جامعة الملك عبد الله .. تحويل موارد المملكة الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين

جامعة الملك عبد الله .. تحويل موارد المملكة الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين
جامعة الملك عبد الله .. تحويل موارد المملكة الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين
جامعة الملك عبد الله .. تحويل موارد المملكة الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين
جامعة الملك عبد الله .. تحويل موارد المملكة الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين

ما الذي يمكن أن تضيفه تلك التقنيات المبهمة التي طورها العلماء لحياتنا؟
عمليات كيميائية معقدة تلعب دورا رئيسا في كل ما حولنا وتملك تأثيرا في يومياتنا. وحينما يكون الحديث عن البتروكيماويات، لعلنا نشير إلى السر الذي تلعبه تلك التقنية الدقيقة في الساحة العلمية، وهي ما سميت اصطلاحا الحفازاتCatalysis التي تقوم بدور رئيس في مجال الصناعة البتروكيماوية في الوقت الحالي.
تلعب "الحفازات" دورا رائدا في حياتنا اليومية عن طريق تحويل موارد المملكة الطبيعية من النفط والغاز إلى منتجات تمس حياة المواطنين، إذ لا غنى عن الحفازات في أي عملية من عمليات تصنيع البتروكيماويات.
الحفز الكيميائي علم معقد وذو طبيعة متعددة التخصصات ولا يعنى بالمجال الصناعي كالبتروكيماويات والتكرير ومعالجة الغاز فحسب، فله دور في الناحية البيئية عن طريق الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون السام، وفي إنتاج الوقود النظيف، وتحلية المياه إضافة إلى التصنيع الغذائي أيضا.
في مراكز الأبحاث تولد الأفكار التي تقلب مفاهيم العلم لتنقلها للصناعات التي تنتج ما يجعل حياتنا أسهل وأفضل وأكثر تقدما، فهل ستكون المملكة دولة متقدمة مخترعة ومصدرة للتقنية الحديثة - وهو الهدف الذي تسعى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتحقيقه؟
#2#
قاعدة استثمار جديدة

من ذلك المنطلق، وبعد تحالفاتها العلمية مع مؤسسات الأبحاث العالمية العريقة، تواصل جامعة الملك عبد الله بخطى مدروسة واثقة للأمام تحالفات أخرى تتلمس في واقعها مستقبل المملكة من الموارد البتروكيماوية والطاقة والبيئة من خلال سلسلة أبحاث ذات علاقة. هذا ما أثمرته تلك الخطوات بعد أن وقعت أخيرا،
اتفاقية شراكة أبحاث تعاونية في حقل النمذجة الجزيئية المطبقة على الحفز مجموعة من مؤسسات الأبحاث العلمية الفرنسية، حيث قامت جامعة الملك عبد الله بإعداد مشروع بحثي تعاوني مع مجموعة المؤسسات البحثية الشريكة يهدف إلى تطوير آخر المستجدات في "النمذجة الجزيئية" المطبقة على الحفز، وذلك حال انضمام مركز جامعة الملك عبد الله للحفز إلى المختبرات الفرنسية متمثلة في المعهد الفرنسي للبترول، ومختبرات الأبحاث الكيميائية في المعهد العالي في ليون وجامعة ليون في فرنسا.
#3#
ما عملية الحفز الكيميائي؟

يقول الدكتور محمد سماحة، نائب الرئيس للأبحاث في الجامعة "هي عملية مهمة في الصناعات الكيماوية تتم بواسطتها زيادة سرعة التفاعل الكيميائي لمادة من المواد، ولكن دون أن تنفد بالتفاعل، وأي مادة من شأنها أن تزيد من سرعة التفاعل بهذه الطريقة تسمى الحفاز" ويضيف: "يستخدم الحفز الكيميائي في الصناعة لزيادة سرعة العديد من التفاعلات الكيميائية، إذ بدونها ربما لا يتم التفاعل، أو قد يستغرق وقتا طويلا مع ضعف الناتج، إضافة لفائدتها في التقليل من خروج النفايات ما يجعل منها واحدة من أهم العمليات في الصناعة الكيماوية".

