شعراء الطائف غاضبون من مهرجانها: يدعون الآخرين ولا يعبروننا!
أثار شعراء ومثقفو الطائف موجة من السخط على اللجنة المنظمة لمهرجان الطائف السياحي لهذا العام بعد أن اقتصر المهرجان على مشاركين من خارج المنطقة وهو ما يراه هؤلاء إجحافا في حق عطائهم الأدبي، رغم جماهيرتهم وقربهم من الحدث، فهم يرون أنهم أحق بالمشاركة في مهرجان مدينتهم التي تظل محط أنظار الجميع أدبيا وسياحيا، ويتحدثون عن إخفاق اللجنة المنظمة لمهرجانه السياحي من حيث القيمة الفنية في حفل الافتتاح وكذلك في اختيار الـ 15 شاعر الذين أحيوا أمسياته منذ أكثر من عام، حيث استقطبت أسماء شبه مجهولة من خارج المنطقة وتم تجاهل شعرائها الذين ملأوا الدنيا شعر على مستوى القصيدة الشعبية أو على مستوى المحاورة.
حول هذا الموضوع تحدثنا مع أدباء وشعراء ونقاد لهم علاقة مباشرة بالحدث والمدينة، محاولة لنقل الآراء جميعها، وفهم أسباب هذا السخط الذي أخرجه شعراء الطائف وغاووهم أحيانا!
مصالح شخصية
في البداية نفى شاعر المحاورة مستور العصيمي دعوته للمهرجان، مؤكدا أنه لم توجه له أي دعوة للمشاركة في المهرجان، مبديا عدم استغرابه من هذا التجاهل حسبما قال، "عودتنا اللجنة المنظمة منذ سنوات على تهميشنا واستقطاب شعراء من خارج المنطقة ولا نعلم ما الأسباب الحقيقية لهذا التجاهل، هناك ظروف غامضة لا نعلمها ومصالح شخصية تسعى لتحقيقها هذه اللجنة، أنا غير مستغرب من لجنة بعيدة كل البعد عن تراث وعادات أهل الطائف وغير مطلعة على شعرائها الحقيقيين، لأنها تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية"، مشيرا إلى أنه ليس على خلاف مع هذه اللجنة، لكنه يطالب المسؤولين بتغييرها ووضع أشخاص من أهل النقد والمنصفين، معتبرا أن دعوته كل عام إلى مهرجاني عنيزة وعسير يعني شهرته وشاعريته، متسائلا عن سب تجاهل مهرجان الطائف له.
لم توجه لي الدعوة
من جانبه يرى شاعر المحاورة مصلح بن عياد الحارثي أن لجنة مهرجان الطائف في كل مناسبة تتجاهل شعراء الطائف في النظم والمحاورة، وتأتي بشعراء من خارج المنطقة، متسائلا "ماذا تريد لجنة تجاهلت شعراء أمثال مصلح بن عياد، مستور العصيمي، عمر الخالدي، رشيد الزلامي، عباد السفياني، سعيد الشهيب، عبد الله العلاوة، جار الله السواط، عيضة عطية الحارثي، سامي السفياني، سعود المسيلي، محمد الطويرقي، مستور السفياني، وزايد السفياني"، مشيرا إلى أن هذه اللجنة تعتمد على المجاملات والمحسوبيات، وقال "أحب أن أركز على أنه لم توجه إلينا الدعوة، وعلينا أن نتصدى لهذا الأمر ولو لزم الأمر برفع شكوى إلى أمير المنطقة".
أهل المنطقة أولى
شاعر المحاورة سامي السفياني يرى أن موضوع لجنة التنشيط السياحي في الطائف شائك جدا يطول الحديث عنه، وقال "بحكم الاختصاص دعني أحدثك عن المحاورة، فكل الأمور لها أولويات وأهل أي منطقة أولى بمنطقتهم وبتمثيلها، وهذا لا يعني أنني ضد الشعراء المشاركين في هذا المهرجان، ولكن السؤال الأهم هنا أين شعراء الطائف الذين لهم الأولية بتمثيل مدينتهم، وهم شعراء يعتبرون من رموز شعراء المحاورة في الخليج، وهل القصور في الشعراء أنفسهم وهذا أمر مستبعد، أم أن القصور من القائمين على هذا الأمر لاعتبارات لا نعلمها، أتمنى أن لا يكون من بين هذه الاعتبارات العنصرية القبيلة وخدمة الذات الشخصية للقائمين، فقط نريد التوضيح ولو أنها صحوة متأخرة بعد نوم إجباري عميق"!.
مدينة الشعر والشعراء
من جانبه قال الدكتور عالي سرحان القرشي الأديب والناقد المعروف أن مدينة الطائف تعتبر مدينة الشعر والشعراء، فهي بحكم طبيعتها وشخصيتها تستثير الشعر والشعراء، والشعراء الذين استثارتهم الطائف سواءً في الشعر الشعبي أو الفصيح يضيق عنهم الحصر أو التعداد، فمدينة كهذه تزخر بالشعراء وتزخر بالشعر الذي يبرز تحولات القصيدة في الشعر بعمومه، معتبرا أن شعراء الطائف أصبحوا نماذج واضحة في الشعر العربي والشعر الخليجي ولذلك نجد حضورهم عربياً وخليجياً وفي مناطق المملكة المختلفة، مستغربا أن تخلو فعاليات الصيف الثقافية للطائف من هذه الأسماء، مناشدا المسؤولين عن الأنشطة الشعرية في المهرجان أن يحققوا لطائفهم ما يستحقه من شعرائها البارزين.
