معالجة الأسعار
تكليف وزارة الداخلية برفع تقارير دورية عن ظاهرة الغلاء في السوق ربما تكون الفرصة الأخيرة لتحديد أسباب ارتفاع الأسعار ووضع الحلول العملية لمعالجة الأمر. سيستعين أمراء المناطق بمسوح ميدانية وبالغرف التجارية والأجهزة الحكومية للتعرف على الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الأسعار ومعالجة هذا الأمر, الذي أصبح يؤرق نوم المواطن. أقترح أن يشارك الاقتصاديون وأصحاب الرأي أيضاً في هذه الدراسة لأن هذا شأن وطني يهمنا جميعاً.
هناك عدة أسباب لارتفاع الأسعار أذكر منها ارتفاع أسعار السلع في بلد المنشأ، زيادة أجور الشحن، توسع الإنفاق الحكومي وعدم قدرة الاقتصاد المحلي على استيعاب المشاريع الجديدة، انخفاض العرض وزيادة الطلب، الاحتكار المحلي، وارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأمريكي مع تراجع الدولار المريض مقابل العملات الأخرى.
التصريحات الرسمية لتفسير ظاهرة ارتفاع الأسعار متناقضة وتثير الارتباك. وزارة التجارة والصناعة أقرت بارتفاع الأسعار إلا أنها لا ترى أن هناك ارتفاعاً يستدعي التدخل. مؤسسة النقد أكدت أن معدل التضخم في المملكة ارتفع ولكنها لا تعتقد أن هناك داعيا للقلق لأن "الاقتصاد السعودي قادر على احتواء توقعات التضخم على المدى الطويل." بعض أعضاء مجلس الشورى انتقدوا ارتفاع الأسعار لأنها غير مبررة ولم يتجاوز الأمر حد إبداء الرأي بطريقة دبلوماسية مهذبة.
التضخم أصبح مثاراً للقلق لأنه يمس شريحة كبيرة من المواطنين. ليس سراً أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية ومواد البناء والإيجارات وحتى القدور والأواني المنزلية وصلت إلى أكثر مما وصلت إليه خلال عام 2006، كما أنه ليس سراً أن زيادة الأسعار كانت متوقعة ولم نستعد لها أو نخطط لتفاديها. الأسعار لن تتوقف عن الارتفاع بين يوم وليلة بل ستزداد ارتفاعاً تدريجياً ما سيؤدي إلى انخفاض الدخل الحقيقي للمواطن.
معالجة أزمة ارتفاع الأسعار يمكن حلها بتفعيل مسارين متوازيين، الأول قصير المدى وهو تغيير السياسة المالية وفك ارتباط الريال بالدولار، خاصة بعد انخفاض سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، والثاني استراتيجي ويشمل عدة خطوات وقائية وإجرائية, وهو ما نأمل أن تنتج عنه دراسة وزارة الداخلية.