"أرامكو" و"سابك" ومستقبل الصناعات البتروكيماوية

ولما لهذه العملية، التي انتهجتها الدول المتقدمة صناعيا، من أهمية كبيرة بالنسبة للصناعات البتروكيماوية، فإنه من المؤمل أن يستفيد من هذا المشروع مستقبلا الصناعات البترولية والكيماوية في المملكة، ومن بينها على وجه الخصوص "أرامكو السعودية"، والشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" بعد توقيعهما مذكرة تفاهم مع جامعة الملك عبد الله أخيرا بهدف إقامة شراكة استراتيجية مستديمة لتطوير آفاق التعاون لخدمة الجانبين، حيث من المزمع أن يساهم تحسين العمليات الحفزية في إنتاج مركبات بتروكيميائية أفضل مما يؤدي إلى زيادة الموارد، وكفاءة استخدام الطاقة وحماية البيئة.
وتشكل هذه الشراكة أهمية كبيرة لـ "أرامكو السعودية" و"سابك"، اللتين تعدان هرمي الصناعات البتروكيماوية على الساحل الشرقي في المملكة. ويقول الدكتور عمر عبد الحميد مدير مركز البحوث والتطوير في "أرامكو السعودية": "ستشمل الشراكة بين جامعة الملك عبد الله وأرامكو السعودية التعاون في مجال البحوث ذات العلاقة بتكرير النفط وإنتاج البتروكيماوية، ومنها تطوير عملية الحفز الكيميائي الذي يشكل أهمية بارزة بصفته مجالا حيويا لأعمال الشركة، وهي عملاق صناعة النفط في العالم". كما أكد الدكتور عبد الحميد أهمية الشراكة في توطين المعرفة والتقنية في المملكة وأثرها المتوقع في إثراء الصناعة الوطنية ورفاهية المواطن السعودي في المستقبل.
في حين أوضح الدكتور عبد الرحمن العبيد نائب الرئيس للأبحاث والتقنية في "سابك"، أن الاتفاقية التي تم توقيعها مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي استشعار من "سابك" بأهمية الصناعات البتروكيماوية وما يتعلق بها من تطوير، إلى جانب أن الاتفاقية تهدف إلى إقامة شراكة استراتيجية مستديمة لتطوير آفاق التعاون لخدمة الجانبين".
وعن مجالات التعاون البحثية بين "سابك" وجامعة الملك عبد الله، يقول العبيد: "سيركز التعاون على مجال حفازات الصناعات البتروكيماوية والمتخصصة وهندسة المواد وأبحاث المياه وتقنية المواد متناهية الصغر "النانو"، إلى جانب البرامج التدريبية وبرامج الدراسات العليا والدكتوراه والمشاريع الأخرى ذات الاهتمام المشترك التي تسهم في تطوير العمليات البحثية والصناعات البتروكيماوية السعودية، التي ستسهم في تحويل الموارد الطبيعية إلى منتجات تمس حياة المواطنين اليومية في المملكة".

