أرباب "الشعبوية" و"القرش" ومحدثو الشعر.. خربوا بيته!

أرباب "الشعبوية" و"القرش" ومحدثو الشعر.. خربوا بيته!

حين يتعلق الأمر بما يسمى مجازا "صحافة الشعر الشعبي" في الخليج، فإن الصورة الذهنية التي تنتقل إلى عقل متلقي الجملة الآن هي "التسول"، دون أن نسأل عن سبب ذلك أو ندخل في تفاصيل كررها "بعض" ممن لا يخافون في الشعر لسعة "دبور"! إن اتفقت معنا أيها القارئ الكريم على هذه البداية أكمل قراءتك على الرحب والحقائق، إن لم تعجبك أو لم تتوافق مع أفكارك الخاصة عن "صحافة الشعر الشعبي" إقلب الصفحة وكأنك لم تر شيئا!

دونما الحاجة إلى سرد قصة الشعر مع التسوّل منذ الجاهلية وشعراؤها ووجهاءها يكفي أي متابع أن يعيد ذاكرته للوراء سنة واحدة فقط ليتذكر معنا ما الذي حدث في برنامج شاعر المليون من قتل للشعر وإحياء للنعرات القبلية و"الشحاذة" بشكل مباشر على الهواء مباشرة، بمباركة من لجنة البرنامج التي كانت تبتسم وتردد الجملة البلهاء التي خرجت معهم من أوسط الحلق تماماً تلك الجملة التي يقول فيها الناقد للشاعر الشحّاذ "لاشك أن الممدوحين يستحقون هذا المدح"، ثم يلحقها بجملة استدراكية ساذجة كقوله "ولكن هذا لا يعني التغافل عن ما جاء في النص من أخطاء"، والناقد حين يمرر هاتين الجملتين فإنه يعلم أن الجملة الأولى أقوى وأدعى للفائدة، وأن الأمر بيد الوجيه والمصوّتين الذين سيرفعون سهم الشاعر عالياً مهما كانت الدرجة التي وضعتها اللجنة، كما حدث مع الشاعر يوسف العصيمي الذي حاولت اللجنة أن تقصيه غير مرة إلاّ أن التصويت كان يعيده بقوّة "المال"، وعلى الرغم من أن هذا الشيء لم يفت من يقرأون ما بين الأسطر إلاّ أن اللجنة بدأت تسرب بين الصحافيين دائماً أنها تقف بقوة ضد القبلية والتسول وعندما وجه لها السؤال الصريح "هل ستسمحون في النسخة الثانية بتكرار ما حدث في النسخة الأولى من نعرات قبلية وتسوّل؟" أجابوا بصريح العبارة "لا" واستدركوا فقالوا "ولكننا لن نعطي أي شاعر درجة عالية إن هو اتخذ هذا الطرح كوسيلة للوصول!"، وحسب هذا الكلام فإن الكلام المجاني الذي أطلقه مسؤولو البرنامج قبل بدايته من أنهم لم يقيموا هذه المسابقة سوى لخدمة الشعر بات كلاماً استهلاكياً واستدراراً عاطفيا سمج.
على هذا الغرار جاءت "قصيدة التحدي" التي توسم الناس فيها خيراً، فأنت حين تحضر بعد تجربة سابقة لها مالها من إيجابيات وسلبيات يفترض بك أن تبدأ من حيث توقفوا، حتى وإن كانت خطواتهم ليست إلاّ خطوتين لا أكثر!، قصيدة التحدي أخذت وهجها الحقيقي من اسمين اثنين فقط هما فهد عافت ونايف صقر، اللذين كانا واجهة التحدي الحقيقية للبرنامج، إلاّ أن البرنامج وقع في فخ الطمع المادي مبكراً حتى قبل أن يبدأ البث المباشر، فما أن انتهى البرنامج من لقاءات الشعراء واجازتهم حتى قامت القناة المسؤولة بوضع صور الشعراء في إطارات صغيرة متراصة على جانب الشاشة طالبة من الجمهور التصويت للشاعر الذي يودون رؤيته في دبي!، وفي صورة من أبشع صور الاستغلال والضعف المهني وعدم احترام العاملين في اللجنة الابتدائية قامت القناة بوضع صورة أحد الشعراء للتصويت مع أن اللجنة الابتدائية لم تجز القصيدة التي شارك بها! وعلى أن اللجنة الرئيسة قد قامت بتأهيل عدد كبير من الشعراء إلى المرحلة النهائية من البرنامج، إلاّ أن القائمين على البرنامج غيّروا من خطة سيره باعتماد التصويت فقط كشرط للتأهيل وذلك قبل بداية البرنامج بأسبوعين اثنين فقط، وبعد أن أقفلت نوافذ التصويت، ما حدا بالشعراء فهد عافت ونايف صقر إلى الانسحاب من البرنامج، الشيء الوحيد الذي يحتاج إليه هذا البرنامج ليصبح نسخة مشوهة "بالكامل" من برنامج شاعر المليون، هل تعرفون ما هو هذا الشيء؟ هو ذاك الشيء الذي لا يهم أن يلتزم بموعد حضور، ولا يمكن أن تكون القصيدة أهم منه في أي حال من الأحوال، هو عصب النجاح الذي يرجوه الكل، مذيعون ومعدون ولجان تحكيم ومتسابقون وجمهور وأكاديميون وعوام، هو "القرش" الذي لا يراه هؤلاء موجودا في "قصيدة التحدي" رغم ادعاءات القائمين على البرنامج وإيحاءاتهم بوجوده!
هذه الموجة "الإس إم إسية" ستنتهي يوما ما، وقريباً جداً كما نتوقع، ولكنها لن تنتهي قبل أن تأتي على الأخضر واليابس من الشعر، سنحتاج إلى سنوات عديدة ليتعافى الشعر من سقمه فهم كما قيل دائماً "يمرض ولا يموت".

الأكثر قراءة