين أوضح أن أحد المحلفين الذين تم اختيارهم أقر بأنه سوف يحكم ضد حميدان كونه مسلماً ورغم موقفه المعلن أجازت المحكمة اختياره ضمن هيئة المحلفين، وهذه من أهم النقاط في القضية، كما أنه تم اختيار اثنين من المحلفين سبق أن تعرضا أو أقرباؤهما لتحرش جنسي مما يؤثر في مدى استقلاليتهما وعدم تحيزهما ضد المتهم متأثرين بما حدث لهما في السابق وهذا يعتبر خدشاً لمصداقية هيئة المحلفين، كما تضمنت نقاط الاعتراض أن المحلفين قد تم التأثير فيهم وبشدة لإبعادهم عن التهم الرئيسية وإشغالهم بمحاكمة للدين الإسلامي، وأكد المتحدث باسم أسرة التركي في هذه القضية الأستاذ فهد النصار أن أداء محامي الدفاع كان متميزا في إيضاح محاور اعتراضه، خلال الجلسة وظل يراقب الوضع ومن المعروف أنه لا بد من أن يتفق قاضيان من أصل ثلاثة من القضاة على الحكم في هذه القضية.
وكما قال فهد النصار: لقد جاء رد المحكمة فيما يتعلق بتحيز أحد أعضاء هيئة المحلفين قوله: (ربما لن أكون عادلاً مع حميدان التركي لأنه مسلم) ولم يقل: (لن أكون عادلاً معه لأنه مسلم) فوضعه لكلمة (ربما) قبل كلامه لا يجعله قابلاً للطعن في شهادته!!
وفيما يتعلق بمدة الحكم أوضح النصار أن هيئة المحكمة رأت أنه ليس هناك فرق بين عقوبة الإدانة من الدرجة الرابعة والإدانة من الدرجة الثانية، مضيفاً أنها آخر الآمال في إيجاد حل قانوني للقضية حيث إنه ليس هناك بعد حكم محكمة الاستئناف الذي تم في 22 يناير الحالي إلاّ الرفع للمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعتبر من الصعوبة إلى حد الاستحالة الحصول على حكم في مصلحة قضية حميدان التركي.
إذا نحن أمام ظلم بشري يعانيه هذا المبتعث الشاب، الذي سيقضي عمره مسجونا لمدة 28 عاما!! فقط لأن هناك من لا يعجبه نشاطاته الدعوية، إضافة إلى التزامه دراسته العليا هناك!! فتم تلفيق تلك التهمة التي اختفت وسائل إدانته من خلالها بل إن الخادمة شخصيا اختفت!! لماذا؟؟ وكيف؟؟ أليست هي التي قيل إنها الضحية؟؟ السؤال: هل هي على قيد الحياة؟ أم تم التخلص منها بصفتها شاهدة حقيقية على هذه التهم؟؟
أتساءل وأنا أكتب مقالتي هذه عن هذا البريء: ترى إلى متى يستهان بقضايا شبابنا المسلم تحت مظلة (عدالة أمريكا)؟؟
أتوقع أن تواصل الجهات المسؤولة عن هذه القضية, وعن هذا المبتعث البريء, جهودهما باستغلال ثغرات الأنظمة القضائية هناك, التي يفلت منها عتاة المافيا أحيانا!! إذا ما استطاع هؤلاء القانونيون تشكيل شبكة قضائية يتحقق منها العدل الحقيقي, خصوصا أن الرئيس الأمريكي الجديد قادم ولديه حلم إعادة الصورة الأخلاقية لأمريكا. ونحن كذلك ولكن على أرض الواقع لكل مسلم يعاني خيبات النظام السابق!!