من منافس للمانع إلى شاعر مناسبات!
في كل جيل تكون الرؤية ضبابية بين أبنائه، في طموحاتهم وأمانيهم ومواهبهم وتوجهاتهم، حتى الرهانات التي تبدأ على هامش عبثهم من قبل آبائهم وأبناء عمومتهم ومدرسيهم وكل من يعرفهم تكون في غالبها مبنيّةً على تخرصات لا يعترف بها القدر ولا تأخذها المؤثرات الحياتية في الاعتبار، وفي أجيال الشعر يحدث الشيء نفسه ولكن بتنافس أكبر وبغيرةٍ أعظم، ذلك أن الشعر هو الشيء الوحيد الذي يرفع بيوتاً لا عماد لها في الجزيرة العربية، وفي كل جيل شعر تبدأ الرهانات على المواهب الشابة، ويحدث دائماً أن يسقط الأكثر ترشيحاً وينجح الأقل، أما لماذا فالعلم عند الله، ولسنا هنا بصدد استعراض الأسباب أو محاولة فهمها على الأقل، لكننا نريد الحديث عن شاعرٍ راهن الكثير من أبناء عمومته وزملاء دراسته على نجاحه وتفوقه في الشعر، الكثير منهم رأى فيه الشاعر الأكثر تفوقاً من "سليمان المانع" والذي كان يكتب بالقرب منه زماناً ومكاناً وعشيرة، الشاعر هو" كامش العنزي" والذي يعرفه الجمهور أكثر من خلال الإعلانات الصغيرة في الصحف المحلية، مساحة صغيرة جداً تحوي بيتين من الشعر وصورة وأرقام هواتف وجملة تعني الاستعداد التام لكتابة قصائد المناسبات، هذا الشاعر الذي لم يعرف في ساحة الشعر المحكي بغير هذه "المهنة" يظن الكثيرون أنه شاعر عادي جداً قياساً بما يقرأونه من أبيات في مساحاته الصغيرة والمدفوعة الثمن، إلاّ أن من يعرف كامش العنزي جيداً، ويتذكر طفولته وشبابه وبدايات كتابته للشعر يعرف أنه كان المنافس الأوحد لعذوبة وإنسانية وشعر سليمان المانع، ومن الأبيات التي خلدت في ذاكرة من يعرفه بيتان يقول فيهما:
أنا طفل خلاني الوقت رجال
وجه الطفولة يمتزج بالرجولة
لا جيت أمارس لعبتي مثل الأطفال
من وجهي الثاني عيوني خجولة
هذان البيتان يكفيان للدلالة على أن كامش العنزي ضحية شيء ما لا نعرف كنهه، لكننا نعيد ونقول إن أجمل الشعر لم يطرق بعد!، وأجمل الشعراء على الإطلاق لم يقرأه الناس بعد، والله أعلم.