دراسات الجدوى ركيزة أساسية للاستثمار في "الصناديق العقارية"
قال تقرير لمجموعة كسب المالية إن عملية الاستثمار تحظى من بين العديد من الأنشطة الاقتصادية بأهمية كبرى كون الاستثمار يمثل العنصر الحيوي والفعال لتحقيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، ومن خلال ترابط العملية الاقتصادية فإن أي زيادة في الاستثمار سوف تؤدي إلى زيادة في الدخل في المستقبل من خلال مضاعف الاستثمار. كما أن أي زيادة في الدخل لابد أن يعود جزء منها لزيادة الاستثمار من خلال الدورة نفسها وهو ما يعرف عند الاقتصاديين بالمعجّل أو (المسارع). أما من ناحية ارتباط العملية الاستثمارية بالمخاطرة فإنه يمكن القول إن كل عملية استثمار لابد أن يرافقها مستوى معين من المخاطرة، ولا بد أيضا أن تحقق مستوى معينا من العائد.
وأكد أن الاستثمار يمكن أن يعرف على أنه " التضحية بمنفعة حالية يمكن تحقيقها من إشباع استهلاك حالي من أجل الحصول على منفعة مستقبلية يمكن الحصول عليها من استهلاك مستقبلي أكبر". كما يمكن تعريف الاستثمار أيضاً بأنه "التخلي عن استخدام أموال حالية ولفترة زمنية معينة من أجل الحصول على مزيد من التدفقات النقدية في المستقبل تكون بمثابة تعويض عن الفرصة الضائعة للأموال المستثمرة، وتعويض عن الانخفاض المتوقع في القوة الشرائية للأموال المستثمرة بسبب التضخم مع إمكانية الحصول على عائد معقول مقابل تحمل عنصر المخاطرة" وعلى هذا الأساس فالاستثمار يعني " الامتناع عن جزء من الاستهلاك الحالي من أجل الحصول على مزيد من الاستهلاك في المستقبل".
وشدد على أن أهمية الاستثمار تبرز في كونه إحدى أهم أدوات المساهمة في زيادة الدخل على المستويين الفردي والقومي, ومساهمته في خلق فرص العمل, فضلاً عن دعمه لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية و زيادة الإنتاج مما يدعم الميزان التجاري وميزان المدفوعات على مستوى الاقتصاد الكلي.
وأوضح أن المستثمرين غالباً ما يلجأون للاستثمار لتحقيق إحدى الفوائد التالية أو كلها:
- تحقيق عائد مادي مناسب يساعد على استمرارية المشروع وتطوره.
- المحافظة على قيمة الأصول الحقيقية وتنميتها.
- استمرارية الحصول على الدخل والعمل على زيادته.
- ضمان توفير السيولة اللازمة لاستمرارية المشروع.
عائد الاستثمار
وأضاف التقرير "يمكن تعريف عائد الاستثمار بأنه العائد الذي يحصل عليه صاحب رأس المال مقابل تخليه عن الاستمتاع بماله للغير ولفترة زمنية معينة، كما يمكن أن يعرّف على أنه ثمن لتحمل عنصر المخاطرة أو عدم التأكد، وكلما كان طموح المستثمر بالحصول على عائد أكبر كانت درجة المخاطرة أكبر، فالعلاقة طردية بينهما. كما أن هناك علاقة طردية أيضاً بين طول فترة الاستثمار ودرجة المخاطرة، فكلما زادت الفترة لاسترجاع رأس المال المستثمر زادت بالتالي درجة المخاطرة. وتظهر المخاطرة نتيجة لظروف عدم التأكد المحيطة باحتمالات تحقيق أو عدم تحقيق العائد المتوقع من الاستثمار. فالعلاقة بين العائد ودرجة المخاطرة تكون متباينة بحسب طبيعة وحجم الاستثمار. وعليه فإن المستثمرين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع بهذا التصنيف الأول المستثمر المتحفظ: وهو الذي يعطي عنصر الأمان الأولوية الكبرى في اختياره لمشروعه والمفاضلة بين الخيارات المتعددة والوصول إلى قرار معين. والثاني المستثمر المضارب: وهو الذي يعطي عنصر الربحية الأولوية الكبرى في عمليات استثماره وعادة ما يكون مثل هؤلاء المستثمرين على درجة عالية من المخاطرة في اختيارهم لمشروعاتهم ومتقبلين لأنواع الربح والخسارة بشكل دائم وقد تغلب عليهم سمة التحول من نشاط اقتصادي إلى نشاط آخر, أما الثالث فهو المستثمر المتوازن: وهو النمط الأكثر عقلانية والذي يوازن عادة بين العائد والمخاطرة وتكون قراراته بالموازنة بين العنصرين.
وأشار التقرير إلى أن الصناديق الاستثمارية تعد كأنواع المستثمرين أيضاً بتقسيماتهم الثلاثة فهناك الصناديق ذات المخاطر المنخفضة كصناديق المرابحة والصناديق التي تستثمر في السندات والودائع والمرابحات, وهناك الصناديق ذات المخاطر المتوسطة وهي الصناديق التي تنوع استثماراتها بين الأسهم والسندات والمرابحات, وأخيراً الصناديق عالية المخاطر وهي الصناديق التي تستثمر في أوراق مالية عالية التقلب كالأسهم والعملات.
وحيث إن أحد أهم عوامل الاستثمار هو مقدار المخاطرة فإن دراسات الجدوى الاقتصادية تكون أحد أهم العوامل التي تؤثر في اتخاذ القرار بالاستثمار أم لا، فدراسات الجدوى من الممكن أن يترتب عليها الكثير من القرارات الاستثمارية المهمة بدءاً باتخاذ القرار الاستثماري من عدمه بناءً على نتائج الدراسة التي من أهمها تحديد مستوى المخاطرة وانتهاءً بوضع خطة العمل التفصيلية لإقامة المشروع.
وأوضح أن دراسة الجدوى الاقتصادية تعرف بأنها عبارة عن دراسات علميّة شاملة لكافة جوانب المشروع أو المشروعات المقترحة والتي من خلالها يمكن التوصّل إلى اختيار بديل أو فرصة استثمارية معينة من بين عدة بدائل أو فرص استثمارية مقترحة, فهي مجموعة من الدراسات المتخصصة التي تجرى للتأكد من أن مخرجات المشروع (منافع، إيرادات) أكبر من مدخلاته (تكاليف) أو على الأقل مساوية لها.
ويلجأ المستثمرون عادة لدراسات الجدوى لمشروعاتهم لتحقيق الفوائد التالية:
- إنها تقلل من احتمالية فشل المشروع كما أنها تقلل من إمكانية هدر رأس المال.
-إنها تساعد على المفاضلة بين المشاريع المتاحة.
- إنها تحقق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصاديّة المتاحة.
- تدعم عمليّة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- تحدد درجة المخاطرة للاستثمار.
وتحاول دراسات الجدوى الاقتصادية عادة أن تجيب عن الأسئلة التالية:
- لماذا يتم القيام بهذا المشروع دون غيره؟
- أين ستتم إقامة المشروع؟
- ما هو أفضل وقت لإقامة المشروع وطرح منتجاته في الأسواق؟
- ما الفئة المستهدفة في هذا المشروع؟
- كيف ستتم إقامة مراحل إنشاء المشروع؟
- ما مدى حاجة المشروع من عمال وآلات...؟
- كم سيكلف المشروع؟
- هل سيحقق أرباحاًَ أم لا؟
- ما مصادر تمويل المشروع؟
- كيف اختار مشروعا من مجموعة مشاريع بديلة؟
- كيف أثبت أن المشروع مجد اقتصادياً؟
أنواع دراسات الجدوى الاقتصادية: تنقسم دراسات الجدوى الاقتصادية إلى قسمين هما:
أولاً: دراسات الجدوى الأوليـّة.
ثانياً: دراسات الجدوى التفصيليّة.
دراسات الجدوى الأوليّة: هي عبارة عن دراسة أو تقرير أوّلي يمثّل الخطوط العامة عن كافة جوانب المشروع أو المشروعات المقترحة، والتي يمكن من خلالها التوصّل إلى اتخاذ قرار إقامة المشروع أو التخلي عنه أو الانتقال إلى بدائل أخرى من خلال دراسة أكثر تفصيلاً. ونتيجة لهذه الدراسة يتم التخلي عن المشروع أو الانتقال إلى الدراسة التفصيلية.
ومن المسائل التي تعالجها دراسات الجدوى الأوليّة ما يلي:
- الدراسات الأولية عن الطلب المحلي والأجنبي المتوقع على منتجات المشروع ومدى حاجة السوق لها.
- الدراسات الأولية عن التكاليف الإجمالية للمشروع سواءً كانت تكاليف رأسمالية أو تشغيلية.
- الدراسات الأولية عن مدى جدوى المشروع فنّياًَ، بتحديد احتياجات المشروع من العمال والمواد الأولية.
- الدراسات الأولية عن المواقع البديلة للمشروع المقترح واختيار أفضلها.
- مدى تأثير المشروع في المستوى القومي وفي عمليّة التنمية الاقتصادية.
- الدراسات الأولية عن مصادر تمويل المشروع سواء كان التمويل ذاتياً أومن مصادر أخرى.
- الدراسات الأولية عن العوائد المتوقعة (الإيرادات) للمشروع المقترح.
- بيان مدى توافق المشروع مع العادات والتقاليد والقوانين السائدة في المجتمع.
دراسات الجدوى التفصيليّة وهي عبارة عن دراسات لاحقة لدراسات الجدوى الأولية ولكنها أكثر تفصيلاً ودقةً وشموليةً منها، وهي بمثابة تقرير مفصّل يشمل كافة جوانب المشروع المقترح، والتي على أساسها تستطيع الإدارة العليا أن تتخذ قرارها إما بالتخلي عن المشروع نهائياً أو الانتقال إلى مرحلة التنفيذ.
وتعتبر دراسات الجدوى الأولية والتفصيلية متكاملة ومتتالية، ولا يمكن الاكتفاء بدراسة واحدة لكي تكون بديلة عن الدراسة الأخرى أي ليست معوّضة عنها، ونتيجة لهذه الدراسة يتم إما التخلي عن المشروع أو البدء بعملية التنفيذ.
عناصر دراسة الجدوى الاقتصادية:
1. الدراسة السوقية.
2. الدراسة الفنية.
3. الدراسة التمويلية.
4. الدراسة المالية.
5. الدراسة البيئية.
6. المفاضلة بين المشروعات واختيار المشروع الأفضل (اتخاذ القرار).
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الدراسات السابقة هي دراسات مكملة لبعضها البعض وليست بديلة عن بعضها البعض.
1. الدراسة السوقية:
وتتمثل بما يلي:
* دراسة العوامل المحددة للطلب على منتجات المشروع المقترح.
* تقدير الطلب الحالي والمتوقع لمنتجات المشروع.
* تقدير حجم السوق من خلال تقدير حجم الطلب.
* تقدير الحصة المتوقعة لمنتجات المشروع من السوق المحلية.
* دراسة الآثار الناجمة عن إنتاج السلع المكملة والبديلة للسلع المنتجة.
ومن خلال الدراسة السوقية يتم تقدير الإيرادات الكلية المتوقعة للمشروع.
2. الدراسة الفنيّة:
وهي الدراسة التي تنحصر مهمتها في دراسة جميع الجوانب الفنية المتعلقة بالمشروع المقترح، والتي يمكن الاعتماد عليها في التوصل إلى قرار استثماري إما بالتخلي عن المشروع أو التحول إلى مرحلة التنفيذ.
وتكمن أهمية دراسات الجدوى الفنية للمشروع في أنها تختار البدائل الفنية المختلفة التي يحتاجها المشروع، وتفحص الآثار المتوقعة لتلك البدائل. كما أنها تمكن من الحكم على مدى توفر المستلزمات الفنية لنجاح المشروع.
وتبرز أهمية الدراسة الفنية في أن عدم دقة وكفاءة الدراسة الفنية من الممكن أن يترتب عليها مشكلات ومخاطر مالية أو إنتاجية أو تسويقية والتي قد تؤدي إلى فشل المشروع.
ومن المسائل التي تعالجها دراسات الجدوى الفنيّة ما يلي:
* اختيار الحجم المناسب للمشروع.
* اختيار الموقع المناسب للمشروع.
* تقدير تكلفة المباني والأراضي اللازمة للمشروع.
* تحديد نوع الإنتاج والعمليات الإنتاجية.
* تقدير احتياجات المشروع من المواد الخام والمواد الأولية.
* تقدير احتياجات المشروع من القوى العاملة.
* تقدير احتياجات المشروع من مصاريف التأسيس.
* تقدير احتياجات المشروع من المصاريف الإدارية والنثرية.
* تكلفة احتياجات المشروع من الآلات والمعدات ووسائل النقل.
* تحديد الفترة اللازمة لتنفيذ المشروع.
ومن خلال الدراسة الفنية يتم تحديد التكاليف الرأسمالية والتشغيلية الكلية للمشروع.
أهمية إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للصناديق العقارية
لا تكمن أهمية دراسة الجدوى الاقتصادية لصناديق الاستثمار العقاري والتي تستثمر أموالها في أصول عقارية من أراضي وعقارات يتم تطويرها أو بناؤها ثم بيعها أو تأجيرها في أنها تعد من أهم الشروط المطلوبة لعملية الحصول على الترخيص سواءً من وزارة التجارة أو من هيئة السوق المالية التي يجب أن ترد نتيجتها في نشرة الاكتتاب أو ترفق بها رأي المستشار المالي المستقل في هذه الدراسة وذلك لتوفير قدر أكبر من الحماية للمكتتبين فقط بل تمتد لتكون الركيزة الأساس لعملية اختيار الدخول بالصندوق العقاري من عدمه بالنسبة للمستثمرين المكتتبين وإقامة المشروع من عدمه بالنسبة للجهة المشرفة على الصندوق.
إذ إنها تعد من أهم العوامل المؤثرة في قرار الاستثمار من عدمه بناء على أنها تمثل وثيقة مهمة تتضمن تحليلاً للجوانب التشغيلية والاقتصادية والفنية للمشروع المزمع، حيث إنها تتناول جميع المسائل الرئيسة، ومنها فاعلية المشروع وتكلفته وإمكانية تحقيقه، ومدة إنجازه، والفوائد المرجوة منه، ومخاطره وآلية تمويله.
فالدراسات المتكاملة يجب أن تقدم وصفاً واضحاً للأعمال التي يتضمنها المشروع وكذلك الأعمال التي يستثنيها, كما يجب أن يشتمل هذا الوصف على الأسباب التي تقف وراء التفكير في إقامة هذا المشروع وأهدافه المنشودة ومخرجاته. أما بالنسبة إلى الأهداف، فيجب أن تكون واضحة، وقابلة للقياس ومقبولة وواقعية ومؤطّرة بتكلفة ومدة زمنية محددة.
أما بالنسبة إلى المشاريع العقارية فيجب أن تتضمن دراسة الجدوى إضافة إلى ما سبق تحليلاً لموقع المشروع من حيث ملكيته ومدى توافر الخدمات العامة فيه وسهولة الوصول إليه والتأثير البيئي وغير ذلك من العوامل المؤثرة فيه. كما ينبغي أن تحدد الدراسة الأطراف المعنية الأساسية التي تؤثر قراراتها ومواقفها في نجاح المشروع من عدمه والتي تشمل عادة المالك والهيئات الحكومية والجهة الممولة والمستأجرين والمستخدمين النهائيين الرئيسيين.
ولا بد أن تشمل دراسة الجدوى جميع الافتراضات والقيود التي يمكن أن تؤثر في الخيارات المتوافرة لتسليم المشروع وهذه الافتراضات تتمثل في الظروف أو الأحداث الخارجية التي يمكن أن تؤثر في نجاح المشروع، في حين أن القيود هي العوامل التي تحد من تلك الخيارات.
ويضاف إلى ذلك أن دراسة الجدوى يجب أن تقدم أكثر من بديل لتحقيق أهداف المشروع. كما ينبغي أن يتضمن كل بديل تفاصيل حول إيجابيات وسلبيات الخيار المعني إلى جانب التكلفة المتوقعة لهذا الخيار والفوائد المتوقعة منه لدى تطبيقه.
قرار الاستثمار:
بالنظر إلى دراسات الجدوى الاقتصادية على اختلاف أنواعها ومراحلها فإنها تحاول الإجابة عن عدة أسئلة أهمها: الخوض في هذا الاستثمار من عدمه.
وعلى الرغم من أهمية الدراسات واستنادها إلى أسس واقعية وفرضيات منطقية إلا أن قرار الاستثمار من عدمه يرجع أولاً وأخير إلى المستثمر نفسه ومدى قناعته بالاستثمار في هذا المجال وفي هذا الوقت.
كما أن اختيار أطراف العلاقة بالمشروع تمثل ركناً مهماً بالنسبة للكثير من المستثمرين, فاختيار محاسب قانوني يتمتع بالسمعة الحسنة مثلاً له أثر كبير في نفسية المستثمر وقراراته, وكذلك مدير المشروع ومسوقه والجهاز الإداري والكادر البشري واستراتيجية الاستثمار وخبرة الشركاء.