أيُمجد العدو بين أظهرنا

تئن العروبة من لؤم انتساب قنوات عربية إخبارية إليها. قنوات أقرفت أفئدتنا وقززت مسامعنا بتمجيدها للعدو الصهيوني بتغطية كاملة تفصيلية لانتخاباته السياسية. هل تمجيد العدو الصهيوني بالاهتمام المفرط بانتخاباته السياسية مجرد صدى للإعلام الغربي وتقليد له أم هو تزلف للغرب أم أن هناك أهدافا مدروسة ومقصودة نتائجها من وراء ذلك؟
بعض قنواتنا الفضائية العربية ليس لها من العروبة إلا اسمها فهي تبع للغرب تقلده في كل شاردة وواردة وأخبارها السياسية والاقتصادية كلها نسخة معربة من القنوات الغربية ولكن عليها سمات الخضوع والتبعية والخنوع ويفسد مادتها العلمية سوء الترجمة واختلاف المكان والبيئة. والغريب أن هذه القنوات لم تتميز عن الإعلام الغربي السياسي والاقتصادي الذي تنقل عنه إلا بالملابس الضيقة الفاضحة التي لا ترتضيها لمذيعيها أي قناة إعلامية غربية جادة.
قد يكون نقل هذه القنوات لوقائع انتخابات العدو الغاشم بعد جرائمه في غزة مباشرة وبالتفصيل الممل وقطع البرامج الإخبارية للانتقال حيا على الهواء لنقل حفيف أفعى أو خوار خنزير أو قهقهة قرد من مجرمي الحرب اليهود الصهاينة سياسة مدروسة من هذه القنوات لتعظيم هيبة العدو الباغي في القلوب أو لتأليف القلوب نحوه وتسهيل قبوله والاعتراف به. وقد يكون هو التقليد المجرد للإعلام الغربي الذي تتبعه هذه القنوات في كل شاردة وواردة إلا في حرياته. وقد يكون نوعا من التزلف المقيت الرخيص إلى الغرب الذي اعتادت عليه هذه القنوات. وقد يكون انبهارا وإعجابا حقيقيين بالسياسة الإسرائيلية. وقد يكون هو مجرد سوء تدبير وقلة توفيق وسفاهة تفكير وضحالة رؤية. والذي أرجحه أنه مجموع حثالة كل ما سبق وللقارئ الكريم فكره وخياره ولكن لا يدعي مدعي أنها موازنة واستقلالية إعلامية. فنقل الانتخابات بالتفصيلات المملة ونقل الخطب المنبرية والتصريحات حية على الهواء هو من تمجيد المنتخب، ولم ينقل وصول الرئيس الأمريكي بوش إلى تكساس ونقل احتفالات خروجه من البيت الأبيض غير محطة فوكس اليمينية الموالية للجمهوريين. كم منعت هذه القنوات العربية ظهور كثير من الأطروحات وأغفلت كثيرا من الانتخابات وتجاهلت كثيرا من أمور المسلمين التي هي بلا شك أهم بكثير من تمجيد سياسات الدول الكبرى. ألم تراع هذه القنوات حرقة قلوب المسلمين وآلامهم وأناتهم التي تشكوا وتبكي فقدان الأقصى وهي تحيي أمجاد العدو المحتل بنقلها الدقيق والمفصل لانتخاباتهم. ألم تشفع آهات الأرامل ودموع الثكالى وبكاء اليتامى عند هذه القنوات ومسؤوليها أم أن الرفاهية الفاحشة والركون إلى أحضان مجون الغرب قد أفقد هؤلاء كل معاني المروءة والنخوة والشهامة الإنسانية والإسلامية والعربية.
ماذا أضافت هذه القنوات الإخبارية لإعلامنا العربي؟ هذه القنوات هي من قد طبلت وزمرت لكلمة قيلت هنا أو هناك في بلادنا قد حُرفت عن موضعها تشفيا وغيظا وألبوا الأعداء وصوروا لهم الوطن أضحوكة وأعجوبة من أعاجيب الزمان. هم من صوروا بلادنا وكأنها الخليج فأدخلوها إعلاميا في أزمة مالية لا ناقة لنا فيها ولا جمل. هل قدمت هذه القنوات مادة إعلامية جديدة لم تقدمها القنوات الأخرى. هل استطاعت كسر سياسة تكميم الأفواه أم أنها قد غذتها ومارستها؟ هذه القنوات في أحسن أحوالها لا تقدم إلا معلومات مستنسخة عن الإعلام الغربي بتوجيه فكري أملاه عليها أسيادها من الغرب والشرق يريدون بها فرض هيمنتهم علينا من خلال بث ما سفل وانحط من ثقافتهم دون ما ارتقى منها وعلا. ولكن ما عساي أن أقول فالمال عربي والهوى غربي ويضيق الفؤاد ولا ينطلق اللسان فيمنع المقال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي