المعنى.. جدلية لم تحدث بعد!

 المعنى.. جدلية لم تحدث بعد!

ينشغل الكثير من الشعراء والغاوين بحروب كلامية أشبه بحرب الطواحين، فمن قائلٍ بأن الشاعر فلان "يكسر" إلى منافحٍ عنه، وأكثر صور هذه الحروب فكاهة هي اللحظة التي يصل فيها المتصارعان إلى الساحة البيضاء التي ستتلون بعد ذلك برمزي الساكن والمتحرك "5/"، وغالباً ما تنتهي المعركة بنصر موثّق للدارس لعلم العروض، واحتجاج عريض للحافظ لجميع "طروق" الشعر المحكي، فالأول يريد أن يضع اللفظ المحكي بلحنه المتفق عليه في ميزان اللغة العربية الفصحى، والآخر يريد أن يبقي الشعر المحكي في دائرة اللهجة المطاطة، تلك التي تتيح لأي شاعر أن يلوي عنق الكلمة بحجة اللهجة، وهي "تصريفة" جاهزة دائماً لتبرير عسف الكلمة إرضاءً للوزن تارة وللقافية تارةً أخرى، هذا الجدل الذي لا ينتهي لا يبدو أنه ـ عطفاً على شخوصه ـ سوف ينتقل إلى مراحل أكثر وعياً ودراية بماهية الشعر الذي لا يأخذ من الوعاء سوى الشكل، فهو يحتفظ بكل جدارة بخواصة التي تلامس الروح قبل كل شيء، قليلة هي النقاشات حول المعنى، جدليات الشعر المحكي الأكثر حضوراً هي جدليات وزن لا أكثر، لم ينتقلوا بعد إلى نقاشات أكثر عمقاً وتبحراً في قلب الشعر الذي يشبه قلب البحر بأسراره وسحره اللامنتهي، الجميل الساخر في الموضو ع أنهم "طبعاً" وبحمد الله لم يصلوا حتى الآن لجدلية "الأنساق"!، ولمن يبحث كما بحثت في الساحة المحكية عن نقاشات ذات فائدة فإنني أهديه هذا المقطع لنزار قباني:

ستفتش عنها يا ولدى فى كل مكان
وستسأل عنها موج البحر
وتسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحارا  وبحارا
وتفيض دموعك أنهارا
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا
لكنك سترجع ياولدى
مهزوما مكسور الوجدان

الأكثر قراءة