ربوا عيالكم!

ربوا عيالكم!

قرأت تحقيقا صحافيا عن "القبلية في مجتمعنا" في صحيفة الرياض منتصف هذا الأسبوع، وللأمانة كان التحقيق قويا وجريئا وذا طرح جديد، أجاد فيه الزميل "أحمد الجميعة" جمع المعلومات من متخصصين وباحثين، إلا أن ما أثارني في هذا التحقيق نقطة أوردها الزميل حول تأثير برامج المسابقات الشعرية وتأجيجها للعنصرية القبلية، وذكر من هذه البرامج "شاعر المليون" الذي يبث على قناة أبو ظبي الفضائية.
لا أحد يغفل نجاح البرنامج جماهيريا، وإلا لما كان له هذا التأثير الكبير، إلا أن ما يغفله البعض – وربما يتعمدون إغفاله - أن الشعر العامي أدب واسع الانتشار في منطقة الخليج، وهو في المرتبة الأولى من حيث التعاطي بين الناس كثقافة متداولة ومحببة، ولذلك كان الوسيلة المثلى لبث العنصرية المتأصلة في تربية البعض، ولا علاقة له إن كان البعض لم يتعب والده في تربيته وتأديبه!
الاتكاء على القبيلة للإنقاص من الآخر أيا كان هذا الآخر، هو أمر لا علاقة للأدب به من قريب أو بعيد، بل هي "قلة أدب" يبتعد عنها الأولون من آبائنا وأجدادنا ويحتقرون ممارسها، حتى وهو في بيئة القبيلة "الحقيقية"، المنزل المتنقل والمصنوع من شعر الماعز، الاقتصاد الذي يعتمد على المطر، والجوع الذي قد يضطرك أحيانا إلى غزو الآخر! ورغم غزوه – بغتة أحيانا – يظل احترامه واجبا، فالجوع قد يقتلهم أحيانا، إلا أنه لا يستطيع أن يغلب أخلاقياتهم!
ما يحصل الآن عندما يكون الشعر وسيلة لتمرير الإساءة للآخر، هو "قلة تربية" لا أكثر ولا أقل، وهو ناتج عن "قلة الوعي" بالإساءة الكلية التي قد يقدمها لنا مثل هذه التصرفات، ووضع المسابقات للشعر لا يعني تكريس الإساءة، بقدر ما يعني إتاحة الفرصة المكثفة إعلاميا لظهور بعض "غير المتربين" بشكل أكبر! فالشعر غذاء روحي لذيذ، وأداة مميزة لرفع الوعي العام، متى ما وجدت الأشخاص الذين يعرفون استغلالها بهذا الشكل الراقي، وبصريح العبارة "ربوا عيالكم صح"!

الأكثر قراءة