* انتابني شعور مخيف وبخاصة عند قرب صعود الإمام للخطبة
واصل الشيخ الدكتور خالد بن إبراهيم الدبيان الأمين العام لجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن الكريم حديث الذكريات لـــ "الاقتصادية", حيث تحدث عن جوانب جديدة من حياته الخاصة وكشف كيف كانت مواجهته الأولى للناس في المسجد حينما تولى الأذان لصلاة جمعة. وأوضح فضيلته أن الحديث عن التصنيفات في أوساط الإسلاميين إذا كان التركيز على دراسة المنهج لقصد الإقصاء وشق الفرقة فهو عمل بلا شك مذموم, وأشار إلى أن تنوع المجالس العلمية من الظواهر الثقافية المهمة في المجتمعات الإسلامية, وتطرق إلى أمور أخرى فإلى الحوار:
#2#
كيف واجهت الناس لأول مرة في كلمة أو محاضرة صف لنا الموقف إذا كان يحتاج إلى ذلك؟
مواجهة الجمهور لأول مرة لم تكن في محاضرة أو كلمة وإنما كانت في أذان يوم الجمعة, وكنت في ذلك الوقت في مرحلة (ثاني متوسط) فلك أن تتخيل وبخاصة الأذان الثاني أمام الناس وقبل ذلك أمام الخطيب، فلا أخفيك فقد انتابني شعور مخيف وبخاصة عند قرب صعود الإمام للخطبة، فقد مكثت دقائق وأنا أكرر كلمات الأذان بحيث لا أخل بالترتيب، وقد أحضرت جهاز تسجيل, وأذكر قبل تسع سنوات سمعت هذا الشريط وأسمعته أولادي.
يرى بعض المتابعين أن التسابق على إنشاء مواقع إسلامية لا ينظر أصحابه إلى المضمون والجوهر بل فقط اهتمامه بالمظهر؟
وجهة نظري أن إنشاء المواقع الإسلامية يجب أن تجمع بين المضمون والجوهر وبين المظهر، فنحن في حرب معلوماتية عالمية, ومن مبادئ القتال أن تنزل إلى أرض المعركة بسلاح يماثل أو أقوى من سلاح العدو, أما إذا كان أضعف فمما لا شك فيه ستهزم، لهذا يجب أن نهتم بالمضمون ونقدر عقلية المتصفح مهما كان دينه أو مذهبه, فديننا دعوة عالمية, وهذه المواقع تتسم بالعالمية كما ينبغي ألا نغفل عن الشكل وإبراز المضمون بوسيلة مقبولة, ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: ".. إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ
يُحِبُّ الْجَمَالَ".
ما مدى الاستفادة التي خرجت بها من مدرسة الحياة؟
هذا سؤال في حد ذاته يتطلب مناقشة مطولة وتفاصيل أكثر، فالحياة هي المدرسة، وبحكم المجال الميداني وتعاملي مع شرائح مختلفة في المجتمع، خرجت بالدروس التالية:
1. طريق العلا قليل الأناس.
2. دروس الحياة الاختبارات أولاً ثم التعلم ثانياً (خلاف سياسة التعليم).
3. لا تسر بلا خطة حتى لو ظهر لك النجاح.
4. اكسب أكبر قدر من الأصدقاء .
5. احترام العقل الإنساني أبلغ درجات الرقي الاجتماعي.
6. لا تؤثر انطباعاتك النفسية في قراراتك الإدارية.
7. علمتني الحياة أن الوحيد الذي لا يفشل هو من لا يعمل ..وإذا لم نفشل فلن نجدّ ..الفشل فرص وتجارب ..لا نخاف من الفشل ولا نترك محاولة فاشلة تصيبنا بالإحباط.
8. الثقة في النجاح يعني دخولي معركة النجاح منتصرا بنفسية عالية, والذي لا يملك الثقة بالنفس يبدأ معركته منهزما.
9. تعلمت من الحياة أن الشدائد لا تصنع الرجال ولكن تصفي الأصحاب.
10. علمتني الحياة أن أتعلم من الماضي وأستثمر وأتمتع بالحاضر وأخطط للمستقبل.
تعلمت من الحياة أن الذي لا يندفع في حركته إلى الأمام ، يتقهقر متخلفا إلى الوراء.
