الاستمطار .. هل يكون في الزمان والمكان المحددين؟

الاستمطار .. هل يكون في الزمان والمكان المحددين؟

أسهمت العوامل التي شكلت مناخ المملكة في وقوع أراضيها في ظل المناخ الصحراوي الجاف الأمر الذي جعلها مقفرة مائياَ، علاوة على التذبذب في هطول الأمطار وقلتها ونظراَ لشح الموارد المائية وظروف التوسع السكاني تبرز أهمية عمليات الاستمطار.
وكان لزاماً أن يتدخل العلم الحديث في معالجة الجفاف المقدر ومحاربة التصحر عن طريق استحلاب السحب ولا يعني مفهوم "الاستمطار" أو "إثارة المطر اصطناعياً" الهطول من السحابة المحدثة بفعل بشري. إذ إن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى تلك الخطوة التي يصبح عندها بالإمكان تشكيل سحب في الجو تعطي أمطاراً في الزمن والمكان المطلوبين والمحددين. علماً بأن التجارب المخبرية نجحت في ذلك والعلماء يحاولون الآن ترجمتها على الواقع. فالاستمطار الحاصل الآن هو محاولة إسقاط الأمطار من السحب الموجودة في السماء سواءً ما كان منها مدراً بشكل طبيعي للأمطار أم لم يكن كذلك، عن طريق القيام بزرع السحب الباردة بغرض حثها على إدرار محتوياتها المائية، لأن الماء الموجود في السحب يتكاثف حول حبيبات دقيقة من الغبار والأملاح التي تثيرها الرياح. وتسقط بفعل الجاذبية بعد ازدياد وزنها على شكل قطرات ماء. والمواد المستخدمة لاستحلاب السحب تعمل عمل الغبار والأملاح التي تثيرها الرياح.
وتتلخص عملية الاستمطار في حقن السحب بنويات التجمد أو التكاثف التي تسرع حدوث المطر من خلال الإسراع في الوصول إلى مرحلة نمو قطرات السحب وبلورات الجليد وزيادة سماكة السحابة المحقونة و زيادة المساحة التي يطولها الهطول وإطالة زمن الهطول وأخيراً زيادة كمية الهطول.
وبدأت التجارب الأولى لإثارة المطر اصطناعياً في ثلاثينيات القرن الماضي وغدت الآن ظاهرة يطبقها معظم دول العالم استخدام العديد من التقنيات لإحداث المطر اصطناعياً سواء باستخدام محرضات السحب التقليدية أو باستخدام البكتريا كنويات تجمد أو بتطبيق نظرية الاندماج. وتعود فكرة استحلاب السحب إلى العالم النيوزيلندي (فيراث) سنة 1931م حيث قام بقذف حبيبات ثلج مجروش في الجزء العلوي من السحابة الركامية بواسطة الطائرة إلا أن النتائج كانت غير مرضية.
وفي العام 1932 قام العالم الألماني ( فنديش) باستخدام حبات الرمال كمواد بذر غير أن العملية لم تولد نتائج ملموسة. إلا أن العالمين الأمريكيين ( شيفر ولانغموير) نجحا في عملية الاستمطار بعد قذف بلورات الثلج في ظروف درجة حرارة مناسبة . وفي عام1949م تمكن العالم الأمريكي (فونيقوت) من اكتشاف تقنية أخرى لبذر السحب توصل هذا الاكتشاف إلى أنه عند درجة حرارة أقل من( - 5م) يصبح بالإمكان استخدام يود الفضة كمادة فعالة في بذر السحب.
أما في العصر الراهن فتتم عملية الاستمطار باستخدام طائرة مزوده بأجهزة خاصة لوضع المواد الأساسية للاستمطار. وبعضها على شكل قاذفات الألعاب النارية وبعضها الآخر على شكل قمع يتسع تدريجياً نحو الخارج ويتوهج فجأة عند الاستعمال. وعند وجود السحب الركامية والرياح المعاكسة تطلق هذه الطائرات المواد المتكونة من يوديد الفضة وبيركلورايت البوتاسيوم مع بعض المركبات على شكل ذرات دقيقة تقوم مقام ذرات الغباربحيث تمتص بخار الماء بالتكثيف ويكبر حجمها ويزداد وزنها فتنهمر مطراً بفعل الجاذبية الأرضية.

عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

الأكثر قراءة