لصوص الكلمة

[email protected]

"لصوص الكلمة" هو موقع إلكتروني لشاب كويتي، نذر نفسه وجهده لرصد ومتابعة السرقات الأدبية والفكرية من قِبل عدد من الكُتّاب والمثقفين والشعراء والرسامين، ورغم الجهد الذي يبذله مؤسس الموقع وصاحب فكرته، إلا أنّ وجوده في فضاء النت ضرورة مُلحة، وعلى جمعيات الكُتّاب والأدباء دعمه ومؤازرته. ولعل المتصفح للموقع يُفاجأ حينما يجد عدداً من المشاهير من الكُتّاب العرب وقد ازدان الموقع بصورهم وبالنصوص والمقاطع التي سطوا عليها دونما إحالة أو إشارة إلى هذا الكاتب أو ذاك.
في فضاء الإنترنت، ومع وجود محركات البحث أصبح السطو على المقالات والدراسات والبحوث أمراً متاحاً وشائعاً، غير أنّ محركات البحث هي أيضاً المساعد الأول في اكتشاف "لصوص الكلمة" وما سرقوه!
من خلال تجربة خاصة مررتُ بها قبل أكثر من عشر سنوات، لم تتملكني المفاجأة حينما وجدت عدداً من الكُتّاب المشاهير وغيرهم في موقع "لصوص الكلمة". إذ كنتُ ذات مرة أقرأ إحدى صحفنا المحلية السيّارة، وكنتُ أقرأ فيها مقالةً لأحد الدعاة الصحويين المشهورين، الذي كان يكتبُ في الصحيفة كلّ يوم جمعة. وبعد أن فرغتُ من قراءة المقال، وكنت في الطائرة قادماً من المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، استدارت بي الدنيا وأخذني التفكير في دروبٍ شتى، وأجهدني التساؤل: هذا المقال سبق لي أن قرأته، فأين قرأته؟! وكيف الوصول إلى مصدره؟!
قررتُ وقتها أن أبحث عن المقال، الذي قرأته قبل سنوات، مهما كلف من الجهد والوقت، وبعد أيام من البحث، عثرتُ على المقال، فإذا هو لكاتب عربي مشهور وأحد أبرز رموز العمل الإسلامي! وجدتُ المقال منشوراً في أحد كتبه الشهيرة، ولم أستغرب سرقة الأستاذ الجامعي والداعية الشهير! لكني تساءلت: كيف يجرؤ على سرقة مثل هذا المقال لهذا الرمز الإسلامي الشهير، الذي طوّحت كتبه الآفاق وانتشرت انتشاراً واسعاً، خاصةً بين الشباب والفتيات؟! قلتُ وقتها: ربما أن السبب الذي دفعه لسرقة هذا المقال من أحد كُتب هذا الرمز الإسلامي، هو أن أحد أصدقائه من الدعاة الصحويين قد شنّ هجوماً عنيفاً على هذا الداعية المؤلف الشهير، فلربما اعتقد أن هذا الهجوم سيُفقد الشيخ وهجه وأن الأتباع لن يقرأوا له! ربما كان هذا ظنه آنذاك!
بمطابقتي المقالتين مع بعض، مقالة الشيخ في كتابه، ومقالة الداعية الأستاذ الجامعي، المنشورة في الصحيفة السيّارة، لم أجد أي اختلاف سوى تقديم كلمة على أخرى، ولربما اضطر إلى استبدال كلمة أو كلمتين! أما بقية المقال، فهو سطو فكري مسلّح، نقله فضيلته بنصه وفصّه، مطوّحاً بأخلاقيات وأمانة النقل، ضارباً بالحائط أصول ومبادئ المنهج العلمي في البحث، الذي درَسه هو في السنة الأولى من كليته، ولربما درّسه لأتباعه طيلة عمره!
بعد نشره هذا المقال، تابعتُ مقالاته التالية، لعلني أجدُ إشارة منه تفيد أن مانشره كان مقالاً مقتبساً بكامله وأن الإشارة إلى ذلك قد سقطت سهواً أو أسقطها مخرج الصحيفة! غير أني لم أجد ذلك! وبقي المقالان عندي الآن، أمانةً وذكرى وشاهداً، حينما يسطو أستاذ جامعي وعميد كلية وداعية شهير على مقالة كاتب عربي ورمز إسلامي شهير! وهنا مكمن الغرابة وليست في السطو والقرصنة الفكرية!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي