قصيدة المدح.. دوافع نفسية أم اقتصادية..!

قصيدة المدح.. دوافع نفسية أم اقتصادية..!

الجرس يدق
هذا التحقيق ينطلق سرده من أساس غير "علمي" إنما "عملي"!
والله ولي التوفيق.

تعريف قصيدة المدح
شخصان، لأحدهما مصلحة لدى الآخر، يسمى صاحب المصلحة: المادح، ومن يستجدى به النفع: الممدوح، وقد ذكر البعض أن قصيدة المدح وسيلة محترمة للتعبير عن الشكر أو رد الفضل بسياق شعري.
أما النهج الحديث فإنه يتبنى مسألة أن قصيدة المدح "الحالية" طغت عليها أهداف شخصية حتى وإن كان "الممدوح لا يستحق ذلك".
ملاحظة: ونحن عزيزي القارئ لا نتبنى أيا من الآراء المذكورة أعلاه.

نشأة المدح
نشأ المدح حين نشأ "الفقر"!
بهذا المعنى رصد أحدهم الموضوع، في حين أكدت بعض الدراسات أن المدح ما هو إلا غرض شعري عرف لدى العرب، ونظرا لدهشة البشر بصفات البعض من شجاعة وقوة وكرم كان الشعر وسيلة لبث هذه المشاعر، وقد عُرف أن أبو الطيب المتنبي أحد أهم من قال قصائد المدح، يقول المتنبي:
يا من يهب الكثير وعنده
أني بأخذه عليه أتصدق
ولم يعرف حتى هذه الحظة إن كان هذا البيت هو مدح أم شيء آخر!
وقد وجدنا صعوبة في قول غير أن المدح نشأ مع نشوء الشعر كغرض مهم.

الدوافع النفسية
ما هي الدوافع النفسية لكتابة قصيدة المدح؟
سؤال لذيذ، وبصيغة أخرى قد يكون فخا عظيما، ونحن لا نبحث سوى عن طرح يفهمه الكل! ولن تصعب الإجابة المباشرة متى ما وضعنا الهدف الإجابة هي: تحديد البعد الأدبي من خلال اختيار طقس الكتابة وتبني فكرة ما كعنوان لقصيدة ما، إذ تصبح قصيدة المدح هنا مشروعا لا يمت للشعر بصلة إلا من حيث الشكل، لذا قد يقول أحدهم: الدافع هو حب فلان، أو الدافع هو محاولة شكر فلان على موقف ما، أو رغبة في الحصول على "هبة" ومبلغ مالي من فلان، وفلان في كل النماذج السابقة هو "الممدوح" أو المنقذ للشاعر، وليس من العيب أن يهب أحدهم مبلغا ماليا أو أيا كانت الهبة للشاعر على قصيدة مدح كتبها فهذا نهج عرف عن العرب نظير كرمهم منذ آلاف السنين، إنما الدافع حين يرتبط بهذا السبب "التكسب" فإننا نصبح أمام أزمة حقيقية، ووضع مخجل.
ملاحظة مهمة جدا: الكثير من الممدوحين يستحقون المدح والثناء.

قد تكون الأسباب كما يأتي:
1ـ الكسب السهل
في الآونة الأخيرة بات العديد من الشعراء يبحثون عن "ثري كريم" كي يمدحونه من أجل مبلغ معين، أو لكسب الرضا والقرب، أو لواسطة ما في موضوع ما!
لذا يتجه المدح ليصبح مهنة!
فالشعر في أحد أهم أشكاله لن يخرج عن كونه "صنعة"!
حيث أصبح عدد غير قليل من الشعراء يبحثون عن هذا "الثري الكريم" – صاحب الصفات المعينة – باعتباره صيّدا ثمينا، وأكثر ما شغلهم هو كيفية الوصول إليه، لذا يصبح الخيار الأخير هو "الإعلان" في حين قد يكون الخيار الأخير نفسه هو الأول متى ما كان هذا الأسلوب مساعدا في كسب رضا الممدوح بجانب كسب "الفلوس"!

2ـ سوء الأحوال الاقتصادية
سوء الأحوال الاقتصادية لدى البعض يعتبر سببا رئيسا ومهما لكتابة قصيدة المدح، فارتفاع الأسعار وخسائر الأسهم والحاجة إلى دخل إضافي، وغلبة الدين، جميعها أسباب تؤكد أن كثرة قصائد المدح ما هي إلا الشكل الآخر من محاولات التعديل والتصحيح سواء الاجتماعي أو الشخصي.
ولكن: كثرة هذا الغرض يؤدي إلى استفهام حتما لن نقع على إجابته من خلال موضوع سريع ومختصر كهذا فالمسألة تحتاج إلى دراسة.

الرأي الآخر
إذا اعتبرنا أن بعض قصائد المدح ما هي إلا تعبير شفاف وحنون اللهجة عن موقف جميل بادر به "الممدوح" أو لفضله في نقل "المادح" من أزمة إلى حل أو فقر إلى غنى أو ضائقة لفرج، فماذا عن شرط إعلان أسباب المدح بطريقة أو أخرى وماذا عن شاعر يدفع مبلغا ماليا لنشر قصيدة مدح يطلب فيها مساعدة مالية؟ وماذا عن محاولة بعض الشعراء إيهام المتابع أنه رجل "واصل" وماذا عن اشتراط بعض "الممدوحين" نشر ما يكتب عنهم لمنح "المادح" طلبه، وماذا عن توجه الشعر من خلال الشباب لخانة المدح والتقرب والتكسب.
هل كل "ممدوح" يستحق المدح؟

مواسم المدح
قد لا تعلم عزيزي القارئ أن لقصيدة المدح مواسم وحالات وشروط وقتية تتمثل في: الأعياد، المرض، المناسبات المهمة، الأفراح ونستثني من ذلك الأوقات التي تخضع إلى حاجة "المادح" أو وقت انتهاء قصيدته تزامنا مع أجواء تناسب بث القصيدة "للممدوح"، أي ما يمكن أن نسميه "مواسم المدح الاستثنائية أو الخاصة".

افتح الباب
عزيزي الشاعر لا تمدح سوى من يستحق المدح!
عزيزي القارئ لا تقرأ سوى قصيدة مدح في شخص يستحق المدح!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأكثر قراءة