على قدر أهل العزم
الشاعر الحميدي الثقفي أجاب إجابة مغايرة، وقال "يا سيدي الشعر يخرج من سياقه هنا ويتحول من شعر لقلوبهم وعقولهم وأحاسيسهم إلى شعر لعيونهم السياحية، وينصب إلى الخطاب الدعائي والإعلاني، ولذلك ما تقدمه هذه اللجنة أو غيرها من اللجان هو عادي ولا يستطيع الشعر الحضور في ظل الحضور السياحي والإعلامي بصورة مثيرة، بل هو محكوم عليه بالنمطية المتبعة إعلامياً وسياحياً وثقافياً، أما لجنة الشعر في الطائف الممثلة في محمد الشيباني وعبد المحسن نوار فهما يبذلان جهد ويشكران عليه، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم!
المهرجان يسوّق للجان
الناقد والشاعر سعود الصاعدي تطرف في رؤيته لمدينته وشعرائها، فهو يرى أن الطائف مدينةٌ تصدِّر الشِّعر ولا تستورده، وأنها كانت منذ القدم ملء سمع الشعر وبصره، وهي الآن على مستوى القصيدة الشعبيَّة الحديثة تتربّع على القمّة، وحين يغيب رموزها في مهرجاناتها الصيفيَّة، ويُغيَّب وجهها الحقيقي، وهو الوجه الذي عُرفت به مدينة الطائف، فهذا بحدِّ ذاته، ظلمٌ لهذه المدينة، لأن عدم وجود أبنائها الذين لهم أثرٌ فاعل في المشهد الشعري أو الثقافي، يوحي أنَّ هذا المدينة تقع في الهامش، سواء على مستوى الشعر العامي، أو على المستوى الثقافي بشكلٍ عام.
ودعا الصاعدي القائمين على المهرجانات والأنشطة الصيفية في جميع المدن والأقاليم، وليس الطائف فحسب، أن يلتفتوا إلى تراث المنطقة التي ينظمون مهرجاناتها إلى أدبائها أنفسهم لإظهار الوجه الثقافي والأدبي لهذه المنطقة أو تلك، وهذا هو أحد مقاصد السياحة في جانبها الفكري حسبما يرى، وقال "الحاصل الآن - بكل أسف - أن مثل هذه المهرجانات، في الطائف وغيرها، وأنا هنا لا أخصّ مدينة الطائف فحسب، صارت تسوِّق للّجان القائمة عليها، وصارت محتكرة باسم الفزعة، أو باسم العلاقات والمصالح الشخصيَّة، وهذا بكلّ أسف، داءٌ عامٌّ نعاني منه على المستوى الثقافي في كلّ المناطق، وهو يعكس نقص الوعي، كما يعكس صورة من صور الشللية في جانبها الثقافي، بحيث يختطف المنابر الثقافية الأصدقاء في ثياب الشعراء والأدباء"!
حتى ناصر السكران!
الشاعر ردة السفياني أحد شعراء الطائف البارزين، قال في معرض حديثه لـ"الاقتصادية" بداية سأتجاور عمداً وسهواً كلما سبق وسأتوقف عند حفل الافتتاح الذي حضره الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، ففي الحقيقة أنا لا أعلم من المسؤول عن اختيار المشاركين، أهي لجنة الشعر أم المحافظة؟ كم هو أمر مؤسف ومحزن في آنٍ أن يكون الحفل خاصاً بمدينة الطائف ويأتي بعيداً كل البعد عنها، من المفترض أن يكون الحفل عاكساً لعادات وتراث وفلكلور قبائل الطائف، وكما هو معروف أن هذه المدينة تزخر بالكثير من الكنوز وما شاهدناه جميعاً لم يكن كذلك، فالأوبريت من كلمات محمد الأسمري وأنا لا أعترض عليه شخصياً ولكنه ليس من شعراء الطائف، وهنا أتساءل أين الحميدي الثقفي؟! وأين خالد قماش؟! وأتت فقرة العرضة بشاعر واحد من الطائف، فأين شعراء العرضة الحقيقيين أمثال مصلح بن عياد وعبدا لله العلاوة؟ وتبعتها فقرة الرد ولم تكن أحسن حالاً من سابقتها فشاعري القلطة هما حمد الشيباني وفلاح الروقي ولأول مرة اسمع بهما وأنا أحد الملمين والمتتبعين لشعر القلطة وعلى علم بشعرائها واعتقد أن هذين الشاعرين ليسا من الطائف ولو كانا كذلك فهناك من هو أجدر وأحق منهما، فأين الشاعر مستور العصيمي ورشيد الزلامي وابن عياد والعلاوة وعمر الخالدي وحامد هليل السفياني وسلطان المنصوري وغيرهم، ثم إن هذه الفقرات أتت باهتة وضعيفة فنياً فهي لا تمثل الوجه الحقيقي للعرضة ولا القلطة أيضاً، ولا أجد حرجاً أن أضيف أن قصيدة الشاعر محمد سعيد الذويبي لم تكن شعراً بقدر ما كانت كلمات مرصوصة، حتى ناصر السكران وجد له متسعاً للظهور وهو البعيد كل البعد عن الطائف!!