* ماذا تقول لرفيقة دربك أم أسامة ودورها معك في الحياة؟
* الحقيقة أن أم أسامة ـ جزاها الله كل خير ـ كان لها دور كبير في حياتي، وحملت عبئا كبيرا في تربية البناء وتحملهم أثناء دراستي التي كنت مشغولا فيها بالبحوث والدراسة، وأحسنت ـ وفقها الله ـ التعامل مع الأبناء، وصبرت كثيرا طوال تلك الفترة، وهي نعم الزوجة والأم للأبناء, بارك الله فيها وجعل كل ما قدمته في ميزان حسناتها.
التصنيفات المنهجية
هناك من يركز على التصنيفات المنهجية للإسلاميين ووجود صراعات على الأسماء والانتماء لفئة دون آخر, وهذا أوجد الحزازيات بين أصحاب الهم الواحد ومحاولة إقصاء الآخر ما رأيكم؟
إذا كان التركيز على دراسة المنهج لقصد الإقصاء وشق الفرقة فهو عمل بلا شك مذموم، أما إذا كان القصد المناصحة بضوابطها الشرعية، مع سلامة المقصد وضبط الملفظ فهو مطلوب بل هو من الدين, فالدين النصيحة كما ثبت في الحديث, وأما ما يفعله سفهاء الأحلام في الطعن بأهل الفضل ممن بذلوا النفس والنفيس للدعوة إلى هذا ووقفوا أمام التيارات المنحرفة، وذلك بحجة التقويم والتصنيف أو الانتماء إلى فئة دون أخرى, فهذا سلك مسلك التجهيل والتضليل، وطريقة غير حميدة.
فتور عجيب أصاب الصحوة الإسلامية شهد نكوصا عديدا من أبنائها وتغير مواقف بعض الدعاة بين التشدد والتساهل ..إلام تعزو ذلك؟
الصحوة لم تصب بفتور بل هي في نمو وازدياد، وما نراه ونسمعه من محاولات للقضاء عليها ثم باءت بالفشل، ما هو إلا دليل على ما أقول، ولكن أتفق معك على أنه ظهر على بعض المنتسبين إلى الصحوة بعض مظاهر التغيير في المواقف، ويؤدي بكثير من الناس إلى الانحراف، حيث إن الفتور مرحلة وسطية بين الالتزام والانحراف, وقد يكون هذا للأسباب التالية:
1. عدم الإخلاص أو عدم مصاحبته.
2. ضعف العلم الشرعي, فالجهل داء قاتل، ومما يزيد في خطورته أن صاحبه لا يدرك الأثر الذي يخلفه هذا المرض؛ لأنه جاهل، وفاقد الشيء لا يعطيه.
3. تعلق القلب بالدنيا، ونسيان الآخرة، وما سمعنا ورأينا هذا الانجراف الهائل مع بعض المصلحين في المشاريع الاستثمارية وما تهاون البعض بضوابط الشريعة في ذلك إلا دليل على هذا السبب.
4. الحياة في الأجواء الفاسدة: التي قد تبعده عن الأجواء التي تعينه على الإصلاح والتمسك به.
5. الشعور بالكمال الزائف عند البعض.
6. التهاون في كثير من المباحات والاسترسال في ذلك مع الضعف في الجوانب التعبدية.
7. البعد عن تقويم الذات ومناصحة الناصحين.
وهناك أسباب كثيرة لأسباب الفتور عند بعض المنتسبين للصحوة وأنصح بقراءة كتاب فضيلة الشيخ الدكتور ناصر العمر بعنوان (الفتور) وقد أشرت إلى فقرات منه في كلامي.
الهجوم المتواصل علي نبي الرحمة وجد وما زال مواقف حماسية مؤقتة لكنها لم تصل إلى العمل المتواصل المبرمج المنظم الذي يمكن استثماره لخدمة الدين والدفاع عن نبي الرحمة بما يؤثر في الآخرين .. إلام ترجع ذلك؟
مما يصيب بعض المنتسبين للصحوة المباركة ردود الأفعال غير المؤصلة ومنضبطة بضابط الشرع الحكيم، ولهذا تنبه ثلة مباركة من العلماء وطلاب العلم إلى هذا الأمر فتم تأسيس ملتقيات علمية ولجان شعبية للدفاع عن نبي الرحمة ـ صلى الله عليه وسلم، والمهم في هذا الأمر في نجاح المشاريع المباركة أن ترتكز على ما يلي:
1. العلم الصحيح والفهم الصحيح.
2. عدم التهاون في الضوابط والمسلمات مما عرف من الدين بالضرورة.
3. معرفة مكائد الخصم فإن الله تعالى أخبر عن مكرهم بقوله (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال).
