الأحساء: المباني المهجورة والآيلة للسقوط .. هل عز الحل؟
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل بلدية الأحساء لحصر وإزالة المباني الآيلة للسقوط والمهجورة من خلال لجنة الحصر والإزالة التي باشرت عملها أخيرا ومازالت تزاول عملها وفق آلية البلاغات المقدمة من المواطنين وبعض الجهات الحكومية مثل المحافظة والدفاع المدني إلا أن تلك المباني والمنازل مازالت منتشرة في مدن وقرى الأحساء بشكل كبير ومزعج، حتى أضحت نقطة انطلاق للمشكلات بمختلف أشكالها كونها أماكن لا يصل إليها المسؤولون في الأوقات الطبيعية.
وأصبحت هذه المنازل مأوى للهاربين والفارين، حيث تشكل خطورة كبيرة على المناطق التي تجاورها خاصة أنها مؤهلة بشكل كبير لنشوب حريق بداخلها، كما أن بعض تلك المنازل تحولت إلى حاويات للقمامة حيث يعمد البعض إلى إلقاء النفايات فيها دون الاكتراث بالأضرار الصحية التي قد تسببها .
انزعاج من قبل المواطنين :
في هذا الإطار، عبر عدد من المواطنين في بعض مدن وقرى الأحساء عن انزعاجهم من وجود بعض المباني المهجورة أو الآيلة للسقوط في أحيائهم دون أن تضع الجهات المختصة حلولا جذرية للسلبيات التي تسببها. وأكد حمد المسعد أن تلك المباني أصبحت مصدر إزعاج وقلق لسكان الأحياء, خصوصا أن معظم هذه المنازل تقع وسط الحارات والأحياء، مطالبا المسؤولين التدخل السريع وإيجاد حلو خوفا من التمادي في الإهمال خاصة من فئة الأطفال، أما سعد العويني فأشار إلى أن
الأهالي يلقون النفايات في المنازل المهجورة التي لا تكترث البلدية بها بتنظيفها حيث تتراكم الأوبئة والأمراض حتى أصبحت تلك البيوت أماكن لتشويه المنظر العام سواء في المدينة التي ننتمي إليها أو الحي الذي تقع فيه حيث المنازل ذات التصميم الجمالي الذي يواكب التطور الحديث ويقع بقربها بيت مهجور تسكنه الأشباح والأوساخ.
مشكلات صحية وبيئية
وفي أحد الأحياء التي تقع في وسط الأحساء قال عبد الله النعيم إنه يسكن في هذا الحي وتحيط به المنازل المهجورة والتي تشكل خطرا على أبنائه لأن أغلب اللصوص والفاسدين يجلسون فيها إلى وقت الظهيرة مشيرا إلى قيام مجهولين بحرق المخلفات الملقاة بداخلها.
وطالب النعيم الجهات المسؤولة باتخاذ الإجراءات المناسبة للتخلص من هذه المشكلة مؤكدا أن هذه البيوت بدأت تحدث مشكلات للمنازل المجاورة لها خاصة من الناحية البيئية.
المبرز .. أزمة أخرى
أما في مدينة المبرز حيث يعاني سكان أحياء تلك المدينة أزمة خانقة نتيجة إهمال البلدية إزالة البيوت "الآيلة للسقوط " مما ترك بعض المشكلات الصحية وأصبحت مصدر خطورة نظرا لإمكانية سقوطها في أية لحظة خاصة في أحياء صاهود، العتبان والسياسب.
وقد استوقفنا أحد الأهالي الذي يسكن بالقرب من أحد البيوت الساقطة والمهجورة فقال "أنا وجيراني متضررون بشكل كبير من المنزل المجاور لنا فهو قد أصبح مصدرا للأوبئة نتيجة رمي المجاورين الأوساخ والفضلات في المكان نفسه, إضافة إلى تجمع القطط والفئران والتي أصبحت تهدد سكان الحي مما جعل الأمراض تنتشر في الحي ورغم ندائنا للبلدية أكثر من مرة بهدم تلك المنازل وإزالتها إلا إننا حتى هذه اللحظة لم نر أي تجاوب ملحوظ، وعندما أخبرناه أن البلدية قد شكلت لجنة لحصر وإزالة تلك المباني استبشر خيرا وقال نأمل أن تكون الإزالة في أسرع وقت ممكن.
مخاوف وهواجس
المخاوف تزداد يوما بعد آخر من بقاء تلك المنازل المهجوره بشكلها الحالي مما يشكل رعبا لدى سكان بعض الأحياء لاعتقاد عامة الناس أن الجن يقيم بتلك المنازل، فكثير من الناس يتحدثون بطلاقه عن وجود مخلوقات لا ترى بالعين وهي تصدر حركات غير اعتيادية ، فيما يرى فريق آخر أن الأمر لا يعدو كونه منزلاً مهجوراً ولا علاقة للجن به .
أحد المواطنين في ذلك الحي يقول إن أكثر فئة تروج الشائعات عن وجود جن أو أشباح هن النساء حتى أصبحت هذه الشائعات حقائق مسلما بها في حين أرى أن الأمر لا يعدو كونه منزلاً مهجوراً فقط.
نباتات وحشائش خطيرة
العديد من المواطنين يتذمرون من وجود بعض النباتات التي تنتشر في وسط وحول تلك المنازل المهجورة حيث تشكل تلك النباتات خطراً جسيماً على الصحة وخصوصا الأطفال ، وأشار سعود العتيبي إلى أن هذه النباتات تؤوي الكثير من الزواحف السامة والحشرات الضارة حيث أعتدنا على رؤية العقارب والأفاعي وهي تخرج من وسط النباتات والحشائش ونعيش معاناة حقيقية من وجود هذه النباتات ونحرص على منع أطفالنا من الاقتراب منها خاصة مع كثرة الحرائق التي تحصل بسببها وهو ما دعا سيارات الدفاع المدني للحضور أكثر من مرة لإخمادها. وطالب العتيبي المسؤولين في البلدية بسرعة إزالة هذه النبانات والقضاء عليها حفاظاً على سلامة الجميع من الأخطار التي تسببها هذه النباتات التي تتكاثر في أماكن المستنقعات.
سعد الوسمي, أحد سكان مدينة الطرف, يقول عندما سألناه عن رأيه :إهمال المنازل المهجورة مسؤولية كبيرة ولا يعقل أن يكون هناك منزل لا يوجد له مالك. وإن كانوا قد تركوا هذا الحي وانتقلوا إلى أحياء أخرى من الضروري أن يسعى أصحاب المنازل الآيلة للسقوط إلى استثمارها وإعادة بنائها أو ترميمها كما أنه لابد من تدخل الأجهزة الأمنية لوضع السبل الكفيلة بفرض الرقابة على مثل هذه المنازل باستمرار لمعرفة ما الذي يدور في داخلها.
المنازل المهجورة مأوى للعمالة الوافدة
وكان لشبيب الودعاني, أحد المواطنين الذي يسكن في أحد الأحياء الشعبية, رأي آخر حيث قال: إهمال المنازل المهجورة تسبب في وجود العمالة الوافدة المتخلفة بصفة مستمرة داخل الأحياء الشعبية وهذه العمالة لا تعرف النوم أو الراحة وتتجول طوال ساعات اليوم. وأضاف: عندما نخرج من المسجد بعد أداء صلاة الفجر نشاهد بعضهم أمام المنازل المهجورة وهذا يسبب لنا القلق ويربك قاطني الحي وأصبح لدى سكان الحي شعور بأن هذه العمالة تخطط للسرقات بسبب حركاتهم المريبة ليلاً وسهرهم حتى الصباح. أما سعود الثويقب من سكان أحد أحياء قرية الكلابية, فأكد أن الحي الذي يسكن فيه يشهد سكن العمالة الوافدة مع العوائل ولا أعلم ما سر إصرار أصحاب العقارات على قيامهم بالسماح للعمالة للاستئجار في هذا الحي؟ والأدهى من ذلك وجود العديد من المباني المهجورة فيه والتي أصبحت مأوى للعمالة المتخلفة وكذلك للحيوانات خاصة الفئران التي تتجول في شوارع الحي دون أن تكون هناك مكافحة لانتشارها من الجهات المسؤولة وخصوصا البلدية.
بلدية الأحساء: آلية للحصر عبر التصوير الفوتغرافي
أكد المهندس فهد الجبير, رئيس بلدية الأحساء, أن هناك لجنة مختصة بمتابعة مثل هذه المنازل والتي تهدد سلامة المارة أو الجيران وبمجرد الإبلاغ عن أي مبنى منهار فإن اللجنة تقف عليه وتتحقق من تهديده للسلامة وبعد التحقق من الملكية يكلف صاحب المبنى بالإزالة أو تقوم البلدية بإزالة المبنى إذا كان المالك مجهولا.
وأضاف المهندس الجبير " إن مشروع حصر وإزالة المباني الآيلة للسقوط والمهجورة أحد المشاريع المهمة نظرا للمساحات الكبيرة للمناطق القديمة لمدينتي الهفوف والمبرز والتي شكلت النسيج العمراني التقليدي للمدينتين والذي يتكون من مبان طينية أو مبنية بالبلوك (بناء عربي) والأسقف المدعمة بالمرابيع الخشبية مع أزقة ضيقة ومتعرجة تشكل شبكة طرق غير منتظمة. كما أن أجزاء كبيرة من تلك المناطق عبارة عن مبان خربة وغير مأهولة تجعل من مشروع الحصر والإزالة من الأهمية للأسباب التالية ضمان سلامة المستخدمين من ساكنين ومارة، الدواعي الأمنية وسد الباب أمام أصحاب النفوس الضعيفة أمنيا وأخلاقيا، تحسين المظهر الحضاري العام للمدينة .
وحول آلية العمل بالمشروع ذكر المهندس الجبير أنه سيكون وفق آلية المسح الميداني الذي يعتمد تقسيم مناطق العمل جغرافيا وفق المصورات الجوية للمناطق المستهدفة حيث يقوم فريق المسح الميداني بالوقوف على الطبيعة ومعاينة جميع المباني في منطقة الهدف لتقييمها والبت فيما إذا كانت تقع ضمن المباني المستهدفة من عدمه. على أن يقوم الفريق بعمل الرفع المساحي للعقار وتصويره فوتوغرافيا وملء استمارة المعاينة وإعطاء العقار رقما تسلسليا وبعد انتهاء الجولة الميدانية تفرغ المعلومات في قاعدة البيانات بالحاسب ليتم إصدار تقرير فني لكل حالة ثم تحرير إشعار للمالك إذا كان معروفا للجنة أو عن طريق العمدة.
كما أن الأنظمة تنص على إعطاء المالك فترة لا تزيد على شهرين فإذا لم يقم المالك بأعمال الإزالة خلال تلك الفترة تقوم البلدية بإزالة العقار مع إلزام المالك بدفع الغرامة المنصوص عليها مع دفع تكلفة الإزالة. وأوضح المهندس الجبير أن البلدية تأخذ في الاعتبار المباني ذات القيمة التاريخية والتراثية وتقوم بالتنسيق الكامل مع الهيئة العليا للسياحة في إمكانية إدراج المباني ضمن المعالم السياحية في المنطقة، وأضاف أن المشروع يستهدف جميع المباني التي تقع ضمن دائرة المباني الخربة وهي المباني ذات العيوب الإنشائية والتي تشكل خطرا على سلامة الساكنين أو المجاورين أو مستخدمي الطريق سواء كانت بناء طين أو عربيا أو مسلحا، المباني الخربة المهجورة مهما كان نوعها والتي من شأنها أن تكون مأوى لأصحاب النفوس الضعيفة أو تكون مرمى للنفايات وتجمع القوارض والأوساخ وتشكل خطرا على البيئة حتى إذا كانت غير آيلة للسقوط. وأهاب المهندس فهد الجبير بجميع المواطنين ممن لهم مبان مهجورة أو آيلة للسقوط أو خربة خصوصا في الأحياء القديمة من مدينتي الهفوف والمبرز التعاون مع البلدية بإزالتها أو صيانته.