مجال استراتيجي للمملكة

يعتقد البروفيسور جان ماري باسيت الذي تم تعيينه أخيرا مديرا لمركز بحوث الحفز الكيميائي وأستاذا للعلوم الكيميائية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، أن الحفز الكيميائي "مجال استراتيجي للمملكة، بصفته علما بالغ الأهمية في مجال البتروكيميائيات والطاقة". ويشغل البروفيسور باسيت حاليا منصب المدير العلمي لمدرسة الكيمياء والفيزياء والإلكترونيات في جامعة ليون في فرنسا، ويضم مختبره 50 عالما، من بينهم إيف شوفان الحائز على جائزة نوبل، والبروفيسور باسيت المؤلف البارز الذي نشر له أكثر من 450 بحثا علميا.
ويعد مركز الحفز الكيميائي أحد أهم وأضخم المرافق الرئيسة في الجامعة، ويعمل البروفيسور باسيت حاليا مع فريق الجامعة للأبحاث على تصميم المرفق، كما زار كلا من "أرامكو السعودية" و"سابك" لمد جسور التعاون بين الجامعة وكلا الشريكين الصناعيين، كما زار أيضا جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي فازت ببرنامج شراكة الأبحاث للمراكز قيد التطوير للحفز الكيميائي من جامعة الملك عبد الله العام المنصرم.
من جانبه، أبدى أوليفييه أبير، الرئيس التنفيذي لمعهد البترول الفرنسي سعادته بتوقيع الشراكة، وقال: " شرف لنا أن يسهم المعهد الفرنسي للبترول في نجاح هذا المشروع العلمي البحثي الطموح، وأنا في غاية السعادة أن نتمكن اليوم من إنجاز هذه الشراكة بيننا وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والمؤسسات البحثية الفرنسية العريقة الأخرى، التي ستقوي أواصر العلاقات بيننا وبين المملكة حكومة وشعبا".
يشار إلى أن العمل على هذه الأبحاث سيكون من خلال شراكة عمل بين باحثي الدكتوراه في جامعة الملك عبد الله، الذين سيبدأون فترة التدريب في المختبرات الفرنسية الشريكة عام 2009 إبان افتتاح الجامعة، وبين باحثا الدكتوراه في المختبرات الفرنسية، إضافة إلى أن الزوايا الاستراتيجية التي ستسلط هذه البحوث اهتماماتها المكثفة هي: النفط والغاز الطبيعي، الطاقة، المواد البديلة، والبيئة، حيث من المتفق أن يركز المشروع بشكل أكثر تحديدا على حقلين أساسيين، لما لهما من أهمية استراتيجية واقتصادية في آن معا وهما: الكيمياء الأساسية، واستخدام الطاقة الشمسية في الحفز.
#4#
أول مركز متعدد التخصصات

تهدف جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إلى تأسيس جامعة من طراز عالمي للبحث والتعلم في مجالات عدة هي: الطاقة كتوسيع نطاق كفاءة الاقتصاد النفطي، الاحتراق النظيف، عزل الكربون، النظم الهجين، علوم وهندسة المواد الجزيئية كالتطبيق على الطاقة ، العلوم البيولوجية وغيرها من الصناعات المهمة للمملكة العربية السعودية والمنطقة، العلوم الحاسوبية والرياضيات التطبيقية كالتطبيق في مجال الطاقة، علم الأحياء، الصحة البشرية والبيئة والصناعة، علم الأحياء الجزيئي، علم الجينوم كالزراعة وتربية الأحياء المائية؛ والصحة العامة.
وللحفز الكيميائي في هذا السياق دور رئيسي يؤديه، فهو أهم تقنية في الصناعة الكيماوية وصناعة تكرير النفط، ويمكن القول إن 95 في المائة من جميع المنتجات، من حيث الحجم، مركبة بواسطة الحفز الكيميائي و70 في المائة من جميع المنتجات، من حيث العمليات، مركبة بواسطة الحفز الكيميائي.
وترجع مزايا عمليات الحفز الكيميائي إلى اعتدال ظروف التفاعل، وكفاءتها من حيث التكلفة، وطابعها الصديق للبيئة، ومع ذلك هناك حاجة للتقدم العلمي في مجالات الحفز الكيميائي لأنه في بعض الأحيان لا يكون انتقائيا بدرجة كافية، ما يزيد من المنتجات التي تسام في انبعاثات غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون ، وأكاسيد النيتروجين أو الجسيمات، وهناك حاجة إلى تفاعلات جديدة، وهي على سبيل المثال، الميثان، الموجود بوفرة في العالم، حيث لا يمكن تحويله انتقائيا إلى منتجات عالية القيمة.
ويعني النهج المتعدد التخصصات لهذا المركز أنه سيشمل إضافة إلى علماء متخصصين في الحفز غير المتجانس، والحفز المتجانس، والحفز الأنزيمي، والحفز الضوئي، علماء متخصصون أيضا في علم المواد، وعلم الحركة، وتصميم المفاعلات، وعلم الطيف (تحت الحمراء، الرنين النووي المغناطيسي، مطيافية فوتوإلكترونات الأشعة السينية، مطيافية امتصاص الأشعة السينية)، والنمذجة.
وسيرتبط أولئك العلماء والباحثون بروابط تعاون خارجي، وآخر داخلي، مع المراكز الأخرى لجامعة الملك عبد الله، وسيكون الهدف النهائي هو تكريس المعهد المجالات الاستراتيجية: النفط والغاز الطبيعي، والطاقة، والمواد الوسيطة البديلة، والبيئة.

