الشيخ المطرود .. من مغن في فرقة إلى إمام مشهور
عند الحديث عن القراء أصحاب الصوت الجميل في السنوات الماضية, أي قبل 20 سنة, لا بد أن يأتي ذكر ضيفنا في هذا اليوم, وهو من أوائل الأئمة والقراء المشاهير في مدينة الرياض، واختفى عن الساحة وعن الظهور وعن الأضواء فترة ليست يسيرة وما زال, فتح قلبه وصدره لهذا الحوار، فتحدث عن بداياته وعن تجربته السابقة مع الغناء, وكيف استطاع أن يتجاوزها ويدخل في ميدان جديد بثوب الهداية والإقبال على الله، وأضحى فيه أحد القراء الذين يمتلكون صوتا حسنا يبهر السامعين، وكذلك كشف لنا عن ارتياده مجالس عالم الأمة وفقيدها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ وحرصه على حضورها، ويقول إنه كان يتشرف كثيرا عندما يحرص الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ على أن يطلب منه تلاوة بعض آيات القرآن الكريم بين يديه، وتعليق سماحته وتفسيره تلك الآيات. وتطرق في حواره إلى أمور أخرى متفرقة، وللتعرف إلى مزيد من هذا الحوار عن حياته، الذي يعد حوارا ماتعا جمع ين التشويق وشيء من الإثارة المقبولة.. فنترككم مع اللقاء ومختلف جوانبه:
في البداية نرحب بكم ونود أن يتعرف القراء الكرام إلى سيرتكم الذاتية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، في البداية أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لألتقي الجمهور والقراء، وإجابة عن سؤالكم أقول: أنا أخوكم عبد الله بن محمد بن عبد الله المطرود، من مواليد مدينة الخرج، عام 1383هـ، متزوج ولدي عدد من الأبناء، حصلت على شهادة الدكتوراة عام 1424هـ من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من كلية أصول الدين، قسم العقيدة، وأعمل حالياً معلما في متوسطة ذي النورين، وخطيب جامع الريس في حي العريجاء، وعضو الدعوة والإرشاد، ومأذونا شرعيا لعقود الأنكحة وأسأل الله التوفيق لنا ولجميع المسلمين.
اشتهرتم بحلاوة الصوت كإمام وقارئ، حدثنا عن بدايتكم مع الإمامة وما المساجد التي توليت إمامتها؟
الحمد لله على نعمة حلاوة الصوت وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، كنت منذ نشأتي أحرص على تلاوة القرآن الكريم لدرجة أنني في المرحلة الابتدائية كنت أشارك في الحفلات المدرسية وأقرأ بطلب من المسؤولين فيها في بداية كل حفل, وأضف إلى ذلك أنه عندما بلغت من العمر 15 سنة كنت أصلي بالجماعة إذا تغيب والدي عن إمامة المصلين حيث كان إماما لأحد المساجد ثم تعينت إماماً عام 1399هـ في مسجد في حي العود في الرياض، ثم انتقلت إلى مسجد في حي غبيرة، ثم إلى مسجد في حي منفوحة، ثم انتقلت بعدها إلى مسجد الأمير خالد بن سعود في حي العريجاء، ومنه كانت الانطلاقة والشهرة على مستوى الرياض، ثم انتقلت إلى جامع فاطمة الزهراء في حي المرسلات في الرياض.. والآن أنا خطيب في جامع الريس في حي العريجاء, وأحمد الله وأشكره على نعمه وآلائه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى.
على يد من درس الشيخ عبد الله القرآن الكريم؟
درست القرآن الكريم على فترات, ودرست على يد عدد من المشايخ, لكن لعل من أبرز المشايخ الذين تعلمت على يديهم الشيخ محمد ذاكر ـ متعه الله بالصحة والعافية ـ واستفدت منه كثيرا, ثم درست على يد الشيخ محمد الشهري في مسجدنا القديم، ثم في المرحلة الثانوية درست على يد الشيخ فلاح مطلق في ثانوية الرياض.
ما الذكريات الجميلة التي لا تنساها في فترة إمامتكم جامع الأمير خالد بن سعود في حي العريجاء؟
الذكريات كثيرة وجميلة ولها مكانة كبيرة في النفس منها حب الخير وإقبال الناس والشباب على فعل الخير، وأذكر ليلة من ليالي رمضان أننا جمعنا تبرعات لإخواننا المسلمين المحتاجين, وبلغ إجمالي المبلغ أكثر من 400 ألف ريال، سلمت ليد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله.
#2#
في الآونة الأخيرة اختفى الشيخ عبد الله المطرود عن الساحة .. ما الأسباب؟
لم أختف ولكن الرياض كبرت والناس انشغلت وممكن القول إنني انشغلت بتحضير رسالة الدكتوراة, حيث أخذت مني أكثر من أربع سنوات, مع العلم أنني لم أبتعد عن الساحة لأنه لا تزال لدي محاضرات ودروس وكلمات ألقيها في بعض المساجد, خصوصاً خارج مدينة الرياض في القرى والمدن البعيدة, وأسأل الله القبول والتوفيق في كل خطوة نخطوها في المجال الدعوي.
كثر الأئمة والقراء أصحاب الأصوات الحسنة ـ ولله الحمد ـ فلمن يستمع فضيلتكم؟
حقيقة هذا الأمر يثلج الصدر بأن يكون في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن والشهوات شباب حفظوا كتاب الله تعالى ويملكون أصواتا جميلة تجذب المصلين إلى الاستماع لها وتؤدي ـ إن شاء الله ـ إلى خشوعهم.
أما لمن أستمع ومن يعجبني.. فإني أحب صوت الشيخ عبد الله الجهني إمام الحرم المكي، كما أستمع إلى الشيخ صلاح البدير إمام الحرم المكي، وأستمع إلى الشيخ القارئ خالد العيد إمام جامع ابن عمار في الرياض وهو أحد طلابي، والقراء كثيرون. ولله الحمد.
شهادة الدكتوراة في أي مجال كانت؟
الحمد لله عندما فكرت في الحصول على شهادة الدكتوراة, اخترت الحديث عن الصوفية فكان عنوان الرسالة (الصوفية في القرن الرابع الهجري ورد علماء السلف عليهم في نفس القرن).. وحصلت عليها عام 1424هـ.
هل لديك دروس تلقيها في أحد المساجد؟
نعم، لدي درس في التفسير يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة في جامع الريس، وعندي درس في البيت يوم الثلاثاء بعد المغرب في التوحيد.
سمعنا أن الشيخ عبد الله المطرود في بداية حياته كان مطرباً، حدثنا عن ذلك؟
لقد رجعت بي إلى قبل أكثر من 25 سنة وفعلاً كنت في بداية حياتي مطرباً ومغنياً؛ لكن لا أجيد العزف على آلة العود، حيث كانت لي فرقة وكنا نحيي الحفلات خارج مدينة الرياض، وغنيت في حفلة في نادي الفيحاء في المجمعة أكثر من 13 أغنية في ليلة واحدة، وكان الجمهور متفاعلاً معي بشكل غير طبيعي؛ لكن في النهاية ـ الحمد لله على نعمة الهداية، والحمد لله على نعمة الإيمان والحمد لله على نعمة القرآن.
سمعنا أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ كان يحب أن يسمع تلاوتكم القرآن مباشرة، حدثنا عن ذلك؟
نعم, كان رحمه الله يحب أن يستمع تلاوتي، وكان ذلك عدة مرات، منها مرة كنت في زيارة للشيخ في بيته، وكان مرتبطاً بمناسبة عند أحد الإخوة، فعرض عليّ الذهاب معه فوافقت، وعندما جلسنا عند أخينا قال الشيخ ـ رحمه الله ـ اقرأ يا عبد الله فقرأت من سورة الأحزاب ثم بعدها شرح الشيخ الآيات وأيضاً موقف آخر، صليت مع الشيخ صلاة العصر في مسجده وبين الأذان والإقامة وأنا أقرأ بصوت هادئ وكان الشيخ بجانبي أخذ يستمع إليّ ولم يقرأ ورده في ذلك اليوم.
ومرة أذكر حرص الشيخ ـ رحمه الله ـ على أن يصلي معي صلاة العشاء والتراويح في رمضان عندما كنت إماماً في جامع فاطمة الزهراء، ولا أنسى أنني زرت الشيخ ـ رحمه الله ـ في بيته فقال اقرأ يا عبد الله المقبول، فقرأت وبينما أنا أقرأ إذا بعيني الشيخ تذرف الدموع ـ رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته.
نصيحة توجهها للجيل الحالي من الشباب؟
ما أكثر الناصحين اليوم، ويحتاج الشباب إلى أمور:
طلب العلم الشرعي, التثبت وعدم الانقياد خلف الشائعات، وعدم الانقياد خلف القنوات الفضائية التي تغير عليهم دينهم, الهدوء وسؤال أهل العلم الموثوقين من هيئة كبار العلماء.
وأقول: "شباب بلا وطن جسد بلا روح"، وعليكم يا شباب المحافظة على وطنكم ومجتمعكم وعليكم ببر الوالدين والمواظبة على الصلاة لأنها صلة بينكم وبين الله.
ما رأيكم في ظاهرة القنوات الفضائية الإسلامية؟
حقيقة أصبح الفضاء اليوم مليئا بالقنوات، وهذا شر موجود، لذا كان لا بد من إيجاد قنوات إسلامية بديلة تحث الناس على الخير وتعلمهم أمور دينهم..
كما أحث الموسرين والمثقفين على إنشاء قنوات إسلامية منافسة لهذه القنوات الفاسدة التي تسعى إلى نشر الشر والفساد والرذيلة, ووجود مثل هذه القنوات فيه نفع للإسلام والمسلمين, ويعود بالنفع ـ إن شاء الله ـ عليهم ونسأل الله أن يهيئ من يهتم بهذا الجانب وييسره ويعود بالنفع على الأمة المسلمة.
نمر في حياتنا اليومية بعديد من المواقف المختلفة وتتميز المواقف الطريفة بتلقائيتها فهل حدث لك شيء منها ؟
من المواقف الطريفة التي لا أنساها موقف حدث لي في مدينة جازان عندما كنت ألقي محاضرة في مدرسة بلقيس النسائية لتحفيظ القرآن الكريم، حيث أدخلوني في غرفة ووضعوا أمامي المايكروفون وقالوا ابدأ، وفعلاً بدأت المحاضرة، وبعد أكثر من 20 دقيقة وأنا مسترسل ومتحمس طرق علي الباب وقالوا يا شيخ لا يوجد صوت منذ أكثر من نصف ساعة، (يعني طوال الوقت وأنا أتكلم مع نفسي)، وفي النهاية لم يتم إصلاح المايكروفون، وأجلت المحاضرة إلى وقت آخر.
(7 كلمات) ماذا تعني لك باختصار..؟
الصبر: الحياة.
السفر: فيه خمس فوائد على القارئ أن يحددها.
البحر: تساقط أوراق الوحشة.
الوالدان: قمة المتعة.
الزوجة: السكن.
الصداقة: العزة.
الشيب: الوقار.
هل من كلمة أخيرة في نهاية اللقاء؟
كلمتي الأخيرة أقول لإخواني وأخواتي القراء: نصيحتي أولاً لنفسي ولكم بتقوى الله ـ سبحانه وتعالى ـ والإخلاص في القول والعمل وطلب العلم الشرعي والبعد عن الشائعات فليس فيها أي خير، كما آمل من الله أن يوفق شباب الأمة الإسلامية وأن يسيروا على الطريق الصحيح والبعد عن الأفكار المنحرفة.