الشرطي ويب 2.0
لا شك أن الجرائم بأنواعها كافة قبيحة، ولكن غباء المجرمين أحيانا يضفي على الجريمة نوعا من الطرافة. ولعل قصة هذا المقال هي مثال على ذلك. تعرضت شركة وورك سبيس WorkSpace للسرقة، حيث قام مجرمان بالدخول في مقرها وسرقة خمسة أجهزة حاسب محمولة. ولم تتمكن الشركة من معرفة السارقين على الرغم من وجود كاميرات مراقبة قامت بالتقاط صور غير واضحة للمجرمين. ولكن الطريف في الأمر أن أحد هذه الأجهزة هو جهاز ماكنتوش يحتوي على كاميرا، مما دفع المجرم إلى أن يقوم بالتقاط صورة لنفسه. وقد قام بالتقاط هذه الصورة مبتسما ومن دون قميص، مما أدى إلى ظهور الوشم على صدره في الصورة. ولم يعلم المجرم بأن الجهاز يحتوي على برنامج FlickrBooth والذي يتيح للمستخدم إرسال الصور مباشرة إلى حسابه في موقع فلكر Flickr الشهير لمشاركة الصور. ولعل خبرة المجرم القليلة بالحاسب جعلته ينقر "موافق" لكي يقوم الجهاز بتحميل صورته في حساب صاحب الجهاز في موقع فلكر. وهذا ما أدى إلى اندهاش صاحب الحساب حين زاره، حيث وجد صورة لشخص لا يعرفه في حسابه الشخصي، ولم يستغرق الأمر منه الكثير ليعرف أن هذا الشخص هو المجرم الذي سرق جهازه.
ومن هنا بدأت قوة الويب 2.0 حيث أصبحت هذه الصورة مزارا للمستخدمين والذين وضعوها في مدوناتهم المختلفة (والتي قدرت بالآلاف) ووضعت في مواقع مشاركة الروابط مثل ردت Reddit و ديق Digg مما جعل عدد زوار هذه الصورة في موقع فلكر لوحده يصل إلى ربع مليون زائر! وأصبح هذا الشخص مطلوبا للعدالة في الإنترنت وكل من وضع صورته في مدونته وضع تحتها كلمة "مطلوب للعدالة" wanted حتى انتهى الأمر بصاحب الصورة لتسليم الجهاز للشرطة، والقول إنه لم يقم بسرقته بل قام بشرائه من صديق والذي قام بدوره بشرائه من شخص لا يعرفه. وبالطبع فإن معظم مستخدمي الإنترنت والمتابعين للقصة (هيئة المحلفين الافتراضية) يعتقدون بأن هذا الشخص هو السارق، ولا سيما أن الشرطة قد أوضحت أن له سوابق، ولا يزال التحقيق جار في القضية.
بغض النظر عن نهاية القصة، وعن براءة الشخص من إدانته. فهذ القصة دليل كبير على قوة الويب 2.0 وفاعلية أهم عاملين فيه وهما: العنصر الاجتماعي والمشاركة. فلولا وجود موقع فلكر - بعد قدر الله - لما تمكن صاحب الجهاز وبهذه السرعة من الحصول على صورة واضحة ومُدِينةٍ لسارق جهازه. وأيضا اتضحت لنا أهمية وجود المدونات ومواقع مشاركة الروابط التي مكنت الناس من تناقل الخبر بتلك السرعة الحاصلة ومكنت صاحب الجهاز من استعادته.
فشكرا يا ويب 2.0 !