قضايا ذوقية
يجب أن نعترف أننا نعيش أزمة ذوقية على الأصعدة كافة، وقضايا الذوق مرتبطة بالبعد الحضاري لكل شعب، وما يلقاه الأفراد والجماعات من ذوق رفيع وتهذيب ورقة في الطباع يكتسب في مراحل العمر الأولى؛ بل يرضع في الحقيقة مع لبن الطفولة.
يأسف الإنسان عندما يرى حياة الناس اليومية وتعاملهم في الشارع والمدرسة والبيت والسوق ودائرة العمل. فيرى في هذه المواقف سماجة ورعونة وهدرا لكل مقاييس الجمال.
وفي هذا السياق سلسلة طويلة من الذوقيات يجب أن تراعى وتوضع في الحسبان وأن يلتفت لها المربون وقادة المجتمع من أجل أن يظهر الناس بمظهر الرقة والنظام والنظافة والمحافظة على حقوق الآخرين. ولعلى أشير إلى بعض الأمور المخلة بالذوق،وهي إشارات سريعة لا أقصد من ذكرها الاستقصاء، ففي المجالس واللقاءات العامة: ترى من يضع رجلاً على رجل أمام من هو أكبر منه سناً أو مقاماً، وتعجب ممن يكثر التنخم والنحنة، أو التمخط بصوت مرتفع، ولا يكلف نفسه عناء القيام إلى خارج المكان، ومن الأمور المستقذرة أن ترى من يتجشأ ولا يكتم ذلك ولا يجد في ذلك غضاضة!
وفي البدن والملابس: يتساهل بعض الناس في عدم الاغتسال فتشم منه رائحة العرق وأحياناً من جواربه ويتساهل في تنظيف أسنانه فتنبعث منه رائحة كريهة، وقد يأكل البصل والثوم ولا يأبه للآخرين
وفي كثير من مساجدنا يروعك منظر الأحذية المبعثرة أمام باب المسجد بطريقة فوضوية غير حضارية وقد اعتاد كثير من المصلين عدم استعمال الرفوف المخصصة لذلك، ومن المصلين من يرفع حذاءه بيده ثم يهوي به إلى الأرض فتسمع صوت ارتطامه بالأرض وكان الأليق به أن يخفض يده حتى يضع حذاءه على الأرض .ومن القبيح استعمال إمام المسجد أو المؤذن أصابع إحدى رجليه لفتح أو إغلاق مفتاح جهاز تكبير الصوت! ومما يعاب أيضاً أن يأتي المصلي إلى المسجد بملابس النوم.
ومن الآداب العامة التي يجب أن يتربى عليها الصغار والكبار الالتزام بالتسلسل ومراعاة الدور في الأماكن المزدحمة، مثل شراء التذاكر ومراجعة الدوائر والمستشفيات، والإخلال بذلك مظهر واضح من مظاهر التخلف، ومؤشر إلى وجود خلل في البناء التربوي للمجتمع.
وفي استعمال الهاتف الجوال: يعمد البعض إلى تسجيل المكالمة دون علم المتكلم وهذا نقص في الأمانة وضمور في الحياء، ومن غير اللائق طول مدة الاتصال من غير سبب مقنع سوى حب الثرثرة ! ومن الأدب أن لا يتصل متصل في بيته بين أولاده وسط ضجيجهم فينزعج من كان معه في الاتصال من اختلاط الأصوات !
وفي استعمال السيارة ترى عجباً من عدم اكتراث البعض بقواعد المرور
من تهور في القيادة ومسابقة السيارات الأخرى وتعريض الأرواح للأخطار وأحياناً إيقاف السيارة وقوفا خاطئا يدل على الاستهتار وعدم المبالاة كأن يوقف سيارته أمام بوابة بيت أو خلف سيارة أخرى أو يقفز بسيارته على الأرصفة للبعد عن الزحام.ومن الذوق الحسن أن تكون سيارة الإنسان كبيته وملابسه نظيفة .
وهذه الحواس الذوقية تستلهم من الميراث النبوي الكريم، ولعلي أعود لبعضها بشيء من التفصيل.