جورج ميتشل .. المستحيل والممكن

على الرغم من فشل جميع المحاولات السابقة في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، إلا أن التعيين الأخير لجورج ميتشل، كمبعوث أمريكي خاص للشرق الأوسط، والظروف المصاحبة قد بعثت بالأمل مجدداَ.
فمن المنتظر أن تلعب خبرة وحنكة المبعوث الجديد -المشهود له بالإنجاز والسمعة الحسنة- دوراً بارزاً للتوصل لحل، خصوصا وأن بوادر تحركاته توحي بأنها تأتي من خلال توظيف إطار استراتيجي مدروس، ولا سيما وأنه قد بدأ تلك التحركات بتكتيك إيجابي: الاستماع لجميع أطراف النزاع. وهذا ما يجعل من جولته الحالية مجرد بداية في سلسلة طويلة - ومثابرة- من الجولات والمفاوضات، التي سوف تشهدها الأيام والشهور القادمة.
والمهم لنا اليوم، أنه إلى جانب إيجابية تعيين ميتشل؛ فإن هناك إيجابيات أخرى تعظم من فرص السلام فميتشل مدعوم من قبل إدارة أمريكية متحمسة لتفعيل عمليات السلام. والواضح من تصريحات وأقوال أوباما أنه مصر على الوصول إلى سلام شامل في المنطقة في فتره حكمة الحالية (الأربع سنوات). وإلى جانب هذا فإن ميتشل يستهل عملة وهناك "مبادرة عربية" واضحة وجاهزة للتوظيف والتفعيل من خلال عملية السلام المرتقبة. وتأتي هذه الإيجابيات وفق ظروف استثنائية اجتمع فيها الرأي العام العالمي على التعاطف مع الفلسطينيين في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الغاشم على غزة.
وهذا لا يعني عدم وجود جوانب سلبية للمعادلة نفسها فالصراع الفلسطيني-الفلسطيني وعدم وجود فريق فلسطيني قوي وموحد؛ يعتبر بحد ذاته عقبة في وجه تقدم عملية السلام كذلك فإن تلاعب وتصلب المواقف الإسرائيلية جنبا إلى جنب عنجهيتها العسكرية تعد بمثابة عقبة رئيسية في وجه عمليات السلام. يقال كل ذلك دون إغفال ذكر عقبة الجوانب السلبية في سياسة واشنطن تجاه القضية نفسها ولاسيما الجوانب المؤيدة لإسرائيل.
والمهم كذلك لنا اليوم أن ندرك أن جورج ميتشل يستهل عمله هذا وأرضية البيت الأبيض مهيأة لتشكيل فريقين (أو مدرستين) متناقضين تجاه مسار عمليات السلام في الشرق الأوسط فهناك فريق "أوباما- ميتشل"، الذي يضم إلي جانبهما جميع المعتدلين في الإدارة الجديدة؛ وهو الفريق المتبني والدافع لإيجاد حل عادل ودائم للقضية. وفي الجهة المقابلة هناك فريق مناقض؛ وهو فريق "بايدن- كلينتون" وبقية الميالين لتأييد الجانب الإسرائيلي مثل: "دنس روس" و "مارتن إنديك"، إلخ، وهذا كذلك فريق سلامي ولكنه يبني عمليات السلام وفق الآليات التي تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى.
تشكل هذين الفريقين لا يعني أنهما سوف يتصارعان على عملية صنع السياسة الأمريكية في هذا الصدد، لأن الرئيس -أوباما- هو صانع القرار هنا. ولكن دون شك الآراء والمناظرات التي سوف تدور بين الفريقين سوف تميل كفة التأثير لمصلحة أحدهما وذلك وفقاً - وتماشياً- للمعطيات المستنتجة من خلال أعمال جورج ميتشل -الميدانية- في المنطقة.
لهذا فمن المصلحة أن يتبنى الطرف الفلسطيني والعربي استراتيجية فعالة ومؤثرة، ليس فقط في مجالات وتكتيكات التفاوض مع جورج ميتشل، والذي من المفترض أن يتم وفق مفاوضات ذكية (Smart-Negotiations)، ولكن تجاه تطورات عمليات السلام بشكل عام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي