الشيخ الشنقيطي: على المسلم ألا يتجاهل الوصية الشرعية لنفسه وحق أهله وولده

الشيخ الشنقيطي: على المسلم ألا يتجاهل الوصية الشرعية لنفسه وحق أهله وولده

شدد الشيخ الدكتور محمد المختار الشنقيطي المدرس في الحرم النبوي الشريف على أهمية الوصية الشرعية للمسلم، وقال إنها تكون للإنسان في حق نفسه، وتكون في حق أهله وولده، وتكون بحقوق الناس وما لهم عليه.
وأوضح أن وصية الإنسان لنفسه تكون بالوصية لنفسه بخير بعد وفاته، يُبقيه الله جل وعلا له حسنة باقية، يدر عليه أجرها ويبقي له ثوابها، فيوصي من ماله بصدقة أو بر أو إحسان، ويجعل ذلك لوجه الله جل جلاله، يحتسب ثوابه عند الله. وجعل الله للمسلم قدر الثلث فيوصي بما دون ذلك من ماله.
وقال إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وهو طريح الفراش في المرض في حجة الوداع فقال: يا رسول الله لقد بلغ بي من الوجع ما ترى، وإن لي مالاً كثيرا وليس لي إلا بنت، فأوصي بثلثي مالي؟ قال: "لا. قال: فأوصي بشطره؟ قال: لا. قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير".
وقال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما: لو أن الناس غضوا من الثلث؛ لأن رسول الله قال: "الثلث والثلث كثير".
يعني لو أن الإنسان إذا أراد أن يوصي فلا يبلغ بوصيته الثلث؛ لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عده كثيرا، ثم علل رسول الله وبين السبب حينما منع سعدًا أن يوصي بأكثر ماله قال له ـ عليه الصلاة والسلام ـ والخطاب للأمة كلها: "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس"، هذا المال الذي تركته إذا تركته لأولادك فصنت وجوههم عن ذل المسألة والفاقة إلى الناس فإن الله يأجرك على ذلك ويثيبك عليه وهم أقرب الناس منك وأولاهم بمعروفك وإحسانك.
وحث المسلم عندما يوصي بالصدقة من ثلث ماله أن ينظر أول ما ينظر إلى أقرب الناس إليه، ولا يوصي للبعيد ويترك أرحامه وأقاربه، فإن ذلك من ضياع الخير على الإنسان؛ لأن أعظم ما يكون من الأجر أن يحسن الإنسان إلى أقرب الناس إليه، فالوصية للقرابة فيها أجران: أجر الصدقة عليهم، وأجر صلة الرحم التي يصل الله أهلها بوصله يُحسن إلى قرابته فينظر إلى أقربائه الذين لا يرثون؛ لأن الوصية لا تكون لوارث، فلا بد للمسلم أن يوصي ويكتب وصيته، يحفظ بها حقوق أهله وأولاده، فإذا كانت للإنسان ذرية وكانت الذرية ضعيفة وهم الأيتام والقصار والبنات والنساء الضعفة إذا علم أنهم يتضررون من بعد موته وأنهم يحتاجون إلى من يتفقدهم ومن يحسن إليهم ويقوم عليهم نظر إلى أقربائه نظر الصالح الدّين الذي يأمنه ويرى فيه الخير والاستقامة والحفظ لحدود الله، فعهد بالأمانة إليه حتى إذا لقي الله جل جلاله وسأله عن ذريته كان حافظا غير مضيع، ينظر إلى أقرب الناس وأكثرهم محافظة على ولده من بعده، فيوصيه بتقوى الله جل جلاله، ويوصيه بحفظ أبنائه وبناته و"ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا".
قال العلماء: من كان له صبية أو أبناء وبنات صغار فيجب عليه أن يوصي إذا غلب على ظنه أنهم يضيعون من بعده، أو يكون له أقرباء يخشى عليهم من بعده أن يؤذيهم عهد بهم إلى من يتق الله فيهم، وذلك من حقوق الأولاد على الوالدين من بعد وفاتهم، فإن كان لهم أخ يحفظهم ويعرف فيه الدين والأمانة والرحمة عهد إليه وذكره الله جل جلاله في ذريته، فمن أعظم ما يكون البر أن يحسن الإنسان إلى أبناء وبنات الوالد، فذلك من أعظم البر، وأحبه إلى الله جل جلاله، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا وصية لوارث" يوصي بالمعروف والخير الذي يرى عظيم نفعه للمسلمين وعظيم أجره للمؤمنين، خاصة إذا كان من الصدقات الجارية كحفر الآبار، وبناء المساجد ونحو ذلك من سبل الخير، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، "ومن بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصرًا في الجنة".

الأكثر قراءة