4. عدم ربط المشاريع بأنظمة الدول والحكومات بل يجب أن تكون على مستوى الشعوب.
5. توسيع دوائر المدافعة علميا واقتصاديا وثقافيا.
ما مدى حاجة المجتمع إلى معرفة المستجدات وعدم إبقائها بعيدة عن متناول الناس؟
الحاجات التي ينبغي معرفتها هي المقدرة بأنها (حاجة) سواء أكانت من المستجدات أم من غيرها، أما إن لم تكن بهذا التقدير فليس من مصلحة الناس معرفتها, وهذا التقدير يقرره أهل العلم والمعرفة وقد ثبت في صحيح البخاري عن أَنَس بْن مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ: (يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ يَا مُعَاذُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ إِذًا يَتَّكِلُوا وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأثمًا).
تضارب الفتوى
تضارب الفتوى أوجد حيرة لدى المستفتين كيف يمكن تلافي ذلك؟ وإلى أي رأي يستند المستفتي؟
قبل هذا الأمر فإنه مما يجب أن يعلم أن يؤكد للمستفتي أن القول مع الدليل (قل هاتوا برهانكم) ولذا يجب أن يتربى الناس على طلب الدليل ومعرفته وفهم المدلول بالدليل، فإذا وصلنا إلى هذه المرحلة لا يضر بعد ذلك اختلاف الفتوى فإن العالم الواحد قد يكون له عدة أقوال في مسألة واحدة، وذلك لأسباب مقررة في كتب الفقه.
هل ترى أهمية الرجوع إلى رأي هيئة كبار العلماء أم أنك مع التوسع وإعطاء من لديه علم حرية الإجابة فيما يثار حوله؟
قال تعالى "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" سورة النساء آية (83). فأرشدتنا هذه الآية الكريمة إلى الطريق السليم والصحيح بأن الأصل الرجوع إلى كبار العلماء والأخذ منهم والتصدر برأيهم, فهم أمناء الله على خلقه - بعد الرسل عليهم السلام - وقد أشهدهم الله على أعظم قضية في الوجود وهي قضية التوحيد فقال (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط) سورة آل عمران- آية (18) لهذا يلزم الرجوع إلى كبار العلماء والأخذ برأيهم واتباع مشورتهم مع الاعتقاد بعدم عصمتهم وأنهم بشر ويتحقق فيهم قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من حديث عمرو بن العاص الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ).
هل تؤيد وجود مجالس خارج هيئة كبار العلماء أم تفضل مظلة مجلس هيئة كبار العلماء؟
تنوع المجالس العلمية من الظواهر الثقافية في المجتمعات الإسلامية، وهي ما تسمى مراكز بحث ودراسات، وهي من اللجان الدائمة العلمية التي توجد في البلاد الإسلامية، ومما ينبغي إحياء مثل هذه المراكز العلمية المتخصصة، وبلا شك من الأهمية الرجوع إلى هيئة كبار العلماء والرفع إليهم للأخذ برأيهم والاستئناس بفتواهم. إن هذه المجالس أو (مراكز البحوث والدراسات) مساندة لدور العلماء في أداء رسالتهم، ويجب ألا تُسيِّر لفن من فنون العلم، بل يجب أن تكون مراكز بحثية في مجال الاقتصاد بجميع مجالاته وأنواعه، مراكز بحث في القضايا الاجتماعية، أو الدراسات العقائدية أو فقه النوازل، أو في الدراسات العسكرية الإسلامية، أو بالظواهر المخالفة لدين المسلمين, ويجب أن تدرس دراسة علمية ترفع لهيئة كبار العلماء للأخذ برأيها والاستئناس بفتواها.
ضعف بعض المسلمين
تحول كبير في العالم الغربي نحو الاستفادة من جوانب الاقتصاد في ضوء الشريعة الإسلامية .. إلام تعزو ذلك؟
أعزوه إلى ضعف بعض المسلمين وخذلانهم, فبعد 14 قرناً من الزمان يتحول العالم إلى الاقتصاد الإسلامي ويبحث لترقيع ما أصابه من سراب الرأسمالية أو أكذوبة الشيوعية، وهذا قد ينطبق عليهم قول الله تعالى (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) والمهم في الأمر أن يستثمر العالم الإسلامي هذا الرجوع الفطري، ويبين لهم أيضاً أن في ديننا دواء لجميع أمراضهم الاجتماعية والنفسية والأسرية.. إلخ فهذا الدين (حياة للشعوب) وليس كما قيل عنهم في غابر الشيوعية المتهالكة (أفيون الشعوب).