القصيدة السياسية.. مستقبل الشعر الماضي!
قرأت في لقاء للشاعر نايف صقر قوله إن المستقبل للقصيدة السياسية، كانت جملة مقتضبة، لم يقف المحاور عندها، ولم يطلب توضيحاً أكثر من الشاعر لهذه الجملة، فافترضت أنه يقصد القصيدة التي يتحدث فيها شاعرها عن حدث عالمي أو إقليمي مثير، وهي قصيدة لم تكن غائبة أبداً، وكانت تجد انتشارها السريع بين القرّاء، ولكنها ظلت تردد دون معرفة شاعرها، إما لأن الشاعر غير معروف أو لأن الشاعر لا يريد أن يظهر باسمه الكبير من خلال قصيدة سياسية قد تجلب له إشكالات لا تجلبها قصيدة الغزل، وباستعراض سريع لأهم الأحداث في السنوات الـ 20 الماضية نجد أن كثيرا من الأبيات رددها الناس خلال أقل من أسبوع من حدوث الفعل السياسي الدافع لكتابتها، وبعد تطوّر وسائل الاتصال أصبح البيت أو القصيدة تكتب بعد ساعات من الحدث وتنتشر بين الناس بعدها بدقائق معدودة، كما حدث بعد خبر انهيار برج التجارة، وسقوط كابل، واحتلال العراق، وإلقاء القبض على صدام حسين، وغيرها من الأحداث، وما انتباه نايف صقر لمثل هذه المواضيع من الكتابة إلاّ دليل على قرب انحسار موجة الغزل التي كانت ولا تزال وإن بشكل أخف تسيطر على نتاج الشعراء، وأقول والله أعلم أن الترف الذي صاحب المجتمع الخليجي بشكل عام منذ ما يقارب 40 عاما، والهدوء السياسي في المنطقة، جعلا من الغزل المادة الأكثر إثارة للقراءة، وبعد التحولات السياسية والاقتصادية الأخيرة في المنطقة انساق الشعراء بطبيعتهم العاطفية نحو الشغل الشاغل للناس، ففازت قصائد التأسي على حال الفقراء، والخصام الأيديلوجي بقصب السبق في القراءة، فانتبه الشعراء الكبار متأخرين.