اختفاء الضوابط الأخلاقية في البحوث يفتح باباً لتجارة الأجنة والخلايا

اختفاء الضوابط الأخلاقية في البحوث يفتح باباً لتجارة الأجنة والخلايا
اختفاء الضوابط الأخلاقية في البحوث يفتح باباً لتجارة الأجنة والخلايا

أثار القرار الذي سمح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمراكز البحوث العلمية في أمريكا بمواصلة البحث في علوم وبحوث الخلايا الجذعية، كثيرا من ردود الأفعال في العالم، خاصة أنها تثير عديدا من القضايا والأسئلة, وانبرى الدكتور سعيد يوسف استشاري أمراض سرطانات الدم، بتبيان هذه المخاطر بقوله إنها تتمحور حول القضايا الأخلاقية، وذلك في حالة إجرائها دون مراعاة للشروط والقيم الأخلاقية.
وقال يوسف إن المضي في هذا الطريق دون ضوابط من شأنه أن يفتح بابا لتجارة الأجنة والخلايا، وهو ما يعني مزيدا من عمليات الإجهاض، وبالتالي الدعوة للزنا والكذب والخداع وتعريض النفس البشرية لمزيد من الضياع.
وفي المقابل يرى أن هذه الثورة من الممكن أن تقدم فائدة كبيرة للبشرية إذا تم إجراؤها وفقاً لقيود وضوابط مقننة، إذ يأمل العلماء ومن ورائهم المرضى أن توفر الخلايا الجذعية البالغة علاجات ناجعة للأمراض، عبر الاستفادة من قدرة هذه الخلايا غير المتخصصة على التطور إلى أنواع عدة من الأنسجة التي أنهكها المرض أو أهلكها، ودون إثارة مشكلات أخلاقية.
#2#
ما هي؟
الخلايا الجذعية هي خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم، وبالتالي يمكن اعتبارها نظام "إصلاح وتجديد" للجسم. وهي نوعان: خلايا جذعية جنينية تستخرج من الأجنة نفسها، وخلايا جذعية بالغة تستخرج من مختلف خلايا الجسم مثل النخاع العظمي والرئة والقلب والعضلات وغيرها.
ومن المتوقع أن يفتح استخدام هذه الخلايا باباً واسعاً للكشف عن الفوائد العلاجية والسميّة، والمضاعفات للأدوية الجديدة، وفي علاج كثير من الأمراض المستعصية اليوم، كالزهايمر، السرطان، السكري، وغيرها .

حكم استخدام الخلايا الجذعية
من الناحية الشرعية فإن كثيرا من علماء الفقه في عالمنا الإسلامي بحثوا المسألة وبينوا آراءهم، منهم الشيخ الدكتور محمد عبد الغفار الشريف الأمين العام للأمانة العامة للأوقاف في الكويت, الذي ينادي باقتحام أبحاث الجينات والخلايا الجذعية بكل شجاعة، في إطار كرامة الإنسان واحترام الجنين الآدمي، كما ينادي بضرورة استصدار تشريعات "بيوأخلاقية"، خاصة أنه يرى أن التأكيد على الطابع الأخلاقي وحده لا يكفي، إذ لا بد من تحديد الضوابط الشرعية والأخلاقية للتجارب الطبية والعلمية على الإنسان.
وأما فيما يختص بالأحكام الشرعية فيقول الشريف إنه للبحث في مشروعية استخدام الخلايا الجذعية من الوجهة الشرعية والأخلاقية، ينبغي شرعاً الرجوع إلى المصدر الذي أخذت منه هذه الخلايا، فإذا كان مصدر هذه الخلايا الجذعية عن طريق إهلاك الأجنّة البشرية وتدميرها، لاستخدامها فيما يعرف بالعلاج الخلوي، أو تحت اسم الاستنساخ العلاجي (باتباع تكنولوجيا الاستنساخ المعروفة)، فإن الإسلام يمنع انتهاك حرمة الجنين الآدمي، ولا يسمح بإجراء تجارب الاستنساخ البشري، ولو كان المبرر وجود الحاجة إلى التداوي والمعالجة لأمراض مستعصية أو خطيرة، فالشرع كما يقول يمنع شرعاً استنساخ الأجنّة للحصول على الخلايا الجذعية الجينية، كما أنه لا يجّوز إسقاط الحمل دون عذر شرعي، أو التبرع بالنطف المذكورة أو المؤنثة لإنتاج بويضات مخصّبة، تتحول بعد ذلك إلى جنين بغرض الحصول على الخلايا الجذعية منه.
والحالة الثانية كما يقول هو إذا كان الحصول على هذه الخلايا الجذعية عن طريق الأجنة المجهضة تلقائياً، أو بسبب علاجي مشروع أو من الحبل السري، أو من المشيمة للمواليد، فإنه يجوز ذلك في إطار المباح، على أساس الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح، بأن تكون الأبحاث والتجارب العلمية أو الطبية جادة وهادفة، وأن تقف عند الحد الشرعي، مع مراعاة الأحكام الشرعية المعتبرة، ويمضي قائلاً إنه يجوز أيضاً استخدام الخلايا الجذعية المأخوذة من الأطفال والبالغين على حدّ سواء، من خلايا أنسجة البالغين، كنخاع العظام، والخلايا الدهنية، إذا عبّر الشخص موضوع البحث أو التجريب عن قبوله بذلك، وموافقة ممثله الشرعي (إذا كان طفلاً)، وكان أخذها منه لا يشكل ضرراً عليه، وأمكن تحويلها إلى خلايا علاجية ذات فائدة لشخص مريض، وكان الاستخدام يحقق مصلحة علاجية معتبرة.
وفيما يتعلق بمسألة استخدام الفائض من اللقاح والأمشاج الآدمية، كمشاريع أطفال الأنابيب (التلقيح الصناعي)، أو للحصول على الخلايا الجذعية، فيقول الشريف إنّ المجمع الفقهي الإسلامي منع تخزين وتجميد اللقائح الآدمية، منعا لاختلال الأنساب وسدّاً لذريعة العبث أو التلاعب بها.

الأكثر قراءة