تمور الأحساء في الصدارة أم تنازلت عنها؟
بعد أن كانت الأحساء المدينة الرائدة والأولى من بين مدن المملكة في إنتاج أجود أنواع التمور والتي يتجاوز عدد النخيل فيها ثلاثة ملايين نخلة بإنتاج يفوق 100 ألف طن سنويا، يرى بعض الخبراء الزراعيين أنها بدأت بالتنازل عن هذه الميزة لصالح القصيم والخرج التي هي بدورها اهتمت بإنتاج أنواع جيدة من التمور لاقت استحسان المستهلك خصوصا "الخلاص" منها والذي جلبت فسائله من الأحساء.
وتشتهر الأحساء بأنواع عدة منها الخلاص، الشيشي، الرزيز، الغر، الهلالي، الطيار، أم ارحيم، الخصاب المرزبان، التناجيب، الشهل، الجناز، الحاتمي، الشبيبي، البرحي، والخنيزي، حيث يستهلك بعض تلك الأنواع في مرحلة الرطب بينما تبقى بعض الأنواع الأخرى إلى مرحلة التمر.
#2#
فتمور الأحساء اكتسبت شهرة واسعة من خلال جودتها والتي تميزت بها بين تمور المملكة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجع جودة تلك التمور وانخفاض نسبة مبيعاتها مقارنة بالسنوات السابقة، فيما تفوقت عليها بعض أنواع التمور التي تنتج في عدد من مناطق المملكة وبالأخص القصيم، الخرج، اشيقر.
وقد أرجع عدد من المختصين والمزارعين السبب في ذلك إلى العناية التي تجدها فسائل النخيل في تلك المناطق، الأجواء الجافة والتي لها دور في تجفيف التمر وتميزه، وفرة المياه الجوفية العذبة، فيما رفض عدد من المختصين تأييد ما ذهب إليه البعض والخاص بتفوق التمور المنتجة في بعض المناطق على التمر المنتج في الأحساء حيث يرى عدد منهم أن تمر الأحساء لا يزال يحتل مركز الصدارة من بين التمور المنتجة في المملكة مدللين على ذلك بتزايد الطلب على تمر الخلاص المنتج في الأحساء على غيره ممن ينتج في مناطق أخرى.
#3#
ويقول حسن السلمان أحد المزارعين في الأحساء إن تمور الأحساء شهدت خلال السنوات الأخيرة تراجعا في نسبة المبيعات ويعود ذلك إلى انخفاض جودة التمور المنتجة في المنطقة خصوصا تمر الخلاص، ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها انخفاض منسوبي المياه الجوفية، ارتفاع نسبة الرطوبة الذي تشهده المنطقة قبل جني المحصول، استهلاك الأراضي الزراعية في المنطقة بشكل كبير، نقل فسائل الخلاص وزراعتها في بعض المناطق حيث تم إنتاج تمور أكثر جودة والاستغناء عن التمر الذي ينتج في المنطقة.
#4#
من جهته، خالف عبد الحميد الحليبي شيخ تجار التمور في الأحساء رأي السلمان حيث أكد أن تمور الأحساء لا تزال تحتل الصدارة في بورصة التمور في المملكة.
وأشار إلى أن بعض المناطق مثل نجد أو القصيم نجحت في إنتاج تمر الخلاص إلا أنه لا يمكن مقارنة جودة تمورها بالمنتج في الأحساء فالطعم والنكهة والجودة تختلف، أما بخصوص ارتفاع أسعار المنتج لديهم عن المنتج في الأحساء فيعود ذلك إلى قلة الكميات المنتجة في تلك المناطق مقارنة بالكميات الكبيرة التي تنتج في الأحساء والتي تسببت في انخفاض الأسعار، وأضاف أن البعض ينظر إلى أن اللون الأصفر للتمر يعد أحد عوامل الجودة حتى وإن كانت خاوية في حين نحن في الأحساء لا نرى ذلك فالجودة لدينا تعتمد على قوة وحجم حبة التمر.
