لماذا تقرصن البرامج؟
ما زالت البرامج المنسوخة بطريقة غير مشروعة هاجس الشركات المطورة لها، بل أصبحت تلك الشركات وعلى رأسها الشركات المؤسسة لاتحاد منتجي برامج الكمبيوتر BSA، الذي يضم 11 شركة تقنية عالمية‘ إضافة إلى عدة شركات عربية منتجة للبرامج، تؤثر بشكل أو بآخر في حكومات العالم بالضغط عليها لتسنين القوانين والأنظمة والعقوبات ضد قرصنة البرامج، وشن الحملات التفتيشية عليها.
ومع أن الجهات المعنية السعودية قامت, ومنذ وقت سابق, بالعديد من الحملات التفتيشية في أسواق الكمبيوتر، إلا أننا نجد أن تلك الحملات تتأثر بطريقة أو أخرى بالمعلومات التي تتوصل إليها حملات اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر محليا، والتي تقوم بدور المخبر السري، إذ تولي المهمة إلى أحد موظفيها أو أحد المتعاونين، مقابل مبلغ مادي، في التغرير بأصحاب محال بيع أجهزة الكمبيوتر، خصوصا تلك التي حصلت على تراخيص للبرامج الأصلية مقابل إنزال تلك البرامج في الأجهزة الكمبيوترية المباعة. بحيث أن يحاول الشخص المرسل من قبل الاتحاد في استعطاف أحد موظفي تلك المحال في الحصول على برنامج أو نظام منسوخ بطريقة غير مشروعة، مما يحدوا بهذا الموظف بشراء نسخة من باعة البرامج المقرصنة القاطنين أمام تلك المحال، دون علم أصحاب تلك المحال، لتبدأ العمليات القانونية بحقها بمجرد استلام الجهاز والكشف عليه داخل المحل.
لو أمعنا النظر قليلا، لوجدنا أن مندوبي الاتحاد وكذلك مندوبي الجهات المعنية بهذا الإجراء، يتطلب منهم الوصول إلى تلك المحال العبور من بين "البسطات" التي تبيع البرامج المقرصنة علناً. هذه البسطات والباعة الراجلة من العمالة الأجنبية ظلت تبيع هذه البرامج علنا في هذه السوق لأكثر من عقد.
وإذا تساءلنا عن استمرار العامة في حال حاجته لأي برنامج، فإن ما يخطر بباله الحصول على البرامج المنسوخة بطريقة غير شرعية من مواقعها المختلفة، رغم علمه الأكيد بعدم ثباتها واستقرارها وعدم خلوها من من العيوب. ولكن ما يجعلهم يلجؤون إليها واضح للجميع، فنجد أن عمليات القرصنة وانتشارها عالميا، خصوصا أن نسبها تصل في بعض الدول إلى أكثر من 92 في المائة، ينحصر في سبب رئيس هو السعر المبالغ فيه لقيمة تلك البرامج. ورغم تحجج الشركات المطورة لتلك البرامج، بأنه تعويض لتكاليف تطوير تلك البرامج، فنقول إن أسعار تلك البرامج في دول أخرى يقل إلى 80 في المائة عما هو لدينا. وأن بقاء السعر مرتفعا سيؤدي إلى استمرار عمليات قرصنة البرامج على أرض الواقع وعبر مواقع الإنترنت إلى ما شاء الله.
والشيء بالشيء يذكر، فعندما كان سعر الجوال عشرة آلاف ريال، كان ينحصر في فئة ضئيلة جدا، ولكن عندما خفض إلى درجة المجانية، انتشر ليصبح في يد كل شخص، بل أن كل منزل به ما لا يقل عن ثلاثة جوالات. فلماذا لا تلجأ الشركات التي تنفق مئات الملايين من الدولارات على حماية برامجها ومتابعة مقرصنيها، إلى خفض قيمة تلك البرامج وتوفيرها بأسعار معقولة تتناسب مع دخل الفرد وأسعار أجهزة الكمبيوتر، التي قد لا تشكّل 20 في المائة من قيمة النظام والبرامج التي تحتويها.