وسامة الشعراء.. استثمار ناجح للمصورين والصحافيين
مدخل:
شباب لا والله شباب وشياطين
نبغي نسوِّي بالزّمن أي حاجة
ناصر بن دهيم
"عطني وسامة فلان، وأنا أوريك وش أسوّي".. جملة مغسولة بـ"الحسرة" ولا تخلو من حسد وطموحات غائبة، نسمعها كثيراً من بعض الشباب الذين لم يهبهم الله "ملحاً" أو "قـَبلة"، أصبحت أكثر حرقة على لسان الشعراء منهم، خاصة عندما "يتبطّر" الوسيمون، فيفاخرون جهاراً –بقصدٍ أو غير قصد- بحضورهم القوي وقبولهم لدى الجنس الآخر دون جهدٍ يذكر، ما جعل العلاقة عكسية بين الشعراء وقصائدهم، فالوسيمون لا يحتاجون إلى جهد مضاعف لإيصال قصائدهم، فـ"الصور" سيكون لها "شغل" أيضاً، فلو جمعنا الصور المنشورة لكل شاعر منهم بمختلف الأوضاع، سيصبح بإمكانيتنا صناعة فيلم قصير، بينما "الخشش" الخالية من أي وسامة، فـ"يحطّون حيلهم" في قصائدهم، لأن صورهم "خارج الحسبة" غالباً.
وبما أن "الحياة فُرَص" كما يقول الفنان عادل إمام في مسرحية "الواد سيّد الشغال"، فالحظوظ تختلف بين شعراء الفئتين آنفة الذكر، فكثيراً ما نقرأ في قصائد "الوسيمين" مواقف تجمعهم بفتيات –بالصدفة طبعاً- ويتغنون بهذه المواقف، وكان أبرزهم خالد المريخي عندما قال:
صادفنّي ثلاث احترت ويّاهن
أبهرنّي صحيح وقمت اطالعهن
واشتهرت هذه القصيدة للمريخي، فعزز حضورها وحضوره بقصائد مشابهة، ولكن الأمر لم يقف عند المريخي، فهذا عبد الرحمن الشمري يروي أيضاً موقفاً سبق وأن صادفه، فيقول:
يا بنات قابلنّي وضحكن
ريّحن قلبي عقب طول السهاد
المعروف لدى الجميع أن عبد الرحمن عادل الشمري ذاع صيته عندما شارك في برنامج "شاعر المليون" بنسخته الأولى، واحتل المركز الثالث في المسابقة، علماً بأن الشمري له حضور مسبق في مواقع الإنترنت ومنتدياته وبعض الأمسيات، ولكن ظهوره "الحي" على شاشة التلفزيون ساعد على انتشاره بشكل كبير.
نعود إلى مواقف الشعراء التي تحصل "بالصدفة"، فهي ليست جديدة، لأن محبي الشعر يذكرون "أمير الغزل" الشاعر محسن الهزاني، الذي تمحورت قصائده حول مواقف عدة، ولكن هذا الذي سنورده قريب من مواقف الشباب التي عرضناها، فيقول الهزاني:
مريت بخشيفات ريمٍ يخوضون
سيلٍ وللقلب المشفّا يريفون
من حين ما شافنّي رهاف الثنايا
قامن لي بأطراف الأردان يومون
اللافت في الأمر ليس تشابه مواقف الشعراء "الوسيمين"، بل في صيغة "الجمع" التي يتحدثون عنها، وتتكرر في "صادفنّي ثلاث، يا بناتٍ قابلنّي، مريت بخشيفات ريمٍ يخوضون"، فهنا يلعب "الحظ" لعبته ويرجح لصالح كفةٍ على أخرى، حتى تجد شاعراً رائعاً مثل سليمان المانع يقول من قهره:
بسمة نظر منّي وصدت على طول
ما كنَّها بنت الحرام تعرفني !
هنا لم يجد الحظ أمامه وسيماً، فلم نجد "بناتاً" يقابلونه، فقد كانت واحدة فقط و"صدَّت على طول"، رغم أن الموقف كان "بالصدفة" كالبقية، إلا أن المانع يختلف عنهم بمعرفته للتي "ما كنَّها تعرفه"، فجاءت النهاية قاسية جداً، لا يتعامل بها المنتمون إلى الفئة الأخرى، حيث كانت نهاية موقف المريخي بريئة ومسالمة بدليل أنه عندما "خربط ويّاهن" جاء "يسلّم عليهن" فـ"قام يودّعهن".
المفارقات كثيرة بين الفئتين، وربما تأخذنا إلى زوايا غريبة ما دمنا نتكلم عن الشكل والقبول، فلو ذهبنا إلى أي مكتبة واستعرضنا أغلفة الدواوين والكتب الأدبية لعلمنا من الأغلفة التي تحمل "صور" أصحابها من الشعراء والكتاب مثل كتاب "صمتك كلام" للشاعر أحمد الفهيد، الذي يحتوي على صورته أثناء "تضبيطه" لسماعة هاتفه الجوال في أذنه، أسباب وجود أغلفة أخرى تكتفي مرة بـ"مناظر طبيعية" بين "نفود" و"شلالات" ومرة بلوحات "سريالية" ومرات أخرى بغلاف "سادة"، وهذا يدفعنا أيضاً لنعي دافع الفهيد للاتجاه إلى مجال تقديم البرامج التلفزيونية، عندما ظهر على شاشة قناة "فواصل" من خلال برنامج "آخر الليل".
قد يكتشف البعض منا أن للوسامة تأثيرا على لغة الشاعر وتعبيره وتصويره، فبغض النظر عن "سكسوكة" محمد جار الله السهلي التي تلفت انتباه معجباته، كما نقرأ بعض "المسجات" في بعض القنوات المتخصصة في الشعر، فـ"محمد" يقول:
وجه الشعر "أبيض" ويحتاج تغيير
ودي تزين هالقصيدة علامة
ماضيك الأسود باذكره دون تقصير
كذا يكون بخد هالشعر "شامة"
هكذا يرى محمد جار الله السهلي تغيير وجه الشعر الأبيض بـ"شامة" الماضي الأسود، ومن يعرف ما يجري في المستقبل القريب، قد نتابع أخبار عمليات شفط الشاعر الفلاني و"نفخ" الشاعر بن فلان، انتقاماً من حظوظ أولئك الشعراء "الوسيمين" الذين يخاطبون بصيغة جمع المؤنث السالم وتكثر "صدفهم"بداعٍ أو بدون داعي، وربما يتجه بعض لإبراز "عضلات" جسمه تعويضاً لضمور "وسامته"، وسننتظر دائماً ما بينهم من "شعر" بعيداً عن جميع "خشش" الشعراء "الزينة" منها و"الشينة"، وسنفترض أخيراً منع ظهور الشعراء في الإعلام والاكتفاء بطرح قصائدهم عبر الإعلام المكتوب والمسموع فقط.. من سيبقى يا ترى؟
مخرج:
فينا من اللي يعشقون المزايين
مرّة لبس غترة ومرّة خواجة
ناصر بن دهيم
في العدد المقبل الجزء الثاني : بلا عوامل مساعدة.. "الشيون" يكتفون بالشعر!