عطلة الربيع ليست ربيعا
كثير من الأنظمة والأدوات والنماذج نستوردها ولا نكيفها مع بيئتنا، إذ إن لكل بيئة أنظمة وأساليب وطرق وأدوات يتم صياغتها وإعدادها بما يناسب تلك البيئة.. فهل اختيارنا للأنظمة والأدوات والطرق وقل مثلها محاكاة بعض العادات من مجتمعات أكثر تطورا من الناحية المادية هو بسبب نظرية تقليد المغلوب للغالب أو الضعيف للقوي؟ أم هو بسبب اللامبالاة التي نعيشها، بحيث نريد أن نستهلك مباشرة دون بذل أدنى جهد لغرض تفعيل المنتجات والأساليب والطرق لتوائم بيئتنا؟ أم لأنه بسبب عدم تفاعل عملية الحوار والشورى والدراسات، بحيث يتم الوصول إلى أفضل أساليب الاختيار وتكييف المنتجات والأدوات والطرق والأنظمة لتوائم مجتمعنا؟
حالة عطلة الربيع هي من الأمثلة التي نعيشها هذه الأيام، فقد كانت غير مبرمجة في أنظمة التعليم ثم أدخلت بسرعة وكأنها قد نسيت أثناء تخطيط العطل، ولكن إذا كان الجو ربيعا في الجزء الشمالي من نصف الكرة الأرضية الشمالي (أوروبا وشمال إفريقيا وغيرها), فإن جونا هنا جو صيفي لا يمكن اعتباره ربيعا، فقد ولى ربيعنا سريعا بسبب ارتفاع درجات الحرارة (وإن كانت التقاويم تظهر أن الربيع هو هذه الأيام فهي لمجرد الحسابات المفترضة للفصول) فلماذا إذا تكون هذه العطلة التي ليست مناسبة للتمتع بأجواء الربيع؟ لِم لم تكن إجازة نصف العام الدراسي (بين الفصلين) أسبوعين، فقد كانت الأجواء تلك الأيام أفضل بكثير وأقرب إلى جو الربيع، والطلبة والمدرسون والناس عموما كانوا يتذمرون من قصر تلك العطلة السريعة جدا، إذ لم يتم التمتع براحة كافية بين الفصلين.. ثم إن تكيف طلبة المدارس والجامعات والمدرسين ومن حولهم يحتاج إلى وقت، ولهذا نجد أن العطلة يسبقها ركود تعليمي أو توقف يومين بعد هذه العطلة المسماة (الربيع) وقبلها.. ومن هنا فهي حقا غير مناسبة أبدا لظروفنا، والأنسب أنها تلحق بإجازة ما بين الفصلين، ولنتذكر أيضا أن تكرار العطل غير مناسب لبيئتنا التي تميل إلى الإسراف وعدم الاعتدال والمباهاة وعدم التخطيط، وبالتالي تحميل ميزانيات الأسر بأعباء مالية غير مبررة.
هذه العطلة لنصف الفصل الدراسي ليست عطلة ربيع وليست مناسبة لبيئتنا وتخلخل البرامج الدراسية للطلاب والطلبة، فهي مثال من أمثلة كثيرة على استيرادنا الكثير من الأنظمة والأساليب والمنتجات والعادات غير المدروسة لتتكيف مع واقع مجتمعنا.