شراكات تنموية محلية

هناك ثمة تقدم كبير في تطوير عمليات الحفز الكيميائي سيتيح للباحثين في جامعة الملك عبد الله فرص اختراع جديدة تعود بالنفع على اقتصاد المملكة، وتسهم في تقدم وتطور وتصدير التقنية للعالم، كما أن تسويق هذه البراءات سيعود بالفائدة على الاقتصاد السعودي من خلال بناء مصانع كيماوية جديدة تمثل القاعدة الرئيسة للتنمية في المملكة.
وفي مجال الحفز الكيميائي أقامت جامعة الملك عبد الله شراكات متعددة، إضافة إلى المعاهد الفرنسية، مع "أرامكو السعودية"، و"سابك"، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة سنغافورة الوطنية، وجامعة ميونيخ للتقنية.
ويعد كل من مركزي "أرامكو السعودية" و"سابك للبحوث والتطوير"، فضلا عن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن جهات نشطة في أبحاث الحفز الكيميائي كما تربطهما علاقات مع مراكز الأبحاث العالمية.

منتجات وتصنيع ورفاهية

تلعب الحفازات دورا رئيسا في تحقيق رفاهية المواطنين وتحسين ظروف معيشتهم، عن طريق تحويل موارد المملكة الطبيعية من النفط والغاز إلى منتجات تمس حياة المواطنين بشكل يومي في المنزل والمدرسة والمكتب وحتى السيارة، إذ لا غنى عن الحفازات في أي عملية من عمليات تصنيع البتروكيماويات.
وتستخدم الحفازات في إنتاج البلاستيك بأنواعه المختلفة التي بدورها تستخدم في تغليف وحفظ الأطعمة وألعاب الأطفال والأثاث والأجهزة المنزلية، كما تدخل في صناعة نسبة كبيرة من أجزاء السيارة.
ويعد الحفز الكيميائي علما معقدا وذا طبيعة متعددة التخصصات ولا تعنى بالناحية الصناعية كالبتروكيماويات والتكرير ومعالجة الغاز فحسب، ولكنه يساهم أيضا في الناحية البيئية في الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون السام وفي إنتاج الوقود النظيف، وتحلية المياه إضافة إلى التصنيع الغذائي أيضا. ويشمل مشروع الحفز الكيميائي بالتعاون مع معاهد الأبحاث الفرنسية تطوير المواد الحفازة لإنتاج الهيدروجين النظيف من مياه البحر.
إضافة إلى ذلك، تلعب الحفازات دورا رئيسا في إنتاج الأسمدة الزراعية التي ترفع خصوبة التربة وتزيد إنتاجيتها مما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للمملكة والعالم. كما تستخدم في إنتاج عدد هائل من المنتجات التي تمس حياة الناس بشتى صورها وتشمل الأدوية، مواد التنظيف والمواد المطهرة، مستحضرات التجميل والعناية بالجسم، الأقمشة والملابس، المنتجات الرياضية والترفيهية، مواد الطباعة، محسنات الوقود، مواد البناء من عوازل حرارية وموانع تسرب وطلاءات، ومواد لاصقة وغيرها.

الأكثر قراءة