تمكين المرأة السعودية في الوظائف القيادية ضرورة حضارية
السؤال:
المرأة السعودية قطعت مشوارا كبيرا في التعليم في كافة المجالات خصوصا الطب والتعليم ، ولكن نلاحظ عدم إتاحة الفرصة للسعوديات المؤهلات في الطب للمناصب القيادية العليا ،رغم كثرة المؤهلات من السعوديات في مجال الطب والصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية،كما نلاحظ شغل الكثير من الوظائف القيادية النسائية برجال في العديد من الوزارات خصوصا وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ، والتعليم العالي وبعض الجامعات والكليات السعودية.
ونتسائل لماذا لا تؤنث هذه الوظائف القيادية بنساء سعوديات مؤهلات بالرغم من كثرة السعوديات المؤهلات في السنوات الاخيرة؟
إلى متى ستظل المرأة السعودية المؤهلة بعيدة عن الوظائف القيادية في بيئات عمل نسائية ومجالات عمل هامة كالصحة والتعليم والخدمة الاجتماعية،بالرغم من صدور قرارات وتعليمات سامية وقرارات من مجلس الوزراء بتأنيث الوظائف القيادية ؟
هدى . ع.
نورة . س.
وزارة الصحة
الإجابة:
أتفق مع ملاحظاتكن القيمة وهي أن المرأة السعودية قطعت شوطا كبيرا في التعليم وأضيف كذلك بأنها قد أحرقت مراحل متميزة في التعليم والطب والتجربة والخبرة خلال العشرين سنة الماضية وبشكل خاص السنوات العشر الأخيرة، أقول على الرغم من ذلك كله إلا أن المرأة السعودية – كما أشارت السائلتان – في حاجة ماسة لتمكينها في كثير من الوظائف القيادية والإدارية والاشرافية والفنية في كافة الاجهزة والشركات والمؤسسات الأهلية، وذلك لأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع لأن النساء "هن شقائق الرجال " كما جاء في تعليمات ديننا الحنيف وأقوال رسولنا الكريم.
ونلاحظ معكن أن هناك عديدا من الوظائف القيادية والإدارية والإشرافية الشاغرة في الخدمة المدنية والتي يمكن شغلها بنساء سعوديات مؤهلات ،ولايمكن القيام بمثل هذه الوظائف القيادية إلا نساء سعوديات خصوصا في الصحة والتربية والتعليم والتعليم العالي والعمل والخدمة المدنية وبعض الشركات والمؤسسات الأهلية.
نعم كما أشرتن في سؤالكن أو أسئلتكن المهمة والضرورية في هذه المرحلة من تطور المملكة في كافة ميادين الحياة، هناك عديد من القرارات والتوجيهات والتوصيات بتأنيث الوظائف القيادية والإدارية والإشرافية وشغلها بقياديات ومديرات سعوديات مؤهلات، وما أكثرهن الآن ولله الحمد، في قطاعات مهمة كقطاع التربية والتعليم و الصحة والخدمة الاجتماعية والعمل و الخدمة المدنية و التدريب التقني والمهني والجامعات وهيئة الأمر بالمعروف والتأمينات الاجتماعية وغيرها من القطاعات الحكومية والأهلية.
إن هذه القطاعات وغيرها في حاجة ماسة إلى تأنيث الوظائف القيادية والإدارية والاشرافية والفنية، وتمكين المرأة السعودية في هذه الوظائف القيادية والإدارية والاشرافية والفنية أصبح ضرورة حضارية وليس ترفا.
مقاومة التغيير
نعم يجب أن نعترف أن هناك مقاومة من بعض المسؤولين من الرجال في بعض الوزارات كوزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وغيرها لتأنيث بعض الوظائف القيادية لعدة أسباب قد يكون في مقدمتها الغيرة على النساء أو الخوف عليهن من وجهة نظرهم، أو الخوف منهن حيث يرى البعض - ممن يعتبرون أنفسهم أوصياء على المرأة إنهم يخشون - كما يعتقدون أو يتوهمون - من أن (تستجمل الناقة) كما يعتقدون في عقلياتهم وتفكيرهم. ومع إيماننا أن من يمثل هذه النظرة هم قلة قليلة وبدأت تنحسر نظرا للزيادة في الوعي والثقافة، ونتيجة لنجاحات المرأة السعودية في مجالات متعددة.
