"التقييم" يحول العقار إلى رقم مالي.. و"السوق المالية" تلزم الصناديق العقارية باستخدمه
يعرّف التثمين أو التقييم العقاري على أنه طريقة منتظمة ومتبعة لإيجاد قيمة تقديرية عقارية لطالب القيمة, كما يمكن أن تعرف عملية التقييم العقاري على أنها رأي مستقل لتقدير قيمة العقار السوقية وليس لتحديد سعره.
وتبدأ عملية التقييم بمعرفة القيمة السعرية العادلة للعقار وتنتهي بتقدير القيمة وإيصالها للمستفيد منها. وعادة ما يقوم بالتقييم العقاري خبير عقاري محترف يعتمد على أسس علمية وطرق متنوعة يقدم بالنتيجة رأياً مستقلاً لمصلحة العقار نفسه وليس لمصلحة أي من أطراف عملية التبادل التجاري العقاري كالمشتري أو البائع أو المقرض أو المقترض.
فهو بذلك مهنة متخصصة ومستقلة بحد ذاتها في القطاع العقاري تلعب دوراً مميزاً ورئيساً في عملية الاقتراض من المؤسسات المالية المختلفة. ويعتمد المثمن العقاري المحترف على عدة معطيات منها ما هو ظاهر ومنها ما يحتاج إلى تقدير شخصي يتم بناؤها حسب الخبرة الشخصية وكثير من المعطيات كنوعية العقار وموقعه ومساحته ومستوى المنطقة وجودة الأعمال الهندسية والتشطيبات الداخلية والخارجية وحالة السوق ومستوى الطلب والعرض ومستقبل المنطقة وظيفة العقار والغاية المرجوة منه واستعمالاته وإمكانية نقل ملكية العقار وعناصر أخرى ذات حرفية وتخصصية.
وتعد العملية التقييمية مؤثرة في الاقتصاد بشكل مباشر وللمؤشر الاقتصادي على وجه الخصوص وفي عمليات التمويل والاقتراض كما تؤثر في معيشة الفرد المستفيد من التقييم خاصة فهي دورة ذات حساسية بالغة تؤثر في شأن الوطن والمواطن.
وكانت نشأة التقييم العقاري بأسلوب علمي على يد الاقتصادي البريطاني الفرد مارشال، وبها استعان برأسمال الدخل كمؤشر للقيمة ونظر إلى تأثير الاستهلاك في العقارات وتأثير أنواع وتصاميم الأبنية. وفي (1927) ساعد إثر مرتزك في تأسيس نظرية التقييم من خلال المداخل الثلاثة للقيمة وتم لاحقاً وضع أسلوب منتظم لاستعمال واستخدام هذه المداخل إلى مؤشرات القيم وهي الكلفة والدخل والمقارنة. وفي عام (1951) صدر أول كتاب بمواصفات قياسية من معهد التقييم (AI)
(Appraisal Institute) في الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها تم تطوير هذه النظريات.
وتعتمد طريقة الكلفة على تقدير قيمة الأرض السوقية بتاريخ التقرير مضافاً إليها قيمة البناء والملحقات الفرعية, وحساب كلفة إنشاء العقار بمعطيات السوق الحالية ومن الكلف المطروحة في السوق وإذا كان البناء قديماً يقوم المثمن بحساب كلفة البناء كأنه جديد وخصم قيمة الاستهلاك منه ولحساب قيمة البناء يجب معرفة:
أ- نسبة الاستهلاك ويمكن حسابها من العمر الحالي والعمر المتوقع للبناء.
ب- معدل كلفة إنشاء المتر المربع للأبنية النمطية وهذه يجب استسقاؤها من السوق حسب تصنيف أنواع العقارات وشرائحها.
أما طريقة الدخل فتقوم على مبدأ أساسي وهو رأسمال الدخل المتأتي من العقار, ولاستخدام هذه الطريقة يمكن فصل المردود المتأتي من الأرض عن المردود المتأتي من البناء.
أما طريقة المقارنة فتقوم على جمع البيانات عن البيوعات السابقة التي حصلت حديثاً ومن العروض الموجودة حالياً مع إجراء التعديل اللازم عليها سواء سلباً أو إيجاباً.
وتبرز أهمية التثمين العقاري في أنه من إحدى أهم آليات القطاع العقاري، فبواسطته يتم اتخاذ قرار شراء أو بيع عقار من قبل المستثمر أو المطور، وبواسطته أيضاً يتم تحديد أرباح أو خسائر بعض القطاعات المرتبطة بالقطاع العقاري عند حساب ميزانياتها، ومن هنا يتضح أن التثمين هو الأداة التي تقوم بتحويل العقار إلى رقم مالي وهو رأس المال والمحرك الأساس للعملية الاقتصادية.
ويستخدم التثمين العقاري لأغراض متعددة من أهمها تحديد السعر الذي يطلبه البائع, مساعدة المشترى لتحديد الثمن العادل للشراء, تحديد قيمة العقار كجزء من أجزاء التركة، تحديد إيجار الأملاك كنسبة من قيمتها، تحديد قيمة الأملاك التي يتم تبادلها عند اندماج أو تصفية أو إفلاس الشركات, تحديد قيمة تمويل القروض العقارية والتي عادة ما تكون نسبة من القيمة السوقية للعقار, تحديد قيمة الضرائب العقارية, تقييم الأملاك أثناء القضايا بين الأطراف المتعددة ، تحديد قيمة أعمال التوسعات المستقبلية، تحديد قيمة التأمين الواجب على الأملاك ، تحديد تكلفة عيوب الإنشاء كجزء من عمليات التقاضي، تحديد ما إذا كان الاستخدام الحالي للأملاك هو أفضل استخدام لها أم لا , تحديد أنسب قيمة لاستخدام أملاك خالية, تحديد خسائر الأملاك نتيجة الحريق أو العواصف أو الزلازل أو ما شابه, تحديد قابلية مبنى للهدم من عدمه لإعادة استخدامه بطريقة أفضل.
كما يرتبط التقييم العقاري بشكل مباشر بعمليات البيع والشراء والرهن العقاري والتعويض عن نزع الملكية والخسارة من هبوط القيمة وتطوير أو إعادة التطوير للمباني والجدوى من تغير صفة الاستعمال وإدارة وتحليل جدوى المحافظ العقارية.
وتختص الصناديق العقارية عن غيرها بإجراء التثمين وهو إجراء مُـلزم لجميع الصناديق العقارية، بحيث يتم تعيين مثمنين مستقلين يقومان بتثمين أصول الصندوق العقارية مرتين سنوياً على الأقل، ويجري هذا الإلزام أيضاً على أي أصول عقارية يشتريها مدير الصندوق أو يبيعها لصالح الصندوق.
وفي الصناديق العقارية يحتل التثمين العقاري مكانة بارزة في إبراز إيجابيات وسلبيات الصندوق, ويهتم أيضاً بمتابعة أسعار الصندوق وذلك لكلّ مرحلة, لأنّه من المعروف دائماً أنّ الصناديق العقارية مرتبطة باستثمارات عدّة سواءً كانت أراضي أو مباني حسب نوع الصندوق , لذا لابد أن يراعي المثمّن خلال عملية التثمين كل مرحلة من مراحل التثمين حسب الوضع الحالي للسوق, وذلك لمعرفة أن هناك زيادة في أسعار الأراضي أو ما تم إنشاؤه من مبان حسب الخطّة الزمنية للصندوق.
كما يظهر أثر التثمين في احتساب سعر في احتساب سعر الوحدة فيما بعد، بحيث يقوم مدير الصندوق بعد اعتماد التثمين من مثمنين مستقلين بأخذ متوسط هذين التثمينين ومن ثم احتساب صافي قيمة وحدات الصندوق وذلك بطرح إجمالي التزامات الصندوق العقاري من إجمالي الأصول بعد التثمين فيكون الناتج هو صافي قيمة وحدات الصندوق ومن ثم يقسم على عدد الوحدات لمعرفة صافي قيمة الوحدة. وهو ما يطلق عليه بالسعر الاسترشادي.
وقد نصت لائحة الصناديق العقارية الصادرة من هيئة السوق المالية في فصلها السادس ومادتها الحادية والعشرين على التالي:
أ- يجب على الشخص المرخص له قبل شراء أي أصل للصندوق أو بيعه للحصول على تثمين من مثمنين اثنين يتمتعان بالخبرة والنزاهة ومعرفة النشاط العقاري والمنطقة محل الاستثمار.
ب- يجب أن يكون المثمن مستقلاً عن أي من الأطراف ذوي العلاقة.
ج- يجب أن يشمل تقرير المثمن كحد أدنى على الآتي:
* أسلوب التثمين وطريقته والافتراضات التي بني عليها.
* تحليل للمتغيرات ذات العلاقة بالسوق العقارية مثل العرض والطلب واتجاه السوق.
* تفاصيل العقار وأوصافه .
* المخاطر المتعلقة بالعقار محل التثمين .
د- لا يجوز لمدير الصندوق الاعتماد على تقرير تثمين مضى على إعداده أكثر من ثلاثة أشهر عند شراء أي أصل للصندوق أو عند بيعه.