تقنيات المعلومات ومُؤتمر العشرين
شهدت لندن هذا الشهر مُؤتمر الدول العشرين الرئيسة في العالم G20، والمملكة العربية السعودية بثقلها الاقتصادي والثقافي واحدة من هذه الدول. وبين هذه الدول أيضاً: اليابان، وكوريا الجنوبية، والهند، والصين، وإندونيسيا، وروسيا، وتركيا، وهذه الدوال واقعة كلياً أو في غالبية مساحتها في قارة آسيا؛ وإيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، من قارة أوروبا؛ والولايات المُتحدة، وكندا، والمكسيك، والبرازيل، والأرجنتين، من الأمريكتين؛ وجنوب إفريقيا من قارة إفريقيا؛ إضافة إلى أستراليا التي تُشكل قارة صغيرة نسبياً بحد ذاتها. وهكذا يكون عدد الدول الأعضاء في مجموعة العشرين هو تسع عشرة دولة، ولكن تأتي عضوية الاتحاد الأوروبي في المجموعة ليصل العدد إلى العشرين.
تضمن البيان الذي صدر عن المُؤتمر تسعا وعشرين فقرة لمعالجة الأوضاع الدولية المُختلفة، وعلى رأسها مشاكل الاقتصاد العالمي التي سببتها بصورة رئيسة مُمارسات غير محمودة لمؤسسات مالية عالمية تنتمي إلى الدول الكبرى في أمريكا وأوروبا. وشملت القضايا الأخرى التي اهتم بها المُؤتمر التركيز على دعم العمل على تحقيق "أهداف الألفية" التي أعلنتها قمة الأمم المُتحدة عام 2000م، في مطلع الألفية الثالثة للميلاد، حيث أورد المُؤتمر ذلك في فقرته الخامسة والعشرين.
تشمل أهداف الألفية ثمانية أهداف رئيسة. وتتضمن هذه الأهداف: القضاء على الفقر والجوع، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع، وتحيق المساواة بين الجنسين وتفعيل دور المرأة، والحد من موت الأطفال وتحسين صحة الأمهات، ومقاومة الأوبئة، ولمحافظة على البيئة، والاهتمام بالمشاركة من أجل التطوير. وفي إطار الهدف الأخير الخاصة بالمشاركة يبرز دور استخدام تقنيات المعلومات والاستفادة منها في تحقيق المُشاركة المنشودة. وتتضمن تقنيات المعلومات المطلوب استخدامها، طبقاً لهذا الهدف: الهاتف الثابت والجوال، إضافة إلى الحاسوب الشخصي والإنترنت.
إن تقنيات المعلومات الواردة في أهداف الألفية عام 2000، ثُم في مُقررات مُؤتمر العشرين عام 2009، ليست بحد ذاتها بين الحلول الرئيسة للتعامل مع مشاكل العالم، بل هي في الحقيقة وسائل مهمة للتواصل والتعاون على تنفيذ الحلول الرئيسة المُقترحة بكفاءة وفاعلية. وعلى ذلك فإن أثرها لا ينحصر في هدف مُحدد من أهداف الألفية، ولا في فقرة واحدة من فقرات مُؤتمر العشرين، بل يمتد ليشمل كافة الأهداف والفقرات التي تتطلب التواصل والتعاون وكفاءة الأداء؛ وهذا بالطبع يجعل أثر تقنيات المعلومات قائماً في جميع تلك الأهداف والفقرات دون استثناء.
ولكي تكون تقنيات المعلومات وسائل فعّالة للإسهام في التعامل مع مشاكل العالم، لا بُد من وضع القواعد والتشريعات التي تنظم شؤون التواصل والتعاون بين الأطراف المُختلفة عبر تقنيات المعلومات. وإذا كانت أهداف الألفية قد حددت تقنيات المعلومات المطلوبة للشراكة العالمية في التطوير، إلا أنها لم تتطرق إلى قواعد وتشريعات استخدام هذه التقنيات بما يتضمن عقد الاتفاقيات وتوزيع المشاركات عبر هذه التقنيات، وغير ذلك من مُتطلبات التواصل والتعاون بين المُؤسسات وربما الأفراد أيضاً حول العالم.
وهكذا يُمكن القول بأن تقنيات المعلومات وسائل أساسية ومهمة للتعامل مع مشاكل العالم والتعاون على حلها، لكن اعتماد هذه الوسائل، كما هو مطلوب في أهداف الألفية ومُقررات العشرين، يحتاج إلى قواعد وتشريعات. وتهتم الدول بمثل هذه التشريعات على مستواها الوطني، وتهتم التجمعات الدولية أيضاً بذلك، كما هو الحال لدى الاتحاد الأوروبي الذي يُعتبر العضو العشرين في مُؤتمر العشرين، لكن تنظيم الأمر على مستوى العالم يحتاج إلى مزيد من الجهد.
ولعلنا نستخلص مما سبق، أن علينا وضع القواعد والتشريعات التي تُنظم التعامل عبر تقنيات المعلومات على المستوى الوطني، وأن يشمل ذلك أمن هذه التعاملات وموثوقيتها. وعلينا في ذلك ليس فقط الاستفادة من تجارب الآخرين، بل الإسهام أيضاً في وضع القواعد والتشريعات التي يحتاجها العالم في هذا المجال.