وأكد الحليبي أن موسم التمور لهذا العام يبشر بالخير والأسعار جيدة، حيث بلغ سعر الكيلو من تمر الخلاص 25 ريالا، وأشار إلى أن النسبة الكبرى من تمور الأحساء يتم تسويقها داخل الأحساء ويعود ذلك إلى أن التسويق خارجيا يواجه بعض المشكلات منها ورقة المنشأ من قبل وزارة التجارة والتي تتيح للتاجر تصدير التمر خصوصا في فترة الإجازات حيث تكون مكاتب وزارة التجارة مغلقة وهذا يتطلب الانتظار حتى يبدأ دوام الوزارة مما يسبب خسائر كبيرة للتجار ونتمنى أن يتم افتتاح مكاتب للوزارة في المراكز الحدودية حتى يتمكن التاجر من إنهاء معاملاته بسهولة، كما أن عدم تطبيق قرار وزراء التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي والخاص بعدم الحاجة إلى ورقة المنشأ لم يطبق حتى الآن بالرغم من إقراره منذ فترة، ومنها التعامل مع التجار خارج السعودية حيث نواجه صعوبة في ذلك لعدم وجود ضمانات فالتعامل يتم مع التاجر مباشرة وليس مع وكالات أو شركات رسمية، واعتبر الحليبي مهرجانات التمور والتي يتم تنظيمها من قبل بعض الجهات مثل جمعية النخلة التعاونية مجدية حيث ساهمت في تعريف المستهلك بأنواع التمور وفوائدها، فيما ألمح إلى أن قلة العمالة وعدم الحصول على التأشيرات الكافية تسببت في عدم نجاح مشاريع الصناعات التحويلية للتمور، والعمالة السعودية تحتاج إلى تدريب وتأهيل في مجال الصناعات التحويلية.
أما المهندس مهدي الرمضان المختص في المجال الزراعي فقد أكد أن ارتفاع كمية التمور المنتجة في الأحساء والتي تتجاوز 100 ألف طن سنويا ساهم في انخفاض الأسعار بسبب زيادة كمية المعروض، وأشار إلى أن الجمعيات التعاونية والتكتلات لها دور كبير في ارتفاع أسعار التمور في القصيم، فبدلا من أن يذهب المزارع إلى السوق لبيع تمره بأي سعر خوفا من تلفه فوجود الجمعيات التعاونية وما وفرته من وسائل تبريد وتخزين لها دور كبير في حفظ التمور من التلف حيث ساهم ذلك في انخفاض كمية المعروض وبالتالي الحفاظ على الأسعار مرتفعة، ونحن الآن بدأنا في اتباع تلك الخطوات من خلال تأسيس جمعية النخلة التعاونية والتي ستقوم بتوفير مستودعات للتبريد تستوعب ثلث إنتاج الأحساء من التمور، كما أنها ستضمن التمور الجيدة للمستهلك من خلال تصنيف التمور وحفظها بالإضافة إلى التوجه لإنشاء بورصة لأسعار التمور، كما يحصل في القصيم الأمر الذي سيعزز أسعار التمور.
أما من ناحية تراجع جودة تمور المنطقة فأشار إلى أن المزارعين في القصيم بدأوا من حيث انتهينا حيث تمت الزراعة في مساحات أكبر، وتقدم خدمة النخلة بشكل أفضل من حيث التسميد والري لذلك ظهرت الجودة بشكل أفضل ولو تمت العناية بالنخلة في الأحساء كما هي في القصيم سوف تظهر نفس النتائج ، كما أكد أن الجو ليس له علاقة كبيرة فالنخلة يمكن أن تتكيف مع جميع الأجواء، أما بخصوص الأرض فذلك قد يكون صحيحا فأرض الأحساء استهلكت بشكل كبير كما أن برامج التسميد المتبعة من بعض المزارعين غير مناسبة حيث يتم تسميد النخلة مرة كل سنتين في حين أنها تحتاج إلى التسميد من ثلاث إلى أربع مرات في السنة، فهناك برامج للتسميد لو طبقت لأعطت نتائج إيجابية.
وأشار الرمضان إلى أن معظم المصانع الموجودة في المملكة تختص بالتعبئة والتغليف فقط، أما ما يخص التصنيع كدخول التمر في المنتجات الطبية أو المنتجات الغذائية, فالأمر يحتاج إلى تطوير، وهناك تجربة ناجحة لشركة الأحساء للمنتجات الغذائية في إنتاج الكحول الطبي، أما بخصوص التسويق الخارجي للتمور فهو يواجه عددا من العوائق فالمملكة ثاني منتج للتمور على مستوى العالم بينما هي في المرتبة التاسعة من حيث التصدير، ونحن بحاجة الآن إلى رفع نسبة الاستهلاك المحلي للفرد من 30 كيلو جراما إلى 50 كيلو جراما من التمور في السنة وسيسهم ذلك في استيعاب كمية كبيرة من المنتج، وإذا كان هناك فائض يتم تصديره خارجيا فتمور المملكة لها خاصية دينية مما سيزيد الإقبال عليها.