الاعتقاد الخاطئ لدى بعض النساء
وهناك بعض الاعتقاد الخاطئ لدى بعض النساء وهو أن المرأة نفسها غير قادرة على القيادة والإشراف على المرأة، وهذا الاعتقاد غير صحيح، وربما يعود هذا المفهوم لترسبات قديمة في عقلية وثقافة بعض النساء من أن المرأة ضعيفة وغير قادرة على القيادة والإشراف، وترسخ كأنماط أو قوالب سيكولوجية Steriotypes لدى بعضهن . وقد أثبت بطلان هذا الاعتقاد لدى بعضهن التجارب القيادية والإدارية لنساء العالم حيث وصلن إلى رئيسات وزراء ووزيرات ونائبات ووكيلات وزراء ورئيسات شركات ناجحات, كما أنه لدينا في المملكة تجارب قيادية ناجحة في عديد من الوزارات والمؤسسات التعليمية.
تجارب ناجحة في تأنيث الوظائف القيادية
ونظرا لنجاح المرأة السعودية في قيادة وإدارة قطاعات مهمة مثل قطاع التربية والتعليم، وقطاع الصحة، وقطاع الخدمة المدنية ومعهد الإدارة العامة والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ، وذلك من خلال نجاح تجربة تأنيث فروع هذه القطاعات والمؤسسات والمعاهد .وهذه التجارب الرائدة والرائعة جديرة أن تحتذى ويستفاد منها، ولعل تعيين الأستاذه نورة الفائز كنائبة لوزير التعليم لشئون تعليم البنات نموذجا ودليلا على مانقول، ونتوقع أن يتبعها تجارب جديدة في وزارات مهمة أخرى كالصحة والخدمة المدنية والعمل والشؤون الاجتماعية وغيرها.
قطاعات مهمة جديرة بتأنيث الوظائف القيادية
إن قطاع التربية والتعليم من أهم القطاعات المحتاجة لتأنيث الوظائف القيادية ،حيث يمثل تعليم البنات نصف التعليم في المملكة أو أكثر كما تشير بعض الإحصاءات، لهذا فهو في أمس الحاجة إلى تأنيث الوظائف القيادية والإدارية والتعليمية والتربوية فيه، وإتاحة الفرصة للمسؤولات والقياديات السعوديات من المؤهلات للمشاركة في قيادة وإدارة كافة نشاطات التربية والتعليم وتمكينهن لقيادة التطوير والتغيير إلى الأفضل، لأنهن مؤهلات وذات كفاءة عالية في إدارة مدارس تعليم البنات وإدارة كافة نشاطات التربية والتعليم . كما أن وزارة الصحة في حاجة ماسة لشغل الوظائف القيادية بنساء سعوديات سواء في جهاز الوزارة نفسها أو في مستشفيات الوزارة ومستشفيات الجامعات، وفي الكليات في الجامعات ، وقد نجحت تجربة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن نتيجة لتأنيث الوظائف القيادية فيها، وذلك من خلال التأهيل العلمي للنساء السعوديات والتجربة والخبرة الممتازة في التربية والتعليم في كليات هذه الجامعة المتعددة قبل توحيدها تحت مسمى جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن.
لا يعرف المرأة وحاجاتها إلا المرأة نفسها
يجب أن ندرك حقيقة سيكولوجية وهي أنه لايعرف المرأة واحتياجاتها إلا المرأة نفسها فكثير من الأعمال والنشاطات الموجهة للمرأة في التربية والتعليم والصحة والخدمة الاجتماعية والخدمة المدنية وغيرها لايمكن أن يقوم بها ويؤديها ويديرها ويقودها ويطورها إلا نساء لضمان جودة وكفاءة هذه الخدمات. ومهما بذل الرجال من تفان واخلاص في خدمة المرأة في التربية والتعليم والتعليم العالي والصحة والخدمات الاجتماعية وغيرها فلن يكونوا مثل عمل المرأة وأدائها لبنات جنسها. ولعل كثيرا من المشكلات والإخفاقات في التربية والتعليم والصحة الخاصة بالمرأة عائدة لهذه الأسباب وهو غياب المرأة القيادية والإدارية عن إدارة شؤون المرأة في التربية والتعليم والصحة والخدمة الاجتماعية وغيرها من الخدمات الاخرى والموجهة للمرأة بصفتها تمثل نصف المجتمع.
وحاجة القطاع الأهلي للقياديات ماسة
إن هذا الكلام الذي نشير إليه في القطاع الحكومي ينسحب على القطاع الأهلي الذي هو في أمس الحاجة لوظائف قيادية نسائية لمقابلة الاحتياجات المتطورة ، مثل البنوك وشركات العقار، وشركات الخدمات والصناعات وغيرها فيما يخص المنتجات والخدمات الموجهة للمرأة السعودية ،يجب أن تدار ويشرف عليها سيدات سعوديات مؤهلات لضمان دقة وجودة هذه الخدمات والمنتجات المقدمة لهن.
