هيئة الاستثمار تتواجد عن بعد
في بادرة تعكس اهتمام الهيئة العامة للاستثمار في تطبيق التقنيات الحديثة في معظم أعمالها، استعرضت مؤخرا أحدث الأنظمة لتطبيقات التواجد عن بعد، وذلك في مناسبة خاصة حضرها حشد من المسؤولين الحكوميين ومسؤولي الهيئة والمتخصصين في التقنية والإعلاميين.
وكشفت الهيئة خلال تلك المناسبة النقاب عن اعتمادها لنظام telepresence (التواجد عن بعد) وتطبيقه فعليا لأول مرة في السعودية، وذلك لربط مكاتبها المنتشرة في مناطق المملكة كافة ببعضها البعض، لتجمع من خلالها توفير الصوت والفيديو والعناصر التفاعلية الأخرى.
إن تقنية الاتصالات المتقدمة متى ما تم تعميم تطبيقاتها على جميع القطاعات في البلاد، فهي ستغير ملامح الأعمال الإدارية والتسويقية والعلاقات العامة، وستنطلق بها إلى آفاق من الإعجاز والإنجاز الأسرع، والتعاملات الأوثق دون عوائق لحدود المكان والزمان وتحت أي ظروف. وتتعداها إلى تكوين بيئة عمل افتراضية تحاكي الواقع في حقول ذات اتصال مباشر بالمواطن، ومنها على وجه الخصوص التعليم والصحة، مما يرفع من كفاءة الأداء ودقة الإنجاز وزيادة الإنتاجية.
هذا الحدث التقني الأبرز مع مطلع العام 2009م، يذكرني بما كنت أشاهده من أفلام الخيال السينمائية عن مثل هذه التقنيات، والتي أنتجت وعرضت في دور السينما العالمية في العقد السادس من القرن الماضي، ولا تزال تعرض في بعض القنوات الفضائية حتى يومنا هذا. وكان الناس في ذلك العهد يعتبرون مثل تلك الاتصالات المرئية ضربا من الخيال، ولن تتحقق أبداً، بل أعتبروها من المستحيلات. بينما كان القائمون على هذه الأعمال على عكسهم تماماً، ولديهم رؤيتهم عن إمكانية إنتاج مثل هذه التكنولوجيا الخارقة للعادة.
عادت الهيئة العامة للاستثمار لترجع الذاكرة لتلك الحقبة من الخيال إلى واقع حقيقي ملموس، وذلك من خلال إطلاق هذه التقنية الجديدة لوسائل الاتصال اللاسلكية وتقنية التواجد عن بعد في غرف اجتماعات عرفت باسم "غرف التواجد عن بعد"، تكلفتها لا تتجاوز 160 ألف ريال، بينما وفرت على شركة سيسكو لهذا العام المبلغ نفسه كتلفه سفر وتنقلات مسؤوليها. وسيأتي لهذه التقنية الوقت الذي نشاهدها واقع مطبق في كثير من شؤون حياتنا وبالاخص القطاعات الخدمية، وبأقل التكاليف.
جزء من تطبيقات هذه التقنية مررنا بتجربتها في مرحلة البدايات الأولى من الإنترنت، عبر الماسنجر والبالتوك وغيرها، حيث توفرت فيها وسيلة التواصل بالصوت والصورة مع ملايين الأعضاء المنتسبين لهذه الخدمات من مختلف قارات العالم، ولعلي أسجل هنا أن الزوار لمراكز خدمات الإنترنت بقصد الاتصالات المرئي (تقنية مؤتمرات الفيديو) يشكل 90 في المائة من روادها، وذلك بغرض الاطمئنان على عائلاتهم في أوطانهم وأكثريتهم من دول شرق آسيا وبعض الدول العربية. واللافت أن معظمهم من العمالة محدودة التعليم، تمكنوا من استخدام هذه التقنية والاتصال بأقاربهم بالصور الحية، وبأقل التكاليف، حيث انتقلوا من استخدام كبائن الاتصالات الهاتفية إلى مقاهي الإنترنت التي توفر وسائل الاتصال التقنية التي تمكن من استخدام الاتصال المرئي. ومعها انتعشت مبيعات كاميرات الويب ذات المزايا التنافسية والعصرية، وأصبحت الشاشات المنزلية والمكتبية تحمل في جانب منها كاميرا الويب المثبتة عدستها على المستخدم، لتوصله على الهواء مباشرة إلى الطرف الآخر بالصوت والصورة عالية الوضوح.
ومع ازدياد الاعتماد على وسيلة الاتصال هذه والاهتمام بحاجة العموم، أتجه صناع أجهزة الكمبيوتر المحمول في العالم إلى توفير كاميرا في كل جهاز وأصبحت من الملحقات الرئيسة المثبتة فيها. وهذا يعطي تصورا أن عصر الاتصالات المرئية والتواجد عن بعد، أصبح قابلاً للتحقيق في مقبل الأيام، في ظل الخفض في التكاليف من جراء توفير التقنية، وحاجة الجميع إلى التواصل من خلالها على مدى 24 ساعة وعلى مدار العام.