مشاركة المرأة السعودية في قوة العمل
مع قلة الإحصاءات المتوافرة حديثا، تشير بعض الإحصاءات السابقة إلى أن نسبة مساهمة المرأة السعودية في إجمالي قوة العمل السعودية تبلغ نسبة 5.5 في المائة، وفق الإحصاءات العامة الرسمية الصادرة من وزارة التخطيط السعودية. وترتفع هذه النسبة إلى 11 في المائة مقارنة بقوة العمل السعودية، وتصل إلى 37 في المائة بالنسبة إلى إجمالي القوى العاملة النسائية من سعوديات ووافدات.
وتشكل مشاركة المرأة السعودية في القطاع الحكومي نحو 14 في المائة من إجمالي القوة العاملة في القطاع. كما تبلغ نسبة المرأة العاملة إلى مجموع القوة العاملة في السعودية نحو 5.5 في المائة الأمر الذي يجعلها تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة الإعالة بمعدل 569 فرداً مُعالاً لكل100 عامل، مقارنة بمتوسط هذه النسبة في دول العالم وهو 204 أفراد مُعالين لكل 100 عامل.
نسبة قليلة من القياديات
كما تشير الإحصاءات القليلة والمنشورة إلى أن نسبة قليلة من السعوديات يحتللن وظائف قيادية في الخدمة المدنية فهناك وظيفة واحدة في (الممتازة) وثمة وظائف قليلة في المرتبة الخامسة عشرة لا تتجاوز أصابع اليد، ومثلها أو أكثر قليلا في المرتبة الرابعة عشرة.
أهمية تدريب المرأة السعودية وتأهيلها للقيادة والإشراف
يعتبر تدريب القياديات والمديرات السعوديات من العوامل المهمة لإكسابهن المعارف والمهارات القيادية اللازمة ،ويخصص فرع معهد الإدارة العامة النسائي وبعض معاهد ومراكز التدريب السعودية برامج وحلقات تدريبية في مجال القيادة والإدارة والإشراف لتأهيل وزيادة كفاءة المرأة السعودية في القيادة والإدارة والاشراف الإداري والفني لتمكينهن من إتقان المعارف والمهارات والقدرات الخاصة بالقيادة والإدارة والإشراف، وهذا بدوره يساعد القياديات والمديرات والمشرفات للقيام بمهام أعمالهن على الوجه المطلوب.
تمكين المرأة السعودية في القيادة والإدارة ضرورة حضارية
وفي تقديري إن تمكين المرأة السعودية في القيادة والإدارة يعتبر ضرورة حضارية بجانب كونه واجبا إنسانيا ووطنيا، ويجب دعمه من كافة فئات المجتمع ابتداء من المنزل (الأب والأم والاخوان والأخوات) ومرورا بالمسئولين المعنيين في الوزارات والشركات وانتهاء بقيادة الدولة والتي أثبتت أنها لا تألو جهدا في سبيل خدمة المرأة السعودية وتأهيلها وتدريبها وتمكينها بالمشاركة في خدمة وطنها بصفتها (شقيقة للرجل ) ونصف المجتمع وشريكا دائما للرجل في خدمة بلدها ومواطنيها.
النساء السعوديات قادمات
إن الشيء المطمئن في حياة المرأة السعودية هو الدعم الكبير الذي تحظى به المرأة من قبل خادم الحرمين الشريفين وكافة المسئولين في هذا المجتمع المتماسك والمتعاون، ولدى المرأة السعودية عديد من الفرص والإمكانيات للمشاركة في خدمة وطنها، ولعل القرارات الأخيرة والتوجيهات بالاهتمام بخدمة المرأة وإتاحة الفرصة لها بالمشاركة في الحوارات الوطنية والوظائف القيادية والإدارية، وتخصيص جامعات نسائية وتوفير وظائف نسائية في القطاعات والمجالات المناسبة للمرأة دليل واضح على أن المرأة السعودية تحظى بأهمية كبيرة من لدن ولاة الأمر وكافة أفراد الشعب، والمرأة السعودية قادمة لمزيد من المشاركة وخدمة وطنها.
رئيس آفاق الإبداع والجودة للتدريب
فاكس 4615653 